الصحة حق لا امتياز: ورقة حقائق جديدة عن أوضاع النساء والصحة الجنسية والإنجابية

أطلقت مبادرة «صوت لدعم حقوق المرأة» ورقة حقائق بعنوان «أوضاع النساء ومتطلباتهن لتعزيز حقوقهن في الصحة الجنسية والإنجابية»، بهدف تسليط الضوء على فجوات الوصول إلى المعلومات والخدمات الصحية، لا سيما بين الفئات الأكثر تهميشًا، مثل النساء ذوات الإعاقة، واللاجئات، والنازحات، والفتيات المراهقات، والنساء في المناطق الريفية والفقيرة.

واستهدفت الورقة تقديم قراءة معمقة في أوضاع النساء والفتيات فيما يتعلق بحقوقهن الصحية ولإنجابية والجنسية، استنادًا إلى مبادئ منظمة الصحة العالمية (WHO) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، التي تؤكد أن الصحة الجنسية والإنجابية حق أساسي من حقوق الإنسان وأن إتاحتها دون تميز عنصر جوهري لتمكين النساء وتعزيز سلامتهن الجسدية والنفسية.

واعتمدت الورقة على بيانات جُمعت من خلال استبيانات، وجلسات استماع فردية وجماعية، ومقابلات معمّقة مع أكثر من مئة امرأة وفتاة من خلفيات اجتماعية وجغرافية متنوعة، وذلك لفهم واقع الخدمات الصحية، وتحديد العوائق المجتمعية والطبية والقانونية التي تحول دون حصول النساء على رعاية صحية شاملة تحترم كرامتهن وتلبّي احتياجاتهن عبر مراحل الحياة المختلفة، من البلوغ والزواج، مرورًا بالحمل والولادة، وصولًا إلى سن اليأس.

وأظهرت النتائج حاجة ماسّة إلى تطوير برامج توعوية شاملة ومبنية على الحقوق، وتوفير خدمات صحية مهيّأة تراعي الفروق الفردية والاحتياجات الخاصة، إلى جانب ضمان الحماية القانونية للنساء والفتيات من الممارسات الضارة، مثل ختان الإناث، والزواج القسري، والتعقيم القسري.

كما تسعى الورقة إلى توفير أساس معرفي يدعم صانعي القرار، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الصحي، في تصميم تدخلات وسياسات أكثر عدالة وشمولًا، تضمن حق النساء والفتيات في الصحة، والكرامة، والتمكين، دون تمييز.

وكشفت نتائج الورقة البحثية عن وجود نقص واضح في وعي النساء بحقوقهن في الصحة الجنسية والإنجابية، وهو ما يحد من قدرتهن على اتخاذ قرارات صحية مبنية على معلومات دقيقة، كما تظهر البيانات أن جهود التعليم والتوعية لاتزال غير كافية خصوصًا في المناطق الريفية والمهمشة حيث تحد الأعراف الاجتماعية من وصول النساء إلى المعلومات المبسطة والموثوقة حول هذه الحقوق.

غياب الخصوصية في الوحدات الصحية

وتنوعت الحواجز الأساسية أمام الوصول للمعلومات حول الصحة الجنسية والإنجابية في القري والريف وللفتيات والنساء من ذوات الإعاقة مثل؛ عوائق التنقل وصعوبة الوصول للمراكز الصحية أو جلسات التوعية خاصة في المناطق الريفية والنائية، ضعف تدريب مقدمي/ات الخدمات الصحية على أساليب التواصل المناسبة والدعم الملائم لذوات الإعاقة.

كما رصدت الورقة غياب الخصوصية في الوحدات الصحية وخاصة في القرى والنجوع، مما يجعل النساء ومنهن ذوات الإعاقة أكثر عرضة للإحراج والتجاهل.

وكان من بين النتائج الأخرى، غياب الخدمات المهيأة والشاملة لاحتياجات النساء، مثل؛ غياب غرف فحص مجهزة لطوارئ النساء أو الخدمات ما بعد العنف والاعتداء الجنسي، وعدم الاعتراف بالاغتصاب الزوجي وتباعاته كجريمة وعنف زوجي مما يسبب عزوف عن اللجوء للدعم الطبي أو النفسي.

كما كشفت النتائج عن عدم وجود أجهزة ومرافق لمختلف النساء، مثل ذوات الإعاقة كالطاولات فحص قابلة للرفع، حمامات مهيأة، ممرات سير، إرشاد بصري وترجمة إشارة، بالإضافة إلى محدودية الخدمات مثل خدمات فحص الأمراض المنقولة جنسيًا وفحص سرطان عنق الرحم والثدي في كثير من المناطق الريفية.

الوصم المجتمعي

أما عن العوائق المجتمعية والنفسية والطبية أمام الحصول على الخدمات الصحية النسائية، رصدت الدراسة مواجهة النساء والفتيات لمجموعة تحديات تعيق وصولهن لهذه الخدمات، مما يترك أثرًا سلبيًا على حياة النساء قد يصل للموت في بعض الأحيان.

ومن هذه العوائق؛ استمرار الوصمة الاجتماعية والانتقادات المرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية تجعل مناقشة هذه القضايا أو طلب الخدمات أمرًا صعبًا ويمنع النساء من الحصول على التثقيف الصحي أو الرعاية بحرية وراحة.

كما رصدت الدراسة سيطرة التقاليد المجتمعية خاصة في القرى والمناطق الريفية يحد من حرية النساء والفتيات في اتخاذ قرارتهن الصحية بما في ذلك قرارات الإنجاب واستخدام وسائل تنظيم الأسرة، بالإضافة إلى قلة عدد الأطباء/ات بتخصصات متنوعة في الوحدات الصحية يعيق وصول النساء إلى الدعم النفسي والطبي.

التوصيات

أوصت الورقة بعدة توصيات مستخلصة من الاستبيان وجلسات الاستماع التي نفذتها مبادرة” صوت لحقوق المرأة” على مدار عام، في خمس محافظات بجمهورية مصر العربية، على رأسها في مجال التوعية والتعليم وتطوير برامج شاملة حول الصحة الجنسية والإنجابية وحقوق النساء والفتيات، وتقديم محتوى مبسط وملائم لجميع الفئات بما في ذلك ذوات الإعاقات المختلفة.

كما طالبت الورقة بضرورة تجهيز الوحدات الصحية بالغرف والمرافق الملائمة للطوارىء وخدمات مابعد العنف الزوجي والجنسي، وتعزيز الخصوصية في جميع الوحدات الصحية وفي المناطق الريفية.

وعلى المستوى القانوني، أوصت الورقة بسن وتفعيل تشريعات رادعة ضد الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات بشكل عام وذوات الإعاقة على وجه السرعة، وتشديد الرقابة على الممارسات الطبية داخل المستشفيات والمراكز الصحية، وإنشاء آليات فعالة لتقديم شكاوي النساء والفتيات وضمان مساءلة المقصرين.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد