
حرق الجثث في الفاشر: مجازر قوات الدعم السريع بين الإبادة والتعتيم
أعلنت شبكة أطباء السودان أنّ قوات الدعم السريع ارتكبت واحدة من أبشع الجرائم ضد المدنيات/ين في مدينة الفاشر، بعدما جمعت مئات الجثث من الشوارع والأحياء السكنية وأقدمت على دفنها في مقابر جماعية، فيما أُحرقت جثث أخرى بالكامل.
وأكّدت الشبكة في بيانها أنّ هذه الممارسات تمثّل انتهاكًا صارخًا لكل الأعراف الإنسانية والدينية، ومحاولة ممنهجة لإخفاء الأدلة على جرائم الإبادة الجماعية المستمرة في المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام ونصف.
View this post on Instagram
الفاشر… مدينة تُباد بصمت
لم تكن هذه الجريمة معزولة، بل فصلًا جديدًا من مسلسل القتل الجماعي الذي تشهده ولاية شمال دارفور.
فمنذ سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2025، تتواتر شهادات الناجيات/ين والنازحات/ين عن انتهاكات مروّعة طاولت المدنيات/ين في منازلهم وفي طريق النزوح نحو مدينة طويلة، وسط غياب أيّ حماية أو تدخل دولي فعّال.
النساء اللواتي نجون من الموت، وجدن أنفسهنّ نازحات في العراء.
النساء في مرمى الإبادة
تحدّثت تقارير محلية عن مقتل ما لا يقلّ عن 300 امرأة خلال يومين فقط في مجازر الفاشر الأخيرة، في مشهد يُعيد تكرار النمط ذاته الذي طال النساء في مناطق النزاع السودانية منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023.
النساء اللواتي نجون من الموت، وجدن أنفسهنّ نازحات في العراء، فقدنَ أسرهنّ ومنازلهنّ وأجسادهنّ المهددة بالاعتداء والعنف الجنسي، وسط صمتٍ دوليٍّ مهين يرسّخ تواطؤ المجتمع الدولي مع قوى الإبادة.
View this post on Instagram
من الحصار إلى الحرق
تؤكد شبكة أطباء السودان أنّ الفاشر اليوم تمثل نموذجًا مكتمل الأركان لجريمة الإبادة الجماعية، إذ تجاوزت الأوضاع حدود الكارثة الإنسانية إلى عملية ممنهجة تستهدف تدمير الحياة والكرامة البشرية.
فالحصار الذي امتدّ لأشهر، أعقبه تجويع قسري ومجازر جماعية، وصولًا إلى حرق الجثث لإخفاء الهوية والمعالم. هذه الممارسات لا تُنهي فقط حياة الأفراد، بل تسعى إلى محو ذاكرتهم الجماعية، وطمس أثرهم من التاريخ.
الفقر والمجاعة… وجه آخر للحرب
وفي ظلّ استمرار القتال، كشفت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة أنّ المجاعة تضرب بقوة في الفاشر وكادوغلي نتيجة الحصار المفروض من قوات الدعم السريع.
وتحوّلت النساء إلى عمود البقاء الأخير لأسرهنّ، يتولين جمع الطعام، ورعاية الأطفال، ودفن الموتى بأيديهنّ، في ظلّ غياب شبه تام لأيّ مساعدات إنسانية أو حماية قانونية.
العدالة هي السبيل الوحيد لوقف الإبادة الممنهجة ضد الشعب السوداني
دعوة إلى المساءلة
دعت شبكة أطباء السودان المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل في جرائم الفاشر، مؤكدة أنّ الحرق لا يمحو الجريمة، وأنّ العدالة هي السبيل الوحيد لوقف الإبادة الممنهجة ضد الشعب السوداني، نساءً ورجالاً وأطفالًا.
وتحمّل الشبكة قيادة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، مطالبةً بتفعيل آليات العدالة الدولية وإنقاذ من تبقّى من المدنيات/ين.