تقتيل ما لا يقلّ عن 110 امرأة في إيران خلال عام واحد

الانتهاكات تتراوح بين العنف الأسري والجنسي

سجّلت وكالة “هرانا” تقتيل ما لا يقلّ عن 110 نساء في إيران خلال عام واحد فقط، بين 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 و20 نوفمبر/تشرين الثاني 2025. هذا الرقم، على فداحته، لا يمثّل إلا الحدّ الأدنى للحوادث التي أمكن التحقق منها، إذ تؤكد المنظمة أنّ العنف ضد النساء في إيران أكثر اتساعًا وعمقًا مما تسمح الإحصاءات بإظهاره، على الرغم من أن ما يُوثَّق يبرهن وحده حجم العنف المميت.

كما سجّلت الوكالة خلال العام نفسه 181 تقريرًا تضمّنت 320 ملفًا موثّقًا عن انتهاكات مختلفة ضد النساء، ما يعكس أنّ العنف ليس سلسلة حوادث معزولة، بل شبكة مترابطة من الانتهاكات التي تتراوح بين العنف الأسري والجنسي، والاعتداءات التي تصل حدّ القتل.

مسار يبدأ بالعنف اليومي وينتهي بالقتل

إلى جانب القتل، أحصت وكالة “هرانا” ما لا يقل عن 93 ملفًا من أشد أشكال العنف المسجّل، تشمل 63 حالة اغتصاب واعتداء جنسي، و11 حالة ضرب مبلّغ عنها، و9 حالات رشق بالحمض، و9 ملفات مصنّفة تحت العنف الأسري، إضافة إلى حالة واحدة من إحراق النفس وحالة انتحار مرتبطة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.

صمتٌ مُنتج للعنف

توضح وكالة “هرانا” أن عوامل ثقافية واجتماعية-من بينها الوصمة، والخوف من الانتقام، والضغوط العائلية-تجعل الجزء الأكبر من العنف غير قابل للتسجيل أصلًا. وما يظهر في التقارير ليس إلا جزءًا من واقع أوسع يمتدّ من البيوت المغلقة إلى الشوارع، ومن العلاقات الفردية إلى البُنى الرسمية للسلطة.

حالات العنف وردت من جميع المحافظات الـ31 في إيران.

جميع المحافظات ضمن خارطة الانتهاكات

يُظهر التوزيع الجغرافي للملفات المسجّلة أنّ حالات العنف وردت من جميع المحافظات الـ31 في إيران، ما يعني أن العنف ضد النساء ليس محصورًا بمنطقة أو فئة اجتماعية بعينها، بل هو ظاهرة بنيوية متجذّرة.

جاءت طهران في المرتبة الأولى بما لا يقلّ عن 50 ملفًا، ثم خراسان رضوي بـ13 ملفًا، وأذربيجان الغربية بـ11، وفارس بـ9، وكرمانشاه بـ8 ملفات. هذا الانتشار الواسع يعكس تقاطع العوامل السياسية والاجتماعية مع الحياة اليومية للنساء، ويكشف علاقة مباشرة بين تشديد الضغوط الأمنية وارتفاع معدلات العنف، لا سيما خلال شهور ديسمبر ويناير وأشهر الربيع والصيف من عام 2025.

غياب البيانات ليس حيادًا، بل شكل آخر من العنف البنيوي.

الفئات الأكثر هشاشة بلا حماية

يرد في التقرير أيضًا أن أفراد مجتمع الميم/‏LGBTQ+  يتعرّضون لأشكال مماثلة من العنف على أساس الهوية الجندرية، غير أن مستويات التعتيم الأمني والمحرّمات الاجتماعية تمنع توفر إحصاءات موثوقة. غياب البيانات ليس حيادًا، بل شكل آخر من العنف البنيوي الذي يسلب الضحايا إمكانية الظهور والحماية.

العنف ليس حادثًا بل سياسة اجتماعية

يخلص تقرير “هرانا” إلى أنّ العنف الموثّق ضد النساء لا يمكن فهمه خارج سياق “الاضطهاد القائم على الجنس” في إيران، حيث تُحرَم النساء والفتيات بصورة منهجية من حقوقهن الأساسية فقط لأنهن نساء. وهذا الاضطهاد-كما تؤكد نتائج تقارير سابقة-ليس طارئًا ولا محدودًا، بل جزء من بنية السلطة نفسها، ينمو داخل المؤسسات، ويُعاد إنتاجه عبر الثقافة، وتغذّيه القوانين التي لا تمنح النساء حماية حقيقية.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد