
مصر: ضرب فتاة وتجريدها من ملابسها بسبب الميراث
تعرضت فتاة للضرب وجُردت من ملابسها على يد أعمامها بسبب الميراث في مصر، هذه الجريمة لا يمكن اختزالها بوصفها “مجرّد حالة عنف”. ما جرى هو تعبير فجّ عن ثقافة مجتمعيّة ترى حقّ النساء في الميراث عيبًا يجب إخفاؤه أو انتزاعه بالقوّة. الفيديو الذي وثّق ضربها وسحلها في الشارع وصراخها طلبًا للنجدة لا يصدم فقط لوحشيّته، بل لأنّه يكشف جريمة تُرتكب باسم “العادات والتقاليد”، وتُبرَّر بخطاب اجتماعي يُقصي النساء عن أبسط حقوقهنّ الماليّة.
View this post on Instagram
الميراث كأداة سيطرة لا كحقّ
في هذه الثقافة، لا يُنظر إلى الميراث بوصفه حقًا شرعيًا وقانونيًا للنساء، بل كامتياز يمكن منحه أو مصادرته. وما يُسمّى بـ”الرضوي” لا يعدو كونه محاولة لإسكات النساء عبر دفع جزء ضئيل من حقّهنّ، غالبًا لا يتجاوز 5%، في مقابل التنازل القسري عن بقيّة الميراث. هكذا يُعاد إنتاج الظلم تحت غطاء “الستر” و”لمّ الشمل”، فيما تُسلب النساء حقوقهنّ بصمت.
الخوف من الاستقلال الاقتصادي للنساء
تقوم هذه المنظومة على فكرة مركزيّة: تمكين النساء اقتصاديًا خطر. فالمرأة التي تمتلك ذمّة ماليّة مستقلّة، وتتحكّم بمواردها، وتتحرّر من التبعيّة الماليّة لرجال العائلة، تصبح أقلّ خضوعًا وأكثر قدرة على الاختيار، سواء في حياتها الشخصيّة أو في قراراتها المتعلّقة بجسدها ومستقبلها. وهذا بالضبط ما تسعى الثقافة الذكوريّة إلى منعه، لأنّه يهدّد أحد أهمّ أدوات السيطرة.
View this post on Instagram
العنف كوسيلة ردع
العنف هنا ليس ردّة فعل طارئة، بل نهجٌ متّبع لردع أيّ امرأة قد “تتجرّأ” على المطالبة بحقّها الشرعي. في مجتمع يُطبّع مع العنف ضدّ النساء، يصبح الاعتداء الجسدي، والتهديد، والتشهير، وسائل مشروعة لإعادتهنّ إلى “حدودهنّ”. ولهذا لم يعد مستغرَبًا أن نسمع يوميًا عن ضحيّة جديدة، في سياق يُبرّر الجريمة بدل أن يدينها.
القانون وحده لا يكفي
رغم وجود تشريع قانوني يُجرّم الامتناع عن تسليم الميراث، يبقى هذا القانون عاجزًا عن حماية النساء طالما أنّ العُرف أقوى، وثقافة “العيب” أسبق من العدالة. فغياب التطبيق الجادّ، وتراخي المحاسبة، يجعلان القانون نصًا معطّلًا، غير قادر على إعادة الحقوق إلى أصحابها، خصوصًا عندما تكون الضحيّة امرأة.
العدالة حقّ لا منّة
الأمل ليس فقط بأن تستعيد الضحيّة حقّها في الميراث، بل أن تُحاسَب أيضًا كلّ الجهات المتورّطة في جريمة الاعتداء عليها بالضرب والسحل في الشارع. فالعدالة لا تكتمل باسترجاع المال وحده، بل بالاعتراف بأنّ ما تعرّضت له عنفٌ قائم على النوع الاجتماعي، وجريمة لا يجوز التطبيع معها أو تبريرها تحت أيّ مسمّى.