المغرب: حملة لإنهاء العنف الرقمي ضد النساء

حملة "16 يوماً من النشاط"

أعلنت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان غير الحكومية انخراطها في حملة “16 يوم لمناهضة العنف الرقمي ضد النساء”، الممتدة من 25 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 10 ديسمبر/كانون الأول، ضمن إطار حملة الأمم المتحدة بعنوان “الاتحاد لإنهاء العنف الرقمي ضدّ النساء والفتيات 2025”. هذا التحرك جاء في سياق يتّسم بتصاعد خطير للعنف الرقمي والتشهير الإلكتروني، اللذين تحوّلا، بحسب الرابطة، إلى أكثر الأدوات فتكًا بالنساء نظراً إلى سرعة انتشار المحتوى الرقمي وصعوبة السيطرة عليه، إضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لفبركة مواد مهينة تمسّ الكرامة والشرف.

العنف الرقمي ليس سلوكاً فردياً بل بنية كاملة

توضح الرابطة أنّ الحملة تهدف إلى تعبئة المجتمع للضغط على الحكومات من أجل تجريم كل أشكال العنف الرقمي، وإنهاء الإفلات من العقاب الذي يحمي المعتدين، وإلزام شركات التكنولوجيا بتحمّل مسؤولياتها عبر ضمان سلامة منصاتها وحذف المحتويات العنيفة. كما تسعى إلى دفع الجهات المانحة لدعم منظمات النساء والمجتمع المدني، وتشجيع الأفراد على مناصرة الناجيات وتبنّي خطاب مقاوم للعنف. وفي جوهر المقاربة النسوية، يُفهم العنف الرقمي باعتباره امتدادًا لبنية سلطوية تُعيد إنتاج السيطرة، وليس فعلًا معزولًا أو خلافًا بين أطراف متساوية في القوة.

 

تشويه السمعة وترهيب النساء

قال رئيس الرابطة، إدريس السدراوي، إن الحملات الرقمية المنظمة ضد النساء والفتيات تمثل اعتداءً صارخاً على الكرامة الإنسانية، وخرقًا خطيراً للقيم وللقانون. وشدّد على أنّ العنف الرقمي لم يعد سلوكاً فردياً، بل ممارسة ممنهجة تستهدف تشويه السمعة وابتزاز النساء وترهيبهن نفسيًا واجتماعيًا، في ظل قصور واضح للمنظومة القانونية عن الردع السريع والفعّال، خصوصاً مع محدودية القانون 103-13 في التعامل مع هذا النوع من الجرائم.

فجوات تشريعية وحماية غائبة

في بيانها بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء، أكدت الرابطة أنّ قانون محاربة العنف ضد النساء لا يوفر الحماية الفعّالة للضحايا، ولا يواجه الأشكال الحديثة للعنف، خصوصاً العنف الرقمي والتشهير الإلكتروني، بسبب غياب نصوص واضحة ورادعة تُجرّمه مباشرة. كما أشارت إلى ضعف آليات الحماية الفورية، وغياب مراكز للإيواء والدعم النفسي والقانوني، ما يترك عدداً كبيراً من النساء بلا سند عندما يتعرضن للعنف الرقمي أو التهديد.

الإفلات من العقاب

أوضحت الرابطة أيضًا أنّ الوضع يتفاقم بسبب عدم إلزامية التبليغ عن العنف ضدّ القاصرات، وضعف التنسيق بين الشرطة القضائية والنيابات العامة ووحدات الجرائم الإلكترونية. هذه الفجوات تُوسّع دائرة الإفلات من العقاب في الجرائم الرقمية والعائلية، وتُفرغ القانون من محتواه الحقيقي في الردع والحماية.

ارتفاع الخطر في المدن، ولدى صاحبات التعليم العالي، والعازبات، والتلميذات والطالبات.

 المراهقات في مواجهة أشدّ

كشف تقرير المندوبية السامية للتخطيط أنّ 1.5 مليون مغربية وقعن ضحايا للعنف الرقمي عبر الرسائل الإلكترونية أو المكالمات أو رسائل الهاتف، وهو ما يمثل 19% من مجموع العنف ضد المرأة في المغرب. كما ارتفعت نسبة العنف الرقمي من 19 إلى 34% لدى الفتيات بين 15 و19 سنة، وإلى 28% لدى الفئة بين 20 و24 سنة. وبيّن التقرير ارتفاع الخطر في المدن، ولدى صاحبات التعليم العالي، والعازبات، والتلميذات والطالبات، إذ يرتكبه رجل غريب في 73% من الحالات، وشريك أو أحد أفراد الأسرة في نحو 4%، وبالنسبة ذاتها من قبل زميل في العمل أو الدراسة.

الصمت عن العنف يُعدّ تشجيعًا مباشرًا لاستمراره.

حماية النساء مسؤولية مؤسساتية

ولمواجهة هذا التصاعد، دعا السدراوي إلى تجريم صريح وواضح لكل أشكال التشهير الرقمي، وتشديد العقوبات على من ينشر أو يُعيد نشر محتوى مُهين أو تحريضي، مع توفير حماية فورية وفعّالة للضحايا عبر آليات عملية للتبليغ والدعم والمواكبة. واعتبر أنّ الصمت عن هذا النوع من العنف يُعدّ تشجيعًا مباشرًا لاستمراره، وأن مواجهة التشهير الرقمي تستوجب تحركاً عاجلاً لحماية النساء وصون كرامتهن.

قوانين تُصدرها الدولة من دون آليات فعّالة.

قانون بلا أثر فعلي

وعلى الرغم من إقرار المغرب قانوناً يُجرّم العنف ضد النساء منذ 12 سبتمبر/أيلول 2018، إلا أنّ تطبيقه يواجه صعوبات كبيرة ويثير جدلاً واسعًا بين من يراه قانوناً ثورياً ينصف النساء، ومن يُشكّك في قدرته على حماية حقوقهن وكرامتهن. هذا التوتر بين النص القانوني والواقع العملي يُجسّد ما يرصده الهرم النسوي: قوانين تُصدرها الدولة من دون آليات فعّالة، فتبقى النساء في النهاية أمام بنية لا تحميهن داخل الواقع ولا في الفضاء الرقمي.

“العربي الجديد”

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد