“هيومن رايتس ووتش”: على سلطات العراق وقف سياسات معاداة مجتمع الكوير
أصدرت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا جديدًا حول مشروع القانون المقترح حاليًا على البرلمان العراقي، بشأن فرض عقوبة الإعدام لممارسة سلوكٍ جنسيًّ مثليّ، والسَّجن للتعبير عن العبور الجندريّ.
وطالبت المنظمة العالمية في تقريرها الحكومة العراقية بسحب مشروع القانون هذا على الفور.
وأضافت: “في حال تبنّيه، سينتهك مشروع القانون حقوق الإنسان الأساسيّة، بما فيها الحقّ في حريّة التعبير، وتكوين الجمعيات، والخصوصية، والمساواة”.
بالإضافة إلى “عدم التمييز ضد المثليّات/ين، ومزدوجات/ي التوجّه الجنسيّ، وعابرات/ي النوع الاجتماعي، والمجتمع الكويري ككلّ في العراق”، وفقًا لتعبير المنظمة.
وكان عضو مجلس النواب العراقي، رائد المالكي، تقدّم بمشروع قانون، في 15 آب/أغسطس الجاري، يهدف إلى تعديل قانون ما يسمّى “مكافحة البغاء” رقم 8 لسنة 1988. وذلك لتجريم العلاقات المثلية والتعبير عن العبور الجندريّ جنائيًّا.
حينها صرّح المالكي أن “الهدف من مشروع القانون الحفاظ على المجتمع العراقي من الانحراف والدعوات إلى “الشذوذ” التي غزت العالم”، على حد وصفه.
نظرة على القانون الهوموفوبي!
يصف مشروع القانون المقترح، بحسب مراجعات “هيومن رايتس ووتش”، العلاقات الجنسية المثلية بأنّها “شذوذ جنسيّ”.
ويعرّف المشروع هذه العلاقات على أنّها “أيّ وطء بين شخص وشخص آخر من الجنس نفسه، إذا تكرّرت ممارسته لأكثر من 3 مرات”.
وبناءً عليه، أفادت “هيومن رايتس ووتش” أنه “إذا تم إقرار مشروع القانون، ستُعاقب العلاقات الجنسية المثلية بالإعدام أو السجن المؤبد”.
وينصّ على السجن 7 سنوات، مع دفع غرامة مالية تتراوح بين 10 ملايين دينار عراقي، أيّ ما يعادل 7 آلاف و700 دولار أميركي، و15 مليون دينار عراقي، أيّ ما يعادل 11 ألفًا و500 دولار أميركي، “للترويج لما يسمّى الشذوذ المثليّ”، وهي تهمة غير محدّدة.
وبحسب المراجعات نفسها، يستهدف مشروع القانون تحديدًا النساء العابرات جندريًّا، بالسجن بين سنة و3 سنوات أو دفع غرامة تتراوح بين 5 ملايين دينار عراقي، أيّ حوالي 3 آلاف و400 دولار أميركي، و10 ملايين دينار عراقي، لكلّ من “مارست أيّ فعلٍ من أفعال التخنّث”.
ويعرّف القانون هذا الأمر على أنّه “التشبّه بالنساء“. ويشمل “وضع مساحيق التجميل، وارتداء الملابس النسائية، والظهور بمظهر يشبه النساء في الأماكن العامة”.
كذلك، يحظر مشروع القانون العلاج بالهرمونات البديلة أو ما يسمّيه “تغيير الجنس”، بناءً على الرغبة الشخصيّة. فضلًا عن أيّة محاولة لتغيير الهويّة الجندرّية، ويعاقب عليها بالسجن بين سنة و3 سنوات.
تنطبق العقوبة نفسها على أيّ/ة جرّاح/ة أو طبيب/ة آخر/ى يجري/تجري جراحة تأكيد الجندر.
ويستثني القانون حالات “حاملات/ي صفات الجنسين التي تتطلّب تدخّلًا جراحيًا لتأكيد الجنس البيولوجي ليكون إما ذكر أو أنثى فقط”.
فيما لفت التقرير إلى أن العراق لا يُجرّم صراحةً السلوك الجنسي المثلي بالتراضي. لكن رغم ذلك تستخدم السلطات قوانين “الآداب” الغامضة لملاحقة أفراد مجتمع الكوير.
“مشروع القانون يشكّل تهديدًا على حيوات العراقيات/ين”!
ربطت “هيومن رايتس ووتش”، في التقرير، بين تقديم مشروع قانون مكافحة المثلية، وخطابات المسؤولين العراقيين منذ أشهر، المعادية للأقليات الجنسيّة والجندريّة. وكذلك الحملات القمعيّة التي تشنّها حكومة البلاد ضد المنظّمات الحقوقية.
من جانبها، أشارت رشا يونس، وهي الباحثة الأولى في حقوق المجتمع الكويري في المنظّمة، إلى أن “القانون المقترح يشكّل تهديدًا على حيوات العراقيات/ين اللواتي/الذين يواجهنَ/ون أصلًا بيئة معادية للكويريات/ين”.
وتابعت: “يوجّه المشرّعون العراقيون رسالة مروّعة إلى مجتمع الكوير، مفادها أن تعبيرهنَّ/م إجراميّ، وأن لا أهمية لحيواتهنَّ/م”.
واعتبرت رشا يونس أن الحكومة العراقية “لم تعالج الممارسات التمييزية التي تدعم العنف ضد مجتمع الكوير. بل روّجت لتشريعات قائمة على “الآداب”، تناهض وتغذّي العنف والتمييز ضد الأقليات الجنسية والجندرية المهمشة أصلًا”.
وطالبت حكومة العراق بـ”نبذ مشروع القانون، وإنهاء دوامة العنف والإفلات من العقاب ضد هذه الأقليات فورًا”.
كيف يخالف مشروع القانون الدستور العراقي والاتفاقيات الدولية؟
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية حقوق جميع العراقيات/ين، بمن فيهن/م مجتمع الكوير.
فالقانون المقترح يخالف الدستور العراقي، الذي يحمي الحق في عدم التمييز، وفقًا للمادة 14، والحق في الخصوصية بحسب المادة 17.
فضلًا عن التزامات العراق بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. إذ يؤكد “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادق عليه العراق عام 1971، على “الحق في الحياة والحريّة، والأمن الشخصيّ والخصوصيّة، وحريّة التعبير”. وبالمثل، يؤكد “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي انضم إليه العراق، على هذه الحقوق.
هذا ويحظر القانون الدولي “عدم المساواة في الحماية من العنف، وعدم المساواة في الوصول إلى العدالة”.
ويضمن “العهد الدولي” المذكور في المادتين 2 و26، “حقوق الإنسان الأساسية والحماية المتساوية أمام القانون من دون تمييز”.
وكانت “لجنة حقوق الإنسان” التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئة الخبراء الدولية التي تقدم تفسيرات رسمية للعهد، أوضحت أن “التوجّه الجنسي والجندريّ هو وضع محمي ضد التمييز بموجب هذه الأحكام”.
تصاعد وتيرة العنف والتمييز ضد مجتمع الكوير في العراق!
فنّد التقرير تسلسل التصاعد المرعب بوتيرة العنف والتمييز الممارسيْن ضد الأفراد الكويريات/ين في العراق.
وتطرّق إلى “الاستهداف الذي يواجهنه/ونه على الإنترنت، والعنف القاتل ضدهنَّ/م من جانب الجماعات المسلّحة في البلاد. وما يقابلهما من إفلاتٍ معتادٍ من العقاب”.
كما تحدّث عن التوجيه الذي أصدرته “هيئة الاتصالات والإعلام” العراقية، بتاريخ 8 آب/أغسطس الجاري، وأمرت به جميع الوسائل الإعلامية، باستبدال مصطلح “المثلية الجنسية” بـ”الشذوذ الجنسي” في موادها المنشورة والمذاعة. مع حظر استخدام مصطلحيّ “النوع الاجتماعي” و”الجندر“.
أما في 31 أيار/مايو الماضي، فأمرت محكمة في إقليم كردستان العراق بإغلاق منظمة “راسان” الحقوقية، بذريعة “أنشطتها في مجال المثلية الجنسية”، بحسب تأكيد التقرير.
كذلك خلال أيلول/سبتمبر من العام الماضي، قدّم نوّاب في برلمان الإقليم مشروع قانون مماثل، لحظر “الترويج للمثلية الجنسية”، والذي من شأنه أن يعاقب المدافعات/ين عن حقوق مجتمع الميم عين لام+.