حبس وتغريم يوتيوبر مصري بعد الإساءة للفنانة المصرية منى زكي
بتهمة سب وقذف الفنانة المصرية منى زكي، حكمت محكمة القاهرة الاقتصادية مطلع كانون الثاني/يناير الجاري على اليوتيوبر المصري أحمد وجيه بالسجن مدة شهر وغرامة 20 ألف جنيهًا مصريًا. وذلك بعدما نشر اليوتيوبر مقطعًا مسيئًا للفنانة على موقع يوتيوب بسبب الدور الذي أدته في فيلم “أصحاب ولا أعز“.
منى زكي والترويج للمثلية الجنسية
جاء الحكم على خلفية الجدل المُثار حول فيلم “أصحاب ولا أعز” والذي تم بثه على شبكة نتفليكس خريف عام 2021.
بعد بث الفيلم، غضب الجمهور من منى زكي التي ظلّت رمزًا “للسينما النظيفة” لعقودٍ طويلة منذ التسعينيات. إذ كانت واحدة من النجمات الصاعدات اللواتي امتنعن عن الأدوار الجريئة والمثيرة للجدل أو التي تحتوي على مشاهد حميمية، بزعم أن “الفن رسالة سامية”.
أبرز نجمات هذا الجيل خضعن لمعايير الفن السامي والسينما النظيفة، مثل غادة عادل، حنان ترك، ياسمين عبد العزيز، وغيرهن، ليسطع نجمهن وسط تصاعد موجات الأخلاقاوية المحافظة في مصر آنذاك. ثم قارن الجمهور بينهن وبين جيل النجمات السابقات اللواتي أدين أدوارًا صادمة للمجتمع، مثل يسرا، إلهام شاهين، ليلى علوي، نبيلة عبيد، نادية الجندي، والمخرجة إيناس الدغيدي.
فاجأت منى زكي جمهورها في فيلم “أصحاب ولا أعز”، والذي كانت تخون زوجها فيه مع صديق عرفته عن طريق الإنترنت.
تظهر منى زكي في مشهدٍ وهي تخلع سروالها الداخلي، تلبيةً لرغبة هذا الشخص، الذي لا يعرف زوجها عنه بطبيعة الحال. ومع انكشاف الأحداث، تظنّ لوهلة أن زوجها مثلي الجنس، وتبدأ الاتهامات بينهما بالخيانة أمام مجموعة من الأصدقاء.
View this post on Instagram
أمّا مَن كان مثليًا بالفعل، فهو صديق ضمن هذه المجموعة والذي رفضه بعضهم بسبب ميله الجنسي، وقبله البعض الآخر. كانت تلك محاكاة واقعية للضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها الأفراد الكوير في المجتمعات الناطقة بالعربية. لكن كل هذه الحبكة أربكت جمهور السينما النظيفة الذي اعتاد منى زكي في أدوار الفتاة المهذبة المطيعة المحبوبة والمقبولة اجتماعيًا.
مؤامرة على الأخلاق وقيم الأسرة
يُذكر أن الانتقادات بالترويج للمثلية الجنسية لم تطَل منى زكي وحدها. إنما طالت فريق العمل بأكمله من ممثلات/ين وصناع/صانعات سينما. وما زاد الطين بلة، كان البث على منصة نتفليكس المعروفة بمناصرة حقوق المجتمعات الكويرية.
فورًا، شعر الجمهور بالمؤامرة على الأخلاق والقيم، حتى أن بعض المحامين رفعوا دعاوى قضائية ضد المنتج المصري المشارك محمد حفظي بتهمة خدش الحياء العام. لكن البعض تجاوز حدود النقد إلى السبّ والقذف والتشهير، مثل اليوتيوبر أحمد وجيه.
فنشر اليوتيوبر مقطعًا مصورًا يتهم فيه منى زكي بالترويج للمثلية الجنسية وإفساد الأخلاق العامة على قناته بموقع يوتيوب. وهو ما أثار سخطًا لدى نقابة المهن التمثيلية التي اتخذت موقفًا تضامنيًا مع منى زكي، بعد تعرضها للهجوم بسبب دورها في الفيلم. بجانب مواقف تضامنية عدة من فنانات وفنانين، أشهرهن/م إلهام شاهين.
قضية “سب وقذف وتشهير وإساءة سمعة” رفعتها نقابة المهن التمثيلية، بالتعاون مع محامي منى زكي في كانون الثاني/يناير 2023، ليتم الحكم فيها هذا العام لصالح منى زكي.
وعبّرت منى زكي عن شعورها بالإنصاف في مداخلة مع المذيعة المصرية رضوى الشربيني:
“الحكم مؤشر جيد، ويفكرنا بأن النقد مقبول طالما تنتقد العمل الفني بكامل حريتك. ولكن لا تسئ ولا تجرّح في الفنانات/ين المشاركات/ين في العمل”.
ماذا بعد الحكم لصالح منى زكي؟
في الواقع، المواد القانونية التي لجأ إليها فريق الدفاع في هذه القضية هي نفسها إشكالية إلى حدٍ كبير. فمثلًا، صرح شعبان سعيد المحامي في نفس البرنامج بأن: “[…] ولكن من غير المقبول السب والقذف والطعن في الأعراض ضد الفنانين”. وهو تصريح بدوره يجعلنا نتساءل عن مفهوم “الأعراض” والطعن فيها.
أجازت مواد قانون العقوبات المصري التقاضي بتهم السب والقذف. وهناك جدالات في الأوساط الحقوقية عمّا اذا كانت هذه المواد تحدّ من حرية الرأي والتعبير. لكن ما هو على المحك هنا، إعادة إنتاج مفهوم “الشرف والعِرض”.
ونلاحظ الفجوة في المفردات المستخدمة من المحامي ومن منى زكي نفسها. حيث استخدمت لغة حيادية مقارنة بأخرى أبوية استخدمها سعيد.
ربما هذه فرصة جيدة للتذكير بأن الجرائم الإلكترونية ما تزال جرائم، وأن الحريات الفردية تتضمن حرية الرأي والتعبير دون إساءة إلى أخريات/آخرين بالقول والفعل المباشرين.
وهي أيضًا فرصة جيدة للتذكير بأن استخدام لغة غير حساسة للنوع الاجتماعي مثل “الأعراض”، ربما تخاطر بمكسبٍ أصيلٍ مثل الحق في دفاع النساء عن أنفسهن، ودون أن يكون هذا الدفاع مرتبطًا بالضرورة بـ”العِرض والشرف”. كما لو أن مستخدميها لا يعيرون اهتمامًا لحقوق النساء إلا في إطار أبوي وأصولي محافظ.