النساء بين السينما والقانون.. البحث عن حقوق مهدورة وسط الدفاتر القانونية
تنوعت مشكلات النساء مع القانون في السينما المصرية بين قضايا القتل العمد بذريعة “الشرف”، وحضانة الأبناء والطلاق، ثم مؤخرًا الاغتصاب الزوجي. إلا أن ظهور هذه الأفلام على الساحة، يوضّح تباعدًا زمنيًّا كبيرًا فيما بينها. اليوم نناقش معًا قضايا النساء بين السينما والقانون، باحثات عن حقوق أهدرتها تلك التشريعات.
يعتبر التعريف الاصطلاحي للاغتصاب على رأس تحليلنا لأوضاع النساء في القانون ومصطلحاته الإشكالية
دور السينما في التغيير الاجتماعي
لم تتجنّب السينما المصرية في أفلامها طرح الإشكاليات القانونية ضمن سياق درامي. بل كان هنالك عدة أفلام اقتحمت نظم القانون، وعرضتها على الشاشة مثل فيلم (جعلوني مجرمًا – 1955). يتناول الفيلم قضية شاب يعيش ظروفًا قاسية، ويزج ظلمًا في السجن بتهمة قتل ملفقة، ثم يهرب ليصبح مجرمًا بالفعل.
عقب هذا الفيلم صدر قانون مصري ينصّ على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية، ليتمكّن المخطئ من بدء حياة جديدة.
أما فيلم (كلمة شرف – 1973)، فيقدم قضية شابٍ يدخل السجن بسبب جريمة لم يتورط فيها، ويمنع من رؤية زوجته المريضة قبل وفاتها، لإخبارها بالحقيقة. كان هذا الفيلم سببًا في تعديل قانون مصلحة السجون بالسماح للمساجين بالخروج مؤقتًا لبضع ساعات بصحبة الحراس في الحالات الإنسانية.
بالطبع، لا أقصد هنا أن الفيلم السينمائي عليه أن يكون موجّهًا أو خطابيًّا في معالجته لقضايا بعينها. فالدراما والمتعة الناتجة عنها هي الأولوية في العمل الفني، ثم تأتي بعدها المسؤولية المجتمعيّة. ولكن لا يمكننا إغفال دور الأفلام في التأثير، أو إثارة النقاشات حول القضايا المُلحّة، خاصّة المتعلقة بالنساء والأقليات.
أي كما وصفه بيير سورلين في “بحث سوسيولوجيا السينما الصورة والمجتمع” المنشور في مجلة “سينفيليا” المغربية عام 2019 : “الفيلم السينمائي ليس قصة أو استنساخًا للواقع بل هو إخراج سينمائي اجتماعي”. وفي وجهة نظره، هو “إنتاج ثقافي يعكس توجهات وميول وانتماءات جماعة اجتماعية معينة”.
يوافقه إمانويل إيتس في مقدمة كتابه “سوسيولوجيا السينما وجمهورها” الصادر عام 2021، قائلاً: إن “قوة السينما تكمُن فيما هو اجتماعي”.
(أريدُ حلًّا).. وبداية الخيط
يركز فيلم (أريد حلًّا – 1975)، من تأليف الصحافية حُسن شاه، على ما تعانيه النساء في قاعات المحاكم المصرية. مثّل هذا الفيلم شرارة انطلاق لمجموعة أفلام تناولت قضايا النساء مع القانون. لكنّها كانت فترة وجيزة، وعاد بعدها الصمت ليخيّم على معاناة النساء مع التشريع والقضاء.
بالإضافة إلى بعض الأعمال الدراميّة التي ظهرت بعده في فترات متباعدة لتُلقي الضوء على قضيّة ما. ثم يخفت الضوء ويعمّ الصمت مرة أخرى.
ولمناقشة قضايا النساء بين السينما والقانون، يجب الالتفات إلى السياق العام الذي أنتجها. تم عرض الفيلم بعد انتصار حرب أكتوبر 1973 في مرحلة سياسية حرجة. كان جمال عبد الناصر يحاول تغيير صورة النظام خلالها، وإظهار مميزات عهده. رافقت هذه المرحلة تغيرات اجتماعية كبيرة أثّرت على دراما السينما. فظهرت عدة أفلام تنتقد المعتقلات والسجون، والأفلام التي ندعوها مجازًا بـ”أفلام المقاولات”. اعتمدت الأخيرة على التشييء الجنسي للنساء والاستعراض.
خارج هذا السرب، غردت الصحافية حُسن شاه، ليخرج فيلم “أريد حلًّا” إلى ساحة الجدل عن قضايا النساء بين السينما والقانون.
كان الفيلم صدمةً قوية للشارع المصري، وأثار الجدل حول التغيّر النوعي للقضايا المطروحة في السينما. وحصد شعبيةً كبيرةً آنذاك لوجود “نجوم شباك السينما”، وكسر التدرّج والتسلسل الدرامي.
حيث بدأ الفيلم من الذروة مباشرةً، بمشهد طلب البطلة للطلاق، ومقابلة الزوج لطلبها بالتعنيف الجسدي. انطلقت بعدها الأحداث، إذ رصدت الشاشة رحلة البطلة في الحرية من سجن زوج معنف.
نقلنا الفيلم من الخاص إلى العام – أي من المشكلة الشخصية للبطلة، نحو القضية العامة للنساء المصريات – مشتبكًا بقوة وجرأة مع قانون يحرم المرأة من حقها في تطليق نفسها. فظهرت البطلة في بهو المحكمة بين عشرات النساء الباحثات عن حل، في مشاهد واقعية صادمة.
لكن الفيلم انتهى بجلسةٍ سريّةٍ يستغلّ الزوج فيها بعض الثغرات القانونية، وتخسر البطلة قضية الطلاق.
ما قبل السينما.. سنوات للحصول على الطلاق
وفي مرحلة الستينيات من الواضح أنها كانت تضم كثيرًا من القضايا المتعلقة بهذا الأمر ومنها ذائع الصيت مثل قضية عنايات الزيات وشقيقتها، ففي كتاب “في أثر عنايات الزيات” للكاتبة والأكاديمية إيمان مرسال الصادر عام 2019، سنجد أنها اعتمدت أسلوبًا يمزج الاستقصاء والتوثيق مع الأدب. كان ذلك بهدف رصد ما عانته الكاتبة عنايات الزيات في المحاكم وهي تحاول الحصول على ورقة طلاقها دون جدوى لسنوات طويلة. وتنتهي المأساة بانتحارها عام 1963.
في سياق التقصي، استعرضت إيمان مرسال قصة الأخت الصغرى لعنايات، والتي اختبرت التجربة ذاتها لكن لسنوات أطول، بسبب بطء إجراءات التقاضي. وفي كتابها قالت مرسال: “من النساء اللواتي كتبت عنهن شاه، عظيمة الزيات أخت عنايات الصغرى، والتي ظلت منذ سبتمبر 1962 وإلى وقت نشر الموضوع في 17 مايو/أيار 1967 تجري في أروقة المحاكم طالبة الطلاق من زوجها”.
واستشهدت الكاتبة بجزءٍ من مقال شاه عن عظيمة والذي جاء فيه: “مَن هي عظيمة الزيات؟ مواطنة عادية والدها رجل طيب كل الطيبة، شهدَ تخرج أجيال من الشباب المثقف عندما كان مراقبًا للجامعة. وكان حظه أن له ثلاث بنات تعلمن في مدارس ألمانية وتزوجن واحدة تلو الأخرى.. فكانت المأساة، مأساة عنايات التي انتهت بالانتحار…
لم تكن وصلت يوم انتحارها لأكثر من سن الخامسة والعشرين. وأنا أقول بعد أن عرفتُ قصتها، إنها انتحرت بسبب القسوة. إن حياة عنايات الزوجية الفاشلة قد سببت لها الآلام النفسية، ما جعل أعصابها المرهفة تخونها وتؤثِرِ الموت”.
كما أشارت مرسال إلى أن زوج عنايات استطاع الحصول على حضانة ابنها. حين استغلَ محاميه أوراق علاج عنايات من الاكتئاب كدليل ضدها في قضية الحضانة، وحرمها منه قبل أيام من انتحارها.
View this post on Instagram
الثمانينيات وقمة المواجهة بين السينما والقانون
قضايا القتل بزعم الحفاظ على ما يسمى بـ”الشرف”، ومشاكل تحرّيات النيابة وثغرات القانون، جميعها كانت محل نقاش ونقد في سينما الثمانينيات. بينما ناقشت أفلام مثل (التخشيبة – 1986) و(ملف في الآداب – 1984)، ما تؤول إليه تحريات جهاز المباحث التابع لوزارة الداخلية.
أوضح الفيلم أن “سمعة المرأة في المجتمع”، قد يهزمها اتهام دون دلائل أو حكم قاطع. وهناك أفلام أخرى احتكّت بشكل مباشر مع مشاكل الزوجة والأم في المحاكم، وتحديدًا في حالة قتل الزوج عند ضبطه متلبساً بخيانتها. يضيف ذلك بُعدًا إضافيًا عند الحديث عن قضايا النساء بين السينما والقانون.
فنجد فيلم (عفوًا أيها القانون – 1985) يروي قصة امرأة وجدت زوجها في غرفة نومها مع امرأة أخرى. من أثر الصدمة، تطلِق البطلة عليهما الرصاص بشكل عشوائي، ويتم القبض عليها. في المحكمة، تحاول صديقتها والمحامية الخاصة بها تقليص عقوبتها عبر تحويل القضية من قتل عمد إلى ضرب أفضى إلى الموت.
أما في فيلم (من يوم الزفاف)، تبدأ القصة بالبطل والبطلة في حفل زفافهما، والجميع يركز مع البطل، يقدمون له نصائح ممارسة الجنس والإنجاب. لكنّه يعاني من مشكلة جنسيّة على أثر صدمة نفسية اختبرها في طفولته، بعدما شاهد قتل والده لزوجته بعد خيانتها له.
تحاول الزوجة مساعدة زوجها لحل أزمته، وتنجح، لكنّه يخونها فور استعادة قدرته الجنسية، فتقتله. من الجدير بالذكِر أن والد البطل الذي قتل زوجته، يحاول بكافّة الوسائل المتاحة سجن زوجة ابنه للانتقام منها، ومنع وصول أي دليل يساعد في تخفيف العقوبة عنها.
السينما ترصد تناقض القانون
تعتمد المؤلّفة على هذه النقطة لإبراز التناقض في التعامل بين الرجل القاتل، والمرأة القاتلة. فهناك تمييز واضح في القانون يظهر في المادة رقم (237) من قانون العقوبات المصري: “من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا فقتلها هي ومن يزنى بها، يعاقب بالحبس من 24 ساعة إلى 3 سنوات”، وهي فترة العقوبة لارتكاب الجنحة لا الجناية. ومن هنا، يتم إلقاء الضوء على قضايا النساء بين السينما وقانون العقوبات المصري.
كما حددت المادة رقم (276) من قانون العقوبات المصري، عقوبة جريمة الزنا بالحبس 6 أشهر للزوج وسنتين للزوجة. وحال تنازل الزوج، يتم وقف تنفيذ العقوبة حتى لو كان الحكم نهائيًا. لم يمنح القانون هذا الحق فى تخفيف العقوبة بالنسبة للزوجة، إذا قتلت زوجها في حال ضبطه متلبسًا بجريمة “زنا”. بل يتم تطبيق عقوبة القتل العمد عليها.
وتنص الفقرة الثانية من المادة (2344) من قانون العقوبات على أن “من يرتكب جريمة القتل العمد، يُعاقب بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى”.
مثلًا، في فيلم (التحدي – 1988)، وبرغم فارق السنوات الثلاث بينه وبين فيلم “عفوًا أيها القانون”، إلا أنهما جزآن لذات الفكرة. وذلك بسبب التشابه الكبير في الـ Theme بينهما. ويمكن تعريف “الثيم” بأنه: الفكرة الرئيسية للعمل، وبداية التصوّر والإدراك، ويمكن تسميته بالفكرة الموضوعية، بحسب علي أبو شادي في كتابه “سحر السينما”.
تضبط البطلة زوجها في غرفة نومها مع امرأة أخرى، فتحاول الصراخ وفضح الأمر. لكنّ الزوج يمنعها ويضربها، فتدافع عن نفسها وتقتله. ونظراً لاختلاف ملابسات الموقف عن الفيلم الأول، يستطيع المحامي الحصول على حكم 3 سنوات فقط للزوجة.
لكنها تبدأ معاناة من نوع آخر، وهي محاولة استعادة حضانة الطفل من الجدّ الذي استحصل عليها بعد سجن الأم. لتدور معركة بينها وبين والد الزوج، الذي يتّبع طرقاً غير قانونيّة للخلاص منها والاحتفاظ بالطفل.
الاغتصاب الزوجي وفق تشريعات عدّة، يعتبر تناقضًا لفظيًا، لأن الزوجة من الناحية القانونية تعتبر ملكيّة جنسية للزوج بموجب عقد الزواج.
السينما وقانون القرية: قتل النساء وقضايا الميراث
هناك أيضًا فيلم (النظرة الأخيرة – 1987). تم إنتاجه في فترة زمنية لم تشهَد تطرقًا لقضايا النساء في السينما، أو الحديث عن سلطة الرجال على النساء، فكان سابقةً من نوعه.
يعرض الفيلم ضمن تسلسل درامي مجموعة من المشاهد المتتالية، التي تجسّد قهر النساء في القرية، مثل سرقة الماشية من امرأة أرملة لا تستطيع الدفاع عن نفسها. يناقش الفيلم أزمة الإرث باضطهاد الصاوي (حسن حسني) لأخته، والاستيلاء على أرضها، ثم يقتل زوجها لدفاعه عن الأرض.
يمارس رجال القرية أفعالًا منافية لـ”الآداب العامة” (بلغة القانون)، مثل مشاهدة شرائط فيديو أفلام البالغين، وارتكاب جرائم السرقة والقتل. إلّا أن وجود علاقة واحدة لفتاة خارج إطار الزواج مع أحد شباب القرية، كان كفيلاً بانتفاضتهم جميعًا، مطالبين بتسليمها لوالدها وقتلها. يحدث ذلك بالتوازي مع تغاضيهم عن محاسبة الصاوي على علاقته خارج إطار الزواج مع راقصة. ففي مجتمع كهذا، تكون قوة الرجل موضع خشية وخوف.
عجز القانون عن حماية النساء
أما النهاية، فهي أهم مفصل في الفيلم، حين يقف القانون عاجزًا أمام رغبة الصاوي في استلام ابنته من مركز الشرطة. وبينما الضابط (يوسف شعبان) يحاول منعه، يواجهه المأمور -رتبة أعلى- بأنه ما من مانع قانوني يحول دون اصطحاب الأب لابنته من المخفر، حتى مع يقين الجهات الأمنيّة أنه سيقتلها.
فالجريمة لم تقع بعد، مما يجعل إمكانية احتجاز الأب، أو حماية ابنته من القتل مستحيلة. تظهر شخصية الضابط الساعي إلى حل المشكلة بشكل وِدي خارج القانون كحل للعقدة الدرامية. فيلجأ إلى الضغط على الشاب لكي يتزوج الفتاة، قبل أن يدفنها والدها في الرمال وهي على قيد الحياة.
مع مرور الوقت، تقلّصت الأفلام التي تدخل في هذه المناطق الجدليّة لرصد قضايا النساء، حتى ظهرت سينما الشباب والكوميديا والأكشن وسيطرت على الساحة الفنية. بالإضافة إلى بعض الأفلام التي ركزت على انتقاد الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة، مثل (بنتين من مصر، فيلم ثقافي، هي فوضى، حين ميسرة، احكي يا شهرزاد)، وغيرها.
ونعود مرة أخرى إلى إشكاليات قدرات القانون المحدودة على وقف الجريمة أو محاكمة الفاعل، وتظل قضايا النساء بين السينما والقانون محل نقاش.
View this post on Instagram
التسعينيّات والألفيّة الثالثة: مواجهات محدودة وجرأة في الطرح
في قضية حديثة الطرح نسبيًا على المجتمع وهي الاغتصاب الزوجي، يقدم فيلم (النهاردة يوم جميل – 2021) مثالًا على قضايا النساء بين السينما والقانون. يبدأ الفيلم بـ”آفان تيتر” مشاهد متفرقة، نعرف فيما بعد أنها مشاهد مفصلية في حياة شخصيات العمل. ثم تتسلسل الأحداث بشكل نتعرف من خلاله على ملامح معاناة الشخصيات. وركزت رؤية الإخراج في هذا الجزء على توظيف الكادرات القريبة (very close up shot) لتوضّح للجمهور التفاصيل الدقيقة التي تشغل تفكير كل شخصية، قبل التعبير عنها من خلال الحوار.
ومحور حديثنا هنا عن شخصية سميحة (هنا شيحة)، وهي موظفة في أحد البنوك. تقترب منها الكاميرا ونلاحظ رعشة يديها وجسدها المرتعد بين ثانية وأخرى، كأنها تعرضت لصدمة ما.
يدور الصراع الدرامي بينها وبين المسيطرين على هذا الجسد، وفق تقاليد المجتمع و أعرافه. فهي لا تمتلك جسدها امتلاكًا حرًا. في مرحلة ما قبل الزواج، يكون جسدها ملك لعائلتها. أما بعده، فتنتقل الملكية للزوج. تفقد سميحة قدرتها على إقامة علاقة جنسية مع زوجها، فيقوم بالاعتداء عليها جنسيًا، الفعل الذي يسمّى اصطلاحًا بالاغتصاب الزوجي.
تقرر سميحة اللجوء إلى القانون، فتقابلها الجهات الأمنية برفض تسجيل المحضر. بالإضافة إلى استهجان وتعجّب ضابط الشرطة، الذي لم يستوعب إطلاقًا وضع الشخصية، ورغم إجهاضها بسبب التعرّض للاغتصاب من الزوج. لاحقًا، يتضح الخط الدرامي كاملاً. يوضح المحامي دور القانون وموقفه من الاغتصاب الزوجي، بمشهد تطرح فيه المخرجة دائرة القوانين التي علقت بها سميحة.
حيث يقول: “للأسف متقدريش تعملي محضر لجوزك إنه اغتصبك. لأن مفيش حاجة في القانون بتقول كده. رغم إن قانون العقوبات الباب الرابع مادة (267) بيقول: كل من واقع أنثى عن غير رضاها، يعاقب بالإعدام أو بالسجن المشدد. ولكن المشرع لم يحدد الزوج ضمن الأشخاص اللي تشملهم العقوبة”. فتضطرّ سميحة لرفع قضية “طلاق للضرر”، كي تستطيع الانتقام فقط عن جانب واحد مما حدث لها.
القانون وأزمة المصطلحات
يعتبر التعريف الاصطلاحي للاغتصاب على رأس تحليلنا لأوضاع النساء في القانون ومصطلحاته الإشكالية. يعرّف الاغتصاب على أنه “الإيلاج القسري أو اللاإرادي للجنس عن طريق الحقن المهبلي أو الفموي أو الشرجي”. ولكنه بالتأكيد ليس بهذه البساطة أبدًا. لأنه ليس قائماً على فعل الإيلاج فقط. بل هو كلّ فعل جنسيّ يقوم به المعتدي دون رضا الأطراف الأخرى.
إن تعدّد تعريفات الاغتصاب استناداً على المفاهيم الثقافية والقانونية، هو إشكال يتدخّل في القضية وهيكليتها. فالاغتصاب الزوجي وفق تشريعات عدّة، يعتبر تناقضًا لفظيًا، لأن الزوجة من الناحية القانونية يتم اعتبارها ملكيّة جنسية للزوج بموجب عقد الزواج.
تظل الأعمال التي تطرّقت إلى القصور القانوني فيما يخصّ النساء بإطار درامي إبداعي، قليلة وخجولة. كما أنها تتضمن مباشرة في الطرح، لو قارناها بمجمل الأعمال التي تناقش العديد من القضايا الاجتماعية. في نفس الوقت، تحتاج قضايا النساء إلى أعمال سينمائية تنطوي على إبداع وحبكة درامية تدعم العمل وتجعله على مقربة من الجمهور. وذلك لكسب المزيد من الأصوات المنادية والداعمة لهذه القضايا. على أمل أن تكون قضايا النساء في السينما المصرية قادرة على التأثير الإيجابي، ويحدث تغييرٌ ملموس في الوضع القانوني للنساء.