استمرار جلسات المحاكمة في قضية أول عاملة مهاجرة ضد كفيلتها ومكتب الاستقدام

عُقدت يوم 10 شباط/فبراير الجاري في قصر العدل في بيروت، الجلسة الثانية من القضية الجنائية الأولى من نوعها والمتعلّقة بالـ”رقّ وتجارة الرقيق”، رفعتها عاملة منزلية مهاجرة ضد كلٍ من صاحبة عملها السابقة أو كفيلتها ومكتب استقدام العاملات المعني بقضيتها.

حضرت المدّعى عليها الكفيلة مي سعادة الجلسةَ الأولى من دون تمثيلٍ قانوني وطلبت مهلةً زمنيةً لتوكيل محامٍ وتحضير دفاعها. وأجازت لها قاضية التحقيق رانيا يحفوفي الحصول على نسخةٍ من الشكوى بعد طلبها ذلك.

كما لم يحضر أي من ممثلي المدعى عليه الثاني “وكالة متى”، وهو مكتب الاستقدام المتّهم بـ”تجارة الرقيق”، ما دفع محامي “الحركة القانونية العالمية” LAW إلى طلب إصدار مذكرة توقيف بحقه. ولأن هوية هذا المدّعى عليه ما زالت مجهولة، لم تتمكن قاضية التحقيق من إصدار مذكرة التوقيف.

لكن محامي الدفاع اكد أنه سيستمر في البحث عن هوية المدعى عليه الثاني. ومن المقرر عقد الجلسة المقبلة في 31 آذار/مارس 2022.

وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من العاملات المهاجرات في لبنان نظمن احتجاجاتٍ في السنوات السابقة على قضايا مماثلة مثل السخرة وتأخر الأجور وسوء المعاملة وناضلن لسنوات طويلة، إلا أن هذه القضية الجنائية هي الأولى من نوعها لجهة ارتباطها بتهمة تجارة الرقيق ولأن هذه العاملة، التي لم يكشف اسمها الكامل وتعرف بـ”م.هـ”، هي التي رفعت الدعوى ضد كفيلتها ومكتب الاستقدام. وهي أيضاً الأولى من نوعها في لبنان التي ذُكر فيها أن “الظروف التي عاشت المشتكية وعملت فيها هي شكلٌ من أشكال الرقّ”. كما نصت الدعوى على أن “معاملة الكفيلة ومكتب الاستقدام بحق العاملة ترقى إلى مصاف تجارة الرقيق”.

وتعليقاً على الجلسة الأخيرة، قالت المديرة التنفيذية للحركة القانونية العالمية (LAW) أنطونيا مولفي، وهي المنظمة التي تمثل العاملة: “يسعدنا أننا نمضي قدماً في الكفاح من أجل العدالة لصالح “م.هـ.” وهي واحدة من آلاف العاملات اللواتي يتعرضن للتعذيب والإيذاء الجسدي والعاطفي والتمييز على أساس الجنس والعرق. ولأنهن سجينات المنازل، ويبقين مغيّباتٍ في مجتمع يستمر في غضّ الطرف عن الانتهاكات الممنهجة والتمييز”.

واضافت مولفي: “تعتبر قضية “م.هـ ذات أهمية حاسمة في تحدي انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بحق عاملات المنازل المهاجرات بسبب نظام الكفالة الاستغلالي والتعسفّي الذي يقصيهن من قانون العمل اللبناني، ويتركهن من دون أي حقوق أو حماية قانونية”.

“م.هـ” هي سيدة إثيوبية تبلغ من العمر 40 عاماً جاءت إلى لبنان عام 2011، استمرت معاناتها أكثر من 7 سنوات في بيروت. وأُجبرت في تلك الفترة على العمل 15 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، لكنها، رغم ذلك، لم تتقاضَ أجراً إلا لمدة 12 شهراً من الخدمة. وتذكر الدعوى أنها مُنِعت من الخروج، وسُجِنَت في شقة طيلة الليل والنهار، وتعرضت للضرب والإهانة والتهديد. وبعد ضغطٍ عام على المدعى عليها، اُطلِق سراحها عام 2019 وعادت إلى إثيوبيا، حيث تقيم حالياً.

تعتقد الحركة القانونية العالمية، أنه “في حال تكلّلت هذه القضية بالنجاح، بإمكانها أن تشكّل سابقةً قانونية في لبنان وجميع أنحاء الشرق الأوسط، ما سيسمح لآلافٍ من العاملات الأخريات المحتجزات في ظروف مماثلة أن يلجأنَ إلى القضاء”.

وأوضحت أن “القضية تضمن أن يواجه الجناة الآخرين المتّهمين بهذا النوع من المعاملة تهماً وعقوبات تتناسب مع جرائمهم/ن”. كما أكدت أن “القضية تسلّط الضوء على الجرائم الفظيعة وواسعة الانتشار التي تُرتكب تحت راية نظام الكفالة سيئ السمعة، ما قد يردع انتهاكات من هذا النوع في المستقبل”.

وبحسب تقييمٍ حديث أجرته المنظمة الدولية للهجرة، يوجد نحو 400 ألف عامل/ة مهاجر/ة في لبنان. غالبيتهن/م العظمى من النساء، و 70% منهن/م أتوا/أتين من إفريقيا وآسيا، ولا سيما إثيوبيا والفلبين وسريلانكا. تسافر هؤلاء العاملات إلى لبنان بموجب نظام الكفالة، وهو نظام للهجرة يمنح المواطنين/ات والشركات في البلاد سيطرة شبه كاملة على العاملات في المنازل في ما خصّ العمالة والهجرة. ولطالما وصفت منظمات حقوق الإنسان نظام الكفالة بأنه شكل من أشكال الرق المقنّن.

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد