كيف أثْرت النسوية مفهوم العدالة الاجتماعية؟
في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 شباط/ فبراير من كل عام يومًا عالميًّا للعدالة الاجتماعية.
ويعود انتشار مصطلح العدالة الاجتماعية إلى النصف الثاني من القرن الماضي، بعد حركات مناهضة الاستعمار وانتشار خطابات الحقوق والحريّات المدنية.
ففي ستينات القرن العشرين، شكّل الحراك الحقوقي المدني العالمي النواة الأولى لخلق منظور العدالة الاجتماعية.
ومع نمو الحركات الاجتماعية الهادفة إلى التوزيع العادل للثروات والموارد، نما الانتباه إلى أن هذا التوزيع يلزمه تركيزًا على تحسين فرص حصول الجميع عليها.
وبينما كثّف منظرو الاقتصاد والاجتماع مفهوم العدالة على التكافؤ الاقتصادي، كانت النسويات والناقدات الاجتماعيات يركزن على العوامل التي تؤثر عليه وتحدده وتُعيقه، ويُفككن أسباب ذلك.
في هذه المناسبة، نتذكّر معًا أن انتباه النسوية للاختلاف والتعددية، كان أحد الأسباب التي أثرت مفهوم العدالة الاجتماعية.
ففي حين ارتكز في بداياته على الجانب الاقتصادي لحيوات البشر، مثل عدالة توزيع الثروات والموارد، لضمان تكافؤ الفرص وسد الفجوات الاجتماعية الناتجة عن سوء التوزيع، أتت النسوية لتثري مفهوم العدالة الاجتماعية. فلفتت الانتباه إلى العقبات التي تحدد حصول الأفراد والمجموعات على توزيعٍ عادلٍ من الموارد والفرص والحقوق والحريات، مثل الطبقة الاجتماعية، النوع الاجتماعي، العرق، الإثنيّة، العقيدة الدينية، العمر، الميل الجنسي، الحالة الجسدية، الصحة النفسية، المواطنة، وغيرها.
وبذلك، تجاوزت العدالة الاجتماعية مفهوم التوزيع، واتجهت نحو رؤية أكثر شمولًا تتضمن الحريات الفردية والشخصية والحريات العامة. بالإضافة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تقوم بتمكين الأفراد والمجموعات من المطالبة بالعدالة وممارستها كما يرونها لأنفسهن/م، لا كما تراها دولة، أو مجموعة مهيمنة، أو دائرة نخبوية.
إن المنظور النسوي يعكس تقاطعية القضايا في مقاربته للعدالة الاجتماعية. إذ يتضمّن مفاهيم العدالة الجندرية، العدالة الجنسية والإنجابية، العدالة الصحية، العدالة النفسية. كما يعالج ما يُعيق وصول العدالة للفئات المهمّشة، والأكثر عرضة للتهميش والإقصاء.