النيابة الهولندية تطالب بسجن عائلة عذّبت طفلات/أطفالًا سوريات/ين

قضية تعذيب على يد عائلة هولندية حاضنة

في واحدة من أبشع قضايا العنف ضد الطفلات/ الأطفال اللاجئات/ين في أوروبا، تصاعدت التغطية الإعلامية في هولندا حول قضية تعذيب طفلات/ أطفال سوريات/ين على يد عائلة هولندية حاضنة. وتطالب النيابة العامة بسجن الزوجين المتهمين جون وديزي فان دن ب. (38 عامًا) لمدة 11 عامًا، وإخضاعهما لعلاج نفسي إلزامي، بعد ارتكابهما انتهاكات مروّعة بحق طفلين سوريين وطفلتين بالتبني.

 

عنف ممنهج قائم على العنصرية والتمييز

وصف المدعي العام الهولندي القضية بأنها من “أكثر قضايا الإساءة للطفلات/للأطفال حدة في البلاد”، قائلاً: “هذه القضية فريدة من نوعها في فظاعتها لا يتعلق الأمر فقط بالقصاص لما لحق بالطفلات/الأطفال من معاناة، بل أيضًا بمنع تكرار مثل هذه الأفعال”.

وأشار إلى أنّ سوء المعاملة لم يقتصر على طفل/ة واحد، بل طال جميع الطفلات/الأطفال في المنزل، في ممارساتٍ اتسمت بالتمييز العرقي ضد الطفلات/الأطفال السوريات/ين، الذين عوملن/وا على أنهم أقل قيمة من نظرائهن/م الهولنديات/ين.

 

شهادات الأطفال السوريين “كان الأمر جحيمًا”

أدلى الطفلان السوريان بشهادات مؤلمة أمام المحكمة. قال أحدهما: “كان الأمر جحيماً… كان عليّ أن أتحمل كل شيء وأشاهد ما فعلوه بأخي، لكنني لم أستطع فعل شيء”. روى الصبي تفاصيل العقاب الذي شمل الركل والضرب ورمي أعقاب السجائر على جسديهما، مضيفًا: “أعتقد أن السبب هو أننا لسنا أطفالاً هولنديين كانوا ألطف مع الطفلات/ الأطفال الآخرين”.

كما كشف أن العائلة الحاضنة أجبرت الأطفال على تشويه صورة والدتهم أثناء مكالمات الفيديو، وادّعت أن الأم السورية تخلّت عنهم طوعًا، بينما كانت في الواقع تحاول استعادة حضانتهم وحمايتهم.

الأم السورية: “كنت خائفة على سلامة أطفالي”

روت الأم السورية، عبر محاميها، تفاصيل معاناة أطفالها، مؤكدة أنهم وُضعوا في “بيت الكلاب” كنوع من الإهانة. قالت: “أخبرني ابني عن الإهمال والإساءة، ثم نُقلوا إلى أم حاضنة أخرى بشكل مفاجئ”.

وأضافت: “ديزي كانت مصدومة من حجابي، ومنعتني من التحدث مع أطفالي بالعربية، لغتنا الأم. حاولت التحدث بالهولندية لكن لغتي لم تكن جيدة، ومع ذلك لم يُؤخذ كلامي بجدية. كنت خائفة على أطفالي، لكن جون وديزي كانا محميين من النظام”.

هذه الشهادة تفضح البعد العنصري والثقافي في نظام الرعاية، حيث غالبًا ما يتم إسكات الأمهات المهاجرات بسبب ضعف لغتهن أو خلفيتهن الثقافية، ويُستغل ذلك لتبرير قرارات مؤسساتية مجحفة بحق الطفلات/ الأطفال اللاجئات/ين.

جون كان يضربني باستمرار، وديزي كانت تشجعه

عنف نفسي وتجارب إذلال منظمة

لم تقتصر الانتهاكات على الضرب الجسدي؛ بل شملت أيضًا إساءة نفسية منظمة، تمثلت في “اختبارات” قاسية للولاء، ومحاولات لتدمير الثقة بين الأطفال ووالدتهم.
قال أحد الأطفال: “أخبرني جون أن والدتي حاولت الانتحار بسببي، وأنها تكرهني صدقته حينها، لكني الآن أعرف أن ذلك لم يكن صحيحًا”.

إساءة شاملة للأطفال الآخرين

كما شملت القضية طفلتين بالتبني غير سوريتين، تعرضتا بدورهما للإساءة. وكشفت النيابة العامة عن محادثات واتساب بين المتهمين تُظهر سخرية من ديانة الطفلات/الأطفال السوريات/ين وتجريدهن/م من إنسانيتهن/م.

جاء في إفادة أحد الطفلات أن: “جون كان يضربني باستمرار، وديزي كانت تشجعه أو تترك له المجال ليعاقبني كما يشاء”.

وأكد المدعي العام أن المتهمة ديزي كذبت في البداية لكنها اعترفت لاحقًا بأن زوجها هو من نفّذ العنف، موضحًا:”لقد عُذّب الطفلات/الأطفال لأنهن/م ليسوا هولنديات/ين، تمت معاملتهم بطرق غير إنسانية”.

لحظة كشف الحقيقة “طفلة في العناية المركزة”

كُشفت القضية في مايو/أيار 2024 عندما أُدخلت طفلة تبلغ من العمر عشر سنوات إلى وحدة العناية المركزة وهي في حالة حرجة، فاشتبه الطبيب بوجود إساءة جسدية، لتبدأ التحقيقات التي كشفت لاحقًا سلسلة من الانتهاكات ضد الطفلتين السوريتين وأخريات.

آليات الحضانة والرعاية

تؤكد هذه القضية على ضرورة مراجعة آليات الحضانة والرعاية في أوروبا، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالطفلات/ الأطفال المهاجرات/ين واللاجئات/ين، الذين يُستهدفن/ون بالتمييز والعنف البنيوي. كما تكشف ثغرات في التواصل الثقافي واللغوي بين الأمهات المهاجرات والسلطات، ما يؤدي إلى تجريد النساء من حقهن في الأمومة، والأطفال من حقهم في الأمان الأسري.

القضية انتهاك مؤسسي للكرامة الإنسانية، حيث فشل النظام في حماية الطفلات/ الأطفال، وفي ضمان العدالة للأم السورية التي واجهت العزلة والصمت باسم “القوانين”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد