الأمم المتحدة: النساء السودانيات في مواجهة الجوع والعنف الجنسي

“في كلّ يومٍ يتأخر فيه العالم عن التحرك، تلد امرأة تحت القصف، أو تدفن طفلها جوعًا، أو تختفي دون أثر”… بهذه الكلمات لخّصت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب أفريقيا، فصول المأساة التي تعيشها النساء في السودان، ولا سيّما في مدينة الفاشر، مركز الكارثة الأخيرة.

تروي نساء نزحن من الفاشر إلى مدينة طويلة وقرى أخرى في شمال دارفور، أنّ حياتهن باتت سلسلة من النجاة اليومية،

“نساء وضعن أطفالهن في الشوارع بعد تدمير آخر مستشفيات الولادة”. “أمهات يُجبرن على المشي لساعات لإحضار الماء أو جمع الحطب وهنّ يعلمن أن كلّ خطوة قد تُعرّضهن للعنف الجنسي.” “فتيات يختفين في الطريق ولا يُعرف مصيرهن.”

تقول إحدى النازحات: “كنا ننام ونحن نحمل أطفالنا كي لا يأخذهم أحد، ونصحو على القصف أو الجوع أو الخوف.”

لاغتصاب يُستخدم بشكلٍ مقصود ومنهجي في الحرب الدائرة في السودان

أجساد النساء كمسرح للجريمة

أكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أنّ الاغتصاب يُستخدم بشكلٍ مقصود ومنهجي في الحرب الدائرة في السودان، حيث تحوّلت أجساد النساء إلى ساحة صراع، تُنتهك فيها الكرامة ويُمارَس العنف الجنسي كسلاح حرب.
وأضافت موتافاتي أن “النساء والفتيات لم يعدن مجرّد إحصاءات، بل أصبحن مقياس إنسانيتنا جميعًا”، مشددةً على أنّ “لا أماكن آمنة” اليوم في دارفور، لا للحصول على الرعاية الطبية ولا حتى للدعم النفسي والاجتماعي.

 

الجوع بين النساء ينعكس مباشرة على أطفالهن الرضّع.

الجوع كوجهٍ آخر للعنف

في شهاداتٍ جمعتها الهيئة، تحدّثت النساء عن الخيارات المستحيلة التي يُجبرن على اتخاذها: بين الطعام والدواء، بين الكرامة والبقاء. الاحتياجات الأساسية للنساء والفتيات – من الغذاء والفوط الصحية والرعاية الصحية – تقع في آخر أولويات المساعدات، رغم أنّ معاناتهن تتفاقم يومًا بعد يوم.

ففي شمال دارفور، تبلغ كلفة عبوة الفوط الصحية الواحدة 27 دولارًا، بينما لا تتجاوز قيمة المساعدة النقدية الإنسانية الشهرية 150 دولارًا لأسرة من ستة أفراد. وتُجبر أمهات كثيرات على تجويع أنفسهن ليأكل أطفالهن، فيما تُحرَم المراهقات من الطعام أكثر من غيرهن، ما يؤدي إلى سوء تغذية طويل الأمد. ويحذر العاملون والعاملات في القطاع الصحي من أنّ الجوع بين النساء ينعكس مباشرة على أطفالهن الرضّع، إذ تتزايد حالات سوء التغذية الحاد بسبب ضعف الرضاعة الطبيعية الناتجة عن الجوع والإجهاد.

نزوح قسري وانهيار الخدمات

منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول، بعد أكثر من 500 يوم من الحصار، سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، ما أدى إلى موجة نزوح كبرى. وفق تقارير المنظمة الدولية للهجرة، نزحت خلال الأسبوعين الماضيين نحو 90 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، فيما لا يزال عشرات الآلاف محاصرات/ين داخل المدينة.

وفي ظلّ استمرار القصف والهجمات البرية، تفرّ النساء إلى مناطق مثل طويلة وكورما ومليط، لكنّ المساعدات هناك شبه معدومة، والمستودعات الإنسانية شبه فارغة.
قالت المديرة العامة للمنظمة، إيمي بوب، إنّ “فرقنا تعمل بأقصى طاقتها، لكنّ انعدام الأمن ونفاد الإمدادات يتركاننا عاجزين عن الوصول إلا إلى جزءٍ ضئيل من المحتاجات/ين.”

 

كارثة وشيكة وانهيار إنساني

تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن السودان يقف على أبواب مجاعة واسعة النطاق، خصوصًا في الفاشر وكادقلي (عاصمة ولاية جنوب كردفان). وتُهدد القيود المفروضة على مرور القوافل الإنسانية بوقف تام للعمليات، في وقتٍ تعيش فيه المجتمعات على فتات النجاة.

وتدعو المنظمات الأممية إلى تحرّك عاجل من الجهات المانحة والمجتمع الدولي لمنع مزيد من الخسائر في الأرواح، وتأمين وصول آمن للمساعدات وإعادة الكرامة للمجتمعات المتضررة.

 

نداء أممي عاجل

من بورتسودان، دعا توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، إلى وقف الفظائع فورًا وضمان التمويل اللازم للمنظمات الإنسانية. وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق على ضرورة حماية المدنيين ومنح فرق الإغاثة وصولًا آمنًا ومستدامًا لتقديم المساعدات عبر خطوط المواجهة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد