تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 13 عامًا من الانتهاكات بحق السوريات
قرابة 29 ألف امرأة وفتاة تم قتلهن، و77% من الانتهاكات ارتكبها النظام
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثاني عشر عن الانتهاكات بحق الفتيات والنساء في سوريا. وجاء في التقرير توثيق للانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف كافة خلال 13 عامًا منذ آذار 2011 وحتى نوفمبر 2023.
ووفقاً للتقرير فقد تعرضت النساء والفتيات في سوريا لأنماط عديدة ومتكررة من الانتهاكات. وتتفاوت في شدتها وانتشارها وتداعياتها الحالية والمستقبلية على المرأة السورية بحسب كل نمط.
بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان حول الانتهاكات
وقد ركَّز التقرير على فئات من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها النساء والفتيات والتي مورست على نحو ممنهج وعددها سبعة وهي:
القتل “خارج نطاق القانون” حسب تسمية التقرير، الاحتجاز غير المشروع والاعتقال التعسفي والاختطاف والاختفاء القسري، التعذيب، العنف الجنسي، تجنيد الطفلات، والاعتداءات/الهجمات على المنشآت الطبية كالمستشفيات ومنع أو عرقلة وصول المساعدات.
و أفاد التقرير أن ما لا يقل عن 28926 امرأة وفتاة تم قتلهنّ منذ عام 2011، 117 منهنّ بسبب التعذيب. و 11203 ما يزلن قيد الاعتقال، إضافة إلى 11541 حادثة عنف جنسي استهدفت النساء والفتيات، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات قد ارتكبها النظام السوري.
استهداف النساء والفتيات.. القتل العمد
سجَّل التقرير مقتل 28926 امرأة وفتاة على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى 25/ تشرين الثاني/ 2023. بينهن 22061 قتلن على يد قوات النظام السوري، و1608 على يد القوات الروسية، و981 على يد تنظيم داعش، و87 على يد هيئة تحرير الشام.
وأضافَ أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قتلت 279 امرأة/ فتاة، فيما قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 1324 امرأة/فتاة، وقتلت 961 امرأة/ فتاة إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1625 امرأة/ فتاة قتلنَ على يد جهات أخرى.
وأظهر تحليل البيانات أنَّ النظام السوري مسؤول عن قرابة 77 % من عمليات القتل العمد. ووفقاً للمؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا فإنَّ عام 2013 كان الأسوأ من حيث استهداف الإناث بعمليات القتل تلاه عام 2012 ثم 2014 ثم 2015.
الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب
قال التقرير إنَّ ما لا يقل عن 11203 امرأة/ فتاة لا تزلن قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الإخفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا. بينهن 8962 على يد قوات النظام السوري، و49 على يد هيئة تحرير الشام، و921 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و971 على يد جميع المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني.
وأضاف التقرير أنَّ 276 امرأة/ فتاة منهن، كان قد اعتقلهن تنظيم داعش قبل انحساره وما يزلن قيد الإخفاء القسري حتى 25/ تشرين الثاني/ 2023. وقد أوردَ التقرير مؤشرًا تراكميًا لحصيلة عمليات الاعتقال بحق النساء منذ آذار/ 2011. فأظهر أنَّ عام 2015 كان الأسوأ، وكانت قرابة 78 % من عمليات الاعتقال التي سجلت فيه على يد قوات النظام السوري.
ووفقاً للتقرير فإنَّ 117 امرأة/ فتاة قد قتلنَ بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار 2011، بينهن 97 قتلنَ في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري. وقضَت 14 منهن في مراكز الاحتجاز التابعة لتنظيم داعش، و2 في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، و2 في مراكز الاحتجاز التابعة للمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، كما قتلت 1 أنثى بسبب التعذيب على يد جهات أخرى.
وطبقاً للتقرير فإن قوات النظام السوري استهدفت النساء/ الفتيات بعمليات الاعتقال على أساس الجندر. على اعتبار أن القبض على النساء/ الفتيات واحتجازهن وسيلة لتحقيق السيطرة على المناطق وضمان الانقياد لسيطرتها.
كما استهدفت النساء/ الفتيات على خلفية دورهن وأنشطتهن التي قمن بها. من مشاركتهن في تظاهرات واعتصامات سلمية بهدف التغيير السياسي أوبمختلف الأنشطة المدنية والإعلامية والحقوقية.
وأضاف أنه في كثيرٍ من الأحيان اعتقلت النساء/ الفتيات لمجرد انتمائهن إلى منطقة معينة أو طائفة وعرق محدد.
وذلك أثناء تنقلهن ومرورهن على نقاط التفتيش أو عند مراجعتهن للمؤسسات الحكومية.
واتسمت هذه العمليات بطابع انتقامي ضمن سياسة العقاب الجماعي، أو لابتزاز عوائلهن ماديًا ومعنويًا والضغط والتضييق عليهم.
وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 23 امرأة/ فتاة من المختفيات لدى قوات النظام السوري تم تسجيلهن على أنهن متوفيات في دوائر السجل المدني. وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى 25 تشرين الثاني/ 2023، دون ذكر سبب وفاتهن، ولم يسلم النظام جثامينهن لذويهن، ولم يعلن عن وفاتهن وقت حدوثها.
وتحدث التقرير عن استخدم النظام السوري العنف الجنسي ضدَّ النساء، كأداة حرب وعقاب بهدف نشر الرعب وإجبار السكان على تفريغ المنطقة والنزوح منها قبيل اقتحامها.
وكأسلوب من أساليب التعذيب والانتقام والترهيب، وبالتالي فإن تنفيذه على هذا النحو الواسع تم بوجود موافقة ضمنية من الضباط والمسؤولين في الأجهزة الأمنية وقوات الجيش التي أعطت الصلاحيات بارتكابه.
وأوردَ التقرير أبرز أشكال العنف الجنسي التي مارستها قوات النظام السوري، فقال إنها ارتكبت ما لا يقل عن 8019 حادثة عنف جنسي، بينها قرابة 881 حادثة حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وما لا يقل عن 443 حالة عنف جنسي لفتيات دون سنِّ الـ 18.
استهداف المنشآت الطبية والتجنيد القسري
وذكر التقرير أن عمليات القصف التي استهدفت المنشآت الطبية أدت إلى تداعيات خطيرة على النساء والفتيات، خاصةً وأن معظمها كان متعمداً.
وأسفرت عن إصابات بالغة وخسائر بين النساء والعاملات/ين في القطاع الصحي، كما أدى تدمير المنشآت الطبية إلى توقف الرعاية الصحية للنساء.
وهذا يعني فقدان النساء/ الفتيات للخدمات الصحية الأساسية التي تحافظ على صحتهن، كما أدت العمليات العسكرية إلى توقف عمل هذه المنشآت بشكل مؤقت في معظم الأحيان وقد ترتب على ذلك آثار جسيمة.
وسجل التقرير ما لا يقل عن 555 حادثة اعتداء على المنشآت الطبية من قبل قوات النظام السوري؛ ما أدى إلى خروج غالبيتها عن الخدمة.
وما لا يقل عن 209 حادثة على يد القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015 حتى 25/ تشرين الثاني/ 2023. وما لا يقل عن 12 حادثة على يد قوات سوريا الديمقراطية وما لا يقل عن 2 حادثة على يد هيئة تحرير الشام وما لا يقل عن 15 حادثة على يد المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني منذ آذار/ 2011 حتى 25/ تشرين الثاني/ 2023.
وجاء في التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية إضافةً إلى عمليات القتل، فإنها قامت بعمليات احتجاز للنساء والفتيات.
وأخضعت المحتجزات لظروف غاية في السوء، حيث تعرضنَ لأساليب متنوعة من التعذيب، وفي كثير من الأحيان تتم معاملتهن على أساس عرقي. ويحرَمن من الرعاية الصحية والغذاء، ولا توجَّه إليهن تهمة محددة ولا يخضعن لمحاكمة إلا بعد مرور زمن طويل على احتجازهن، الذي قد يستمر أشهراً وصولًا إلى عدة سنوات.
وأضافَ التقرير أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قامت بعمليات التجنيد القسري في مناطق سيطرتها على نطاق واسع واستهدفت الفتيات بمن فيهن الطفلات.
وذلك لتعزيز قواتها وفرض سيطرتها على المناطق الخاضعة لها. وتعتبر القاصرات والطفلات جزءًا أساسيًا من قوات سوريا الديمقراطية وتجري عمليات التجنيد ضمن سياسية ممنهجة وراسخة بدعم وإشراف من حزب العمال الكردستاني.
وفي هذا السياق وثق التقرير ما لا يقل عن 281 حالة تجنيد لطفلات على يد قوات سوريا الديمقراطية. وتسبَّبت عمليات تجنيد الطفلات من قبل قوات سوريا الديمقراطية في مقتل ما لا يقل عن 8 طفلات منهن في ميادين القتال.
وسجل تسريح قرابة 164 طفلة من مجمل حالات التجنيد، ولا يزال ما لا يقل عن 109 طفلة قيد التجنيد لدى قوات سوريا الديمقراطية.
وأضافَ التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية استخدمت عدة أنماط من العنف الجنسي ضدَّ النساء/ الفتيات. إما داخل مراكز الاحتجاز التابعة لها أو في المخيمات التي تقوم بحراستها وإدارتها.
وتم تسجيل ما لا يقل عن 17 حادثة عنف جنسي ارتكبتها قوات سوريا الديمقراطية حتى 25/ تشرين الثاني/ 2023.
وتطرَّق التقرير إلى عمليات التهديد والتشهير الموجهة ضد النساء الناشطات في مختلف مناطق السيطرة. فذكر أن هذه الحملات والهجمات تنوعت بين التهديدات بالعنف الجسدي واللفظي الموجه لهن بشكل مباشر أو عبر رسائل نصية. والتشهير بهن ونشر خصوصياتهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي وضمن المجتمع.
وفي العديد من الأحيان وصل حد استدعائهن للمقرات الأمنية التابعة للقوى المسيطرة وتوجيه تهماً أخلاقية لهنَّ تمس كرامتهن أو الاعتداء عليهن أثناء وجودهن في الأماكن العامة.
وسجل التقرير تعرض العديد من النساء المشاركات في الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري التي شهدتها محافظة السويداء منذ مطلع آب/2023 لحملات تشهير وتهديد وضغوطات أمنية واجتماعية، هدفت بشكل رئيسي للضغط عليهن لإيقاف نشاطهن.
وأضاف أن هيئة تحرير الشام طبقت عبر المؤسسات التابعة لها العديد من القرارات الخاصة بالتمييز ضد النساء ضمن مناطق سيطرتها. على سبيل المثال، الفصل بين الرجال والنساء في الجامعات، كما حرمت الطالبات من دراسة وتعلم تخصصات معينة في الجامعات الواقعة تحت سيطرتها. وألزمتهن بالتقيد بتعاليم خاصة بمظهرهن وحدَّت من حرياتهن الشخصية.
وأكد التقرير أن الجرائم الواردة فيه، والتي مارسها النظام السوري على شكل هجوم واسع النطاق وعلى نحوٍ منهجي والتي تُشكِّل جرائم ضد الإنسانية تشمل: القتل، والتعذيب، والاغتصاب، والتشريد القسري.
وأوضحَ التقرير أنَّ الانتهاكات الواردة فيه والتي مارسها النظام السوري وبقية أطراف النزاع وتُشكل جرائم حرب تتجسد في: العنف الجنسي، والعنف ضد الحياة، وخاصة القتل بجميع أنواعه، والتشويه والمعاملة القاسية، والاعتداء على الكرامة الشخصية.
وأوصى التقرير أن تنسق عمليات المساعدة الإنسانية بحسب المناطق الأكثر تضررًا، وتجنّب ضغوط وابتزاز النظام السوري بهدف تسخير المساعدات لصالحه. وتخصيص موارد كافية لإعادة تأهيل الناجيات وبشكل خاص اللواتي تعرضن للعنف وللاستغلال الجنسي، والتزويج القسري. وإنشاء دور رعاية وحماية خاصة للنساء المعنفات واللواتي تعرضن للنبذ من قبل أسرهن ومجتمعاتهن.