اغتصاب طفلة على يد مُدرّسها في السودان

حادثة اغتصاب جديدة في البلاد تعيد الجدل حول قانون الاغتصاب

ضج الرأي العام السوداني بجريمة اغتصاب طفلة (7 أعوام) على يد معلّم في إحدى المدارس، جنوب العاصمة السودانية الخرطوم.

فأعادت هذه الجريمة إلى الواجهة، الجدل المستمر حول قانون جرائم الاغتصاب، ومدى نجاعته في البلاد، في ظل القيود الاجتماعية التي تحول دون تقديم الجناة إلى العدالة.

قيود اجتماعية تحول دون التبليغ .. “المجتمع لن ينسى”

في حين تسود ثقافة الصمت أمام هذا النوع من الجرائم غالباً، خوفاً من الوصمة الاجتماعية، أكّدت معلومات أنه في سجلّ المجرم سوابق اعتداءات جنسية مماثلة.

فنتيجةً لجنوح المجتمعات نحو لوم الناجيات من العنف الجنسي، وبالتالي صعوبة اتخاذ إجراءات ضد المعتدين، يفضّلن هنّ وعوائلهن الصمت على فضح الاعتداءات.

عن الخوف من الوصمة الاجتماعية .. “لو كنت موجوداً لما تركتها تذهب إلى مركز الشرطة وإلى المستشفى”!

وأكد والد الناجية لـ”سكاي نيوز عربية” تعرّض ابنته للتحرش الجنسي، “لكنها لم تصب بأذى”، بحسب وصفه!

وخضوعاً للعنة “الوصمة” التي تعيق تحقيق العدالة، قال الوالد: “لو كنت موجوداً لما تركتها تذهب إلى مركز الشرطة وإلى المستشفى”.

إذ اعتبر أنه لولا هذا “لما انتشر الحادث بهذه الصورة”! كما لو أن معرفة الناس بالجريمة أكثر خطورةً من وقوعها!

وأضاف أن طفلته “ستكبر عما قريب وربما لن ينسى المجتمع ما حدث لها، وإن كانت ضحية”، طالباً “تفهم موقفه كأب”.

في إطارٍ متصل، استنكرت معلمات/ون الجريمة.

وأكدن/وا “إفلات المجرم من العدالة عدة مرات بعد ارتكابه جرائم مشابهة في السنوات الماضية”.

من ناحيتها، قالت المعلمة “ن . أ” للمصدر نفسه، إن المغتصب “سبق أن تحرش بعدد من المعلمات والتلميذات، لكنه كان في كل مرة يفلت من العقوبة”.

اغتصاب طفلة

تكرار جرائم اغتصاب الطفلات/ الأطفال

وتكررت خلال السنوات الماضية جرائم الاعتداء الجنسي على الطفلات/ الأطفال في السودان، ما يجدد الجدل حول الانتهاكات الجسدية والجنسية بحقهن/م.

ففي آذار/ مارس 2022، أثارت جريمة اغتصاب 10 أطفال في إحدى مدارس تحفيظ القرآن في غرب السودان، التي تعرف محليا بـ”الخلاوي”، غضباً واسعاً في المنطقة.

كما أعلنت مصادر حقوقية وصحفية سودانية عن تسجيل 3 حالات اغتصاب طفلات حتى الموت، في شهر أيار/ مايو 2022.

إذ كشف التحالف النسوي السوداني عن اغتصاب الطفلة من ذوات الإعاقة ريم “16 عاماً” حتى الموت، في 1 أيار/مايو 2022.

وتم العثور على الطفلة بعد يومين ملقاة في مدينة سنجة في ولاية سنار.

وفي 17 أيار/مايو 2022، أُعلن عن حالة اغتصاب أخرى تعرّضت لها طفلة تبلغ من العمر 11 عاماً، على يد 4 أشخاص في منطقة ود الحداد، في ولاية الجزيرة.

كما اغتُصبت الطفلة أبوك لوال (5 أعوام) حتى الموت، في تاريخ 3 أيار/مايو 2022، على يد 3 أشخاص.

وكُشف حينها عن أسماء المغتصبين، وهم عمر محمد عمر، وصابر عبد الله أبوسم، وأحمد هاشم أدم.

وفي شباط/ فبراير 2022، شهدت مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض، جريمة قتل شهد أحمد المهدي (4 أعوام) بعد اغتصابها.

بينما عُثر على جثة الطفلة، التي كانت قد رافقت أسرتها لحضور حفل الزفاف في حي “ود شمام” في المنطقة، إذ ثم اختطافها واغتصابها ثم قتلها.

7000 حالة عام 2014!

وأعدّت “سكاي نيوز عربية” تقريراً حول الاعتداءات الجنسية على الطفلات/الأطفال خلال عام 2014 في السودان.

أشارت فيه إلى وقوع “أكثر من 7000 حالة وفقاً للتقارير الرسمية، وأكثر من 2000 بلاغ في المحاكم. حكم في بعضها على المعتدين بالإعدام”.

كما أكد المدعي العام لجرائم دارفور مولانا الفاتح طيفور، أنه “خلال عام 2016 تم تحويل 73 بلاغاً بالاغتصاب إلى المحكمة، فتم الفصل في 11 بلاغاً خاصاً باغتصاب طفلات/ أطفال”.

ولفت إلى أنه “صدر ضد المتهمين عقوبات تراوحت ما بين الإعدام والسجن من 10 إلى 20 عاماً”، بحسب وزارة العدل السودانية.

مطالب بتشديد العقوبات

وفي ظل استمرار هذه الظاهرة الوحشية، وغياب العقوبات الرادعة، اعتبر/ت قانونيون/ات أن تزايد الانتهاكات الجسدية والجنسية بحق الطفلات/الأطفال، يعود إلى التساهل مع هذه الجرائم.

وطالبن/وا بتشديد العقوبات على مرتكبي تلك الجرائم، والتنفيذ الفوري للأحكام الصادرة ضدهم.

في هذا السياق، نقل موقع “سكاي نيوز عربية” عن مديرة وحدة مكافحة العنف ضد النساء والطفلات/ الأطفال سليمة إسحق استغرابها الشديد من “الأحكام غير الرادعة التي تفرض على منتهكي الطفلات/ الأطفال، سواء كان جسدياً أو جنسياً. ما يشجع على استمرار هذه الظاهرة الخطيرة”.

وشددت على أن “عدم إصدار أحكام رادعة يؤدي إلى المزيد من الانتهاكات”.

من ناحيته، اتفق المحامي الصادق علي حسن مع سليمة إسحاق.

وأكد أن “غياب العقوبة الرادعة غالباً ما يشجع على استمرار ارتكاب جرائم الاغتصاب”.

وأشار حسن، للمصدر نفسه، إلى “وجود عيوب عديدة في القانون الجنائي السوداني المتعلق بجرائم العنف الجنسي”.

وأوضح أن “القانون الجنائي وضع كل أشكال العنف الجنسي، عدا أفعال الاغتصاب المهبلي أو الشرجي، ضمن الأفعال الفاحشة”.

ولفت إلى أن “أقصى أحكام عقوبة هذه الجرائم هي السجن لمدة عامين”.

في حين قال إنه، بالنسبة إلى جرائم اغتصاب الطفلات/الأطفال، “هنالك مادة تنص على عقوبة الإعدام أو السجن لمدة 20 عاماً”.

 

إدارة المدرسة تتستر على الحادث

وتعرض على أسرة الطفلة الاستمرار في الدراسة مقابل التكتم على ما جرى

 إدارة المدرسة تتستر على جريمة الاغتصاب

 

أعربت مبادرة «لا لقهر النساء» عن إدانتها الشديدة لجريمة الاغتصاب التي تعرّضت لها الطفلة، وأشارت المبادرة، في بيان صدر يوم الأحد الموافق 12 تشرين الأول، إلى أنّ الواقعة تمثّل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الطفولة والكرامة الإنسانية، وتعكس حالة من الانفلات الأخلاقي والمؤسسي داخل بعض المؤسسات التعليمية، في ظلّ غياب واضح لآليات الرقابة والمساءلة.

ووفقًا لما ورد في البيان، فإنّ إدارة المدرسة، ممثَّلة في المديرة، لم تتخذ أيّ إجراءات لحماية الطفلة أو لإبلاغ الجهات المختصة، بل سعت إلى التستّر على الحادثة، وعرضت على أسرة الطفلة الاستمرار في الدراسة مقابل التكتّم على ما جرى. ووَصفت المبادرة هذا السلوك بأنّه تواطؤ مباشر وعرقلة لمسار العدالة، مؤكدةً أنّ مثل هذه التصرفات تُفاقم الأثر النفسي والاجتماعي على الضحايا والناجيات/الناجين، وتُضعف ثقة المجتمع في المؤسسات التعليمية.

ودعت المبادرةُ الإدارةَ التعليمية في ولاية شمال كردفان إلى التدخّل الفوري واتخاذ إجراءات حاسمة، تشمل إيقاف المعنيين بالحادثة، بمن فيهم المديرة، وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في ملابسات الواقعة، ومحاسبة كل من تورّط أو تقاعس عن أداء واجبه. كما طالبت باتخاذ إجراءات قانونية عاجلة بحقّ المتهم، وتقديمه إلى العدالة وفقًا للإجراءات القضائية المعمول بها.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد