مصر: ذبح زوجته يوم الصباحية تحت ذريعة الشك ب”عذريتها”

صدور حكم الإعدام بحق المعنف محمد مصطفى

قضت محكمة جنايات مستأنف أسيوط  (مصر) بتأييد حكم الإعدام الصادر بحق المعنف محمد مصطفى الذي أقدم على قتل زوجته أزهار عيد، البالغة من العمر 16 عامًا، صباح اليوم التالي لزفافهما في قرية الفيما التابعة لمركز الفتح بمحافظة أسيوط، بعد أن ساورته شكوك حول “عذريتها”.
لم تكن الجريمة نتيجة نزوة فردية، بل انعكاسًا لثقافةٍ متوارثة تضع جسد المرأة في موقع المحاكمة الأخلاقية، وتمنح الرجل سلطة القتل تحت ذريعة “الشرف”.

ليلة زفاف تتحوّل إلى مأساة

في الأول من سبتمبر/أيلول 2024، احتفل الأهالي بزفاف الشابة أزهار عيد على المعنف محمد مصطفى في أجواء غمرتها الفرح. لكنّ ساعات قليلة بعد الزفاف كانت كافية لتحويل الفرح إلى كارثة: اتهم الزوج المعنف عروسه بأنها “ليست بكرًا” فقط لأنها لم تنزف دمًا كما كان يتوقّع، فانهال عليها بالكلام القاسي، ثم بالسكين، في جريمة تكرّس أبشع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي اليوم التالي، أقدم على ذبحها بوحشية، وفصل رأسها عن جسدها مستخدمًا سكينين، ثم نزل إلى والديه حاملًا الرأس في مشهد يفوق الوصف قسوةً ولا إنسانية.

 

أقرّ المتهم بجريمته، مؤكدًا أنه أقدم على القتل بسبب شكوكه الشخصية.

الطب الشرعي يكشف الحقيقة

أثبت التقرير أن سبب الوفاة هو جرح ذبحي بالعنق أدى إلى فصل الرأس عن الجسد وقطع الأوعية الدموية والقصبة الهوائية، ما تسبب في هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية ووفاتها في الحال.
وأقرّ المعنف بجريمته، مؤكدًا أنه أقدم على القتل بسبب شكوكه الشخصية، بينما أثبتت التحريات أنه لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي.

في المجتمعات الأبوية، يُمنح الرجل سلطة “الحكم” على جسد المرأة.

ثقافة “الشرف” التي تقتل

تكشف هذه الجريمة عن عمق الجهل المتجذّر في مفاهيم العذرية والشرف، حيث يُربط كيان المرأة الأخلاقي بوجود غشاء جسدي يختلف شكله ووظيفته من امرأة إلى أخرى، كما تؤكد الدراسات الطبية.
وتُظهر الحادثة كيف تتحوّل المعرفة الجنسية المغيّبة إلى عنفٍ مادي مباشر، تدفع النساء ثمنه بأجسادهنّ وحياتهنّ، في ظل غياب التربية الجنسية والعاطفية، وغياب خطاب ديني وعلمي يعيد تعريف “الشرف” بوصفه قيمة إنسانية لا بيولوجية.

ففي المجتمعات الأبوية، يُمنح الرجل سلطة “الحكم” على جسد المرأة، في حين يُسلب منها الحق في المعرفة والدفاع عن نفسها، لتتحوّل جرائم الشرف إلى أداة لإعادة إنتاج السيطرة الذكورية باسم الأخلاق.

 

“الشرف” لا يُقاس بغشاء، ولا تُستعاد الكرامة بعد القتل.

الأم التي ماتت مرتين

لم تنتهِ المأساة عند مقتل أزهار. فوالدتها توفيت بعد شهر من الحادثة حزنًا على ابنتها.
ورغم أن تقرير الطب الشرعي أنصف الضحية، فإن الحقيقة المؤلمة تبقى أن أزهار لم يكن يلزمها إثبات عذريتها أصلًا، لأن “الشرف” لا يُقاس بغشاء، ولا تُستعاد الكرامة بعد القتل.

 

بين العدالة القانونية والعدالة المعرفية

جاء الحكم بالإعدام ليُنصف الضحية قانونيًا، لكنه لا يُنهي جذور العنف. ينبغي أن تتبنّى المناهج التعليمية والإعلام والجهات الدينية خطابًا جديدًا يحرّر الجسد الأنثوي من سلطة الوصم، ويؤكد أن الكرامة الإنسانية غير قابلة للقياس أو الشك.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد