إقصاء سياسي للنساء المغربيات ترجم بمعدلات تمثيل خجولة
في صورةٍ تعكس دور المؤسسات الإعلامية في تكريس الصور النمطية للنساء، سجَّلت رابطة فدرالية حقوق النساء في المغرب تجاوزات ضد المرشحات في الانتخابات الأخيرة التي جرت في أيلول/سبتمبر من خلال تقرير “ملاحظة الانتخابات التشريعية والمحلية باعتماد مقاربة النوع الاجتماعي”.
فتوقف التقرير عند “هيمنة العقلية الذكورية وتكريس الأفكار النمطية عن النساء التي تُلزمهن بالبقاء في المنزل وتقف في طريق احتلالهن لمناصب عليا أو تحمل المسؤولية لتدبير الشأن العام”. كما كشفت الرابطة عن “الاستنقاص” المرتكب بحق النساء على مستوى بعض قنوات الإعلام الرسمي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وفي تفاصيل التقرير، عانت بعض المرشحات في كل مراحل العملية الانتخابية من العنف السياسي والعنف الرقمي واللفظي وأحياناً الجسدي. ولفت إلى غياب “التغطية الإعلامية المتساوية للحملة، بينما لم تُتَح للمرشحات والمرشحين نفس الفرص على قدم المساواة لحجز الفضاءات للقيام بأنشطتهم الدعائية. وفي حين رُصد شبه غياب للمسائل التي تدعم حقوق النساء أو تدرج منظور النوع الاجتماعي في السياسات العامة عن البرامج الانتخابية، تم تسجيل غياب تام لقضايا النساء في التجمعات الجماهيرية، ناهيك عن استعمال النساء بكثرة في معظم المهرجانات والتجمعات، والاعتماد عليهن في جلب أصوات مهمة للأحزاب خصوصاً بعض الجمعيات في المجال القروي.
وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته النساء في الحملات الانتخابية من خلال التواصل مع المواطنين والمواطنات، قال التقرير إنه “لم يتم تسجيل إسناد إدارة الحملة الانتخابية للنساء على المستوى الوطني الإقليمي أو المحلي”. ووثق ممارسات عنفية ضد المرشحات في اللوائح الانتخابية، لأنهن يحملن صفة ربات بيوت أو مهن معينة.
وفي تمييزٍ واضح ومُنافٍ للقواعد الديمقراطية، رصد التقرير عدم إدراج صور للمرشحات ووكيلات اللوائح أو تعاريف خاصة بهن في بعض قوائم المرشحين. إضافة إلى التركيز على توزيع لوائح مرشحين ووكيلات اللوائح وأوراق الرموز الحزبية فقط، وغياب توزيع البرامج الانتخابية للنساء من طرف الاحزاب، وغياب شعارات نسائية في الحملة.
وفي سياقٍ متصل، كشف التقرير أيضاً غياب تغطية إعلامية متساوية لدى جميع الأحزاب ومن منظور النوع الاجتماعي، معتبراً أن السبب يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة المرشحين والمرشحات، وإلى الثقافة والتقاليد الخاصة بالمناطق. كما تحدث عن ميل بعض المنابر الإعلامية لتغطية حملات الأحزاب ذات الإمكانيات المالية والبشرية؛ في ظل قيام أحزاب قليلة بتخصيص جانبٍ متعلق بظهور المرشحات في الإعلام السمعي البصري والرقمي والورقي. في حين غابت قضايا النوع الاجتماعي بشكلٍ عام، على الرغم من تأكيد الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على المساواة في التغطية الإعلامية بين جميع الأحزاب.
في السياق نفسه، كشفت الرابطة نسبة الترشيحات النسائية لعضوية الجهات على المستوى الوطني التي بلغت 39.79%، أما نسبة الترشيحات النسائية لعضوية الجماعات المحلية، فكانت 29.87%.
بينما وصل عدد ترشيحات النساء المسجلة برسم انتخاب أعضاء مجلس النواب لسنة 2021 إلى 2329 ترشيحاً، أي بنسبة 34.17% من العدد الإجمالي للترشيحات. كما سجلت ترشيحات النساء لعضوية المجالس المحلية ارتفاعاً هاماً مقارنةً مع انتخابات سنة 2015. فبلغ عدد المرشحات لانتخاب مجالس الجماعات (البلديات) والمقاطعات ما مجموعه 47 ألفاً و60 مرشحة، أي بنسبة تقارب 30% من العدد الإجمالي للترشيحات، منهن 23191 مرشحة في الجماعات التي ينتخب أعضاء مجالسها عن طريق الاقتراع باللائحة، 23869 في الجماعات الخاضعة لأسلوب الاقتراع الفردي.
وبحسب نتائج الانتخابات التي أعلنتها وزارة الداخلية، لم تحصل النساء سوى على 96 مقعداً، 6 منها في الدوائر الانتخابية المحلية و90 في الدوائر الانتخابية الجهوية، من أصل 305 مقاعد المخصصة لهذه الدوائر، أي أقل من 24%. وبهذا تكون نسبة نجاح النساء في الانتخابات التشريعية أقل من 2%، من دون احتساب اللائحة الجهوية.
وفي ظلّ هذه التجاوزات بحق المرشحات، أوصى التقرير بملاءمة القوانين التنظيمية مع المقتضيات الدستورية من خلال التنصيص الواضح على مبدأ المناصفة وإيجاد الآليات التشريعية اللازمة لضمان الوصول إليها.
ودعا إلى خلق هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات تضم في عضويتها المجتمع المدني والجمعيات النسائية وتعتمد مقاربة النوع والمناصفة، مع مراجعة المنظومة الانتخابية التشريعية والإجرائية بشكلٍ يراعي مقاربة النوع الاجتماعي والمناصفة في كافة مراحل العملية الانتخابية لضمان تواجد ومشاركة بارزة للنساء، في علاقة بالمؤسسات والسلطات والأحزاب السياسية.
وأفادت التوصيات بالتنصيص على إجبارية وضع ثلث النساء كحد أدنى على رأس اللوائح من طرف كل حزب على صعيد الإقليم والعمالة لضمان وجود مرشحات لرئاسة مجالس العمالات والأقاليم والجهات، وتعريف العنف السياسي ضد النساء ليشمل كل تهديد أو فعل أو ممارسة أوهما معاً، يستهدف حرمان أو تقييد و/أو عرقلة و/أو الحد من مشاركة النساء وتمثيلهن في مواقع القرار ودوائر المسؤولية أو/ وفي أي نشاط سياسي أو حزبي أو مؤسساتي أو مدني ويكون ذلك قائماً على أساس التمييز بين الجنسين.
كما دعت الفدرالية إلى مراجعة القوانين التنظيمية لضمان انتخاب النساء مع تفعيل مبدأ عدم قبول أي لائحة ترشيحات لأي منصب لا تكفل تواجد النساء، إلى جانب مراجعة الأنظمة الداخلية للبرلمان بغرفتيه ووضع آليات وفق مقاربة النوع لضمان وتعزيز وجود النساء في أسمى مواقع القرار مناصفة مع الرجال.