تسمم مئات التلميذات في إيران .. “انتقام من الثورة” أو منع لتعليم الفتيات؟
في ظاهرةٍ أثارت قلقاً واسعاً في إيران، أصيبت المئات من تلميذات المدارس بتسممٍ، في حوادث مستمرة رُجح أن تكون مفتعلة.
فعلى مدى الـ3 أشهر الماضية، كشفت تلميذات عن أنهن يشعرن بوجود رائحة تشبه رائحة الحمضيات أو الكلور، وفق ما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
وظهرت الحالات الأولى في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2022 في قم، على بعد نحو 125 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة الإيرانية طهران.
وتبع ذلك حالات أخرى، إذ اشتكت التلميذات من صداع، وخفقان في القلب، وشعور بالخمول أو عدم القدرة على الحركة.
ما لا يقل عن 650 تلميذة تعرضن للتسمم
كشفت مصادر صحفية محلية أن مدينة قم، ذات المكانة الدينية البارزة، كانت بؤرة عمليات التسميم الجماعي.
إلا أن التسميم وقع أيضاً في نحو 8 مدن في جميع أنحاء إيران.
وقال موقع بي بي سي إن ما لا يقل عن 650 تلميذة تعرّضن بالفعل للتسمم في إيران.
في حين اعترف مسؤول إيراني بأن مئات الفتيات “استهدفن عمداً”.
ونقلت عشرات الفتيات إلى المستشفى بسبب مشاكل في التنفس، وغثيان، ودوار، وإرهاق، نتيجة تسرّب غازات ضارة إلى الفصول الدراسية.
بعد وصفها بالشائعات .. وزير التربية والتعليم أعلن متابعة القضية
في البداية، نفت وازرة التربية والتعليم الإيرانية التقارير التي تحدثت عن استهداف مدارس الفتيات، ووصفتها بـ”الشائعات”.
لكن الحالات ظهرت في مدارس للفتيات فقط، ما أثار الشك في أنها مصادفة.
وأعلن وزير التربية والتعليم الإيراني يوسف نوري، أن وزارة الصحة تتابع قضية التسمم، وسيتم إعلان النتائج عبر وسائل الإعلام.
وادعى نوري في تصريح في 15 شباط/فبراير الماضي، أن “الطالبات اللواتي نُقلن إلى المستشفى مصابات بأمراض كامنة”.
وأتت تصريحاته بعد اجتماع حكومة إبراهيم رئيسي، رداً على نشر تقارير وصور عديدة عن تسمم طالبات في مدينة قم.
هجمات متعمّدة استهدفت نحو 30 مدرسة
ونقلت مصادر صحفية عن مسؤولين/ات إيرانيين/ت قولهم/ن إن “هجمات متعمّدة على نحو 30 مدرسة، تم تحديدها في تقارير وسائل الإعلام المحلية”.
وأضافوا/ن أن هناك “تكهّن بأنها ربما تهدف إلى محاولة إغلاق مدارس للفتيات في البلد الذي يزيد عدد سكانه على 80 مليون نسمة”.
من ناحيته، أكد وزير الصحة الإيراني، بهرام عين اللهي، “وجود سم خفيف” في حالات التسمم.
في حين أشار إلى أن “شرح كيفية إنتاج السم أو ما إذا كان هذا الحادث متعمداً، لا يدخل في نطاق مهام الوزارة”.
نائب وزير الصحة الإيراني: “يريدون إغلاق المدارس خصوصاً مدارس الفتيات”
بينما سبق أن اعتبر نائب وزير الصحة الإيراني يونس بناهي أنه “أصبح واضحاً أن بعض الناس يريدون/يردن إغلاق جميع المدارس، خصوصاً مدارس الفتيات”.
وقال بناهي، في مؤتمر صحفي في 26 فبراير/شباط 2023، إن “المواد الكيماوية المستخدمة ليست عسكرية بل متاحة للجمهور”.
وأكد أن “التلميذات لا يحتجن إلى أي علاج قوي، ومن الضروري الحفاظ على الهدوء وضبط النفس”.
وفي وقتٍ لاحق، اعتبر الطبيب أن تصريحه “أسيء تفسيره”.
بينما أتى ذلك في إشارةٍ إلى الانقسامات داخل السلطة حول كيفية التعامل مع الجماهير الغاضبة بسبب عدم الكشف عن الجاني علانية.
“حالات التسمم مقصودة”.. فهل هي “انتقام بسبب انتفاضتهن ضد النظام؟”
كما تتواصل حالات تسمم الطالبات في مختلف مدارس إيران، تخوّف البعض من أن يكون الأمر انتقاماً لردع انتفاضة الفتيات والنساء.
في هذا السياق، نقلت “إيران إنترناشيونال” عن بعض المعارضين/ات وصفهم/ن لحوادث التسمم بـ”الانتقام من الفتيات والنساء بسبب انتفاضتهن ضد النظام الإيراني”.
ونقلت عن البرلمانية فاطمة مقصودي، اعتقادها بأن حالات التسمم هذه “مقصودة بالتأكيد”.
وأكدت مقصودي أنه “تم العثور على أدلة من فحص كاميرات المدرسة من قبل قوات الأمن”.
وقالت إن “هذه القرائن تشير إلى أن ما حدث لم يكن غير طبيعي فحسب، بل كان مقصوداً أيضاً”.
وأضافت: “الآن، لا يمكننا التحدث عنه أكثر من ذلك”.
فتح تحقيق في حالات التسمم المتكررة
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة علي بهادوري جهرمي، إن “وزارتي المخابرات والتعليم تحاولان معرفة سبب حالات التسمم”.
في هذا السياق، شدد رئيس لجنة التربية في البرلمان الإيراني، في حديث لصحيفة “شرق”، على أن “تسمم الطالبات كان متعمداً”.
وقال إن “المؤسسات الأمنية تتابع الأمر بحساسية أكبر، لتحديد العوامل المتورطة في الحادث”. وعزا هذه التسميمات إلى “الأعداء”.
وأضاف “سنقوم بدعوة وزير المخابرات لإعطاء تفسيرات، إذا لزم الأمر”.
وأمر المدعي العام محمد جعفر منتظري الأسبوع الماضي بفتح تحقيق قضائي في الأحداث.
وتأتي بلاغات التسمم في وقت حساسٍ في إيران.
إذ تواجه الجمهورية الإسلامية شهوراً من الاحتجاجات، منذ وفاة مهسا أميني، بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق في البلاد.