بين التحايل واستغلال النساء.. برنامج “تعارف” يتثير غضبًا تونسيًّا
أثار صانع محتوى تونسي يدعى “برندق” غضبًا واسعًا في تونس، بعد نشر مقطع فيديو تضمن محتوًى مهينًا للنساء والفتيات.
وأظهر المقطع 30 فتاة/ امرأة، وهن يقفن في طابور ويعرضن أنفسهن على الشاب من أجل اختيار واحدة منهن للدخول معها في علاقة. بينما كان الأخير يقوم بعملية فرز وتقليب لكل واحدة منهن بطريقةٍ ساخرة، وبشروط ومقاييس مهينة تعتمد فقط على الصفات الجمالية والجسدية. ليقوم في النهاية إما بقبولها أو برفضها.
أحدثت هذه الخطوة ضجةً واسعة لما تعكسه من تسليع وإساءة للفتيات. ترافق ذلك مع مطالب بتوقيف “التيك توكر” بتهمة استغلال فتيات من أجل تحقيق المشاهدات.
وتم تداول المقطع -ومدته 15 دقيقة- بشكلٍ كبير، وهو يظهر الشاب وهو بصدد “الفرز” بين ثلاثين فتاة من أجل اختيار صديقة.
ما أثار الغضب من البرنامج هو الطريقة التي تم التواصل بها مع الفتيات، والتي تبين فيما بعد أنهن تعرضن للاحتيال من خلال إيهامهن أن الدعوة هي لتجارب أداء تمثيلية وليس للمشاركة في برنامج تعارف.
في هذا السياق، أكدت الناشطة الحقوقية ورئيسة جمعية “شرّع واحميني” رباب التواتي أن “هذا الفيديو يمسّ بصورة المرأة والفتاة التونسية”.
واعتبرت، في تصريحٍ لإذاعة “موزاييك”، أن الفتيات اللاتي ظهرن في الفيديو “ضحايا”، مشيرةً إلى أنه “تمّ التحايل عليهن”.
و قالت إن “بعض الفتيات تلقين اتصالًا من شخص يعمل في قناة تونسية دعاهنّ إلى المشاركة في مسابقة والفوز بجوائز. في حين تم الاتصال بالبعض الآخر ودعوتهنّ إلى المشاركة في “تجارب أداء” لإشهار معيّن”.
وأكدت رباب التواتي أنه “تم التحايل على جميع الفتيات، ما أدى إلى تعرض إحداهن لانهيارٍ عصبي بعد تداول الفيديو”.
ما حدث في هذا البرنامج يؤكد النظرة الدونية التي تقدم بها النساء في الإعلام. نظرةٌ تتجاهل موافقتهن وتعرضهن للخطر والمحاسبة الأبوية، لإرضاء التصورات الذكورية حول الرجولة، ومقدرة الرجل على الحصول والاختيار بين أكثر من امرأة.
بينما نلاحظ أن نفس النظام الأبوي يسحب من النساء حق الموافقة ويتحايل عليهن لتحقيق رغبات مهينة للرجال.
في سياق متصل، سبق أن عُرض في لبنان برنامج مشابه قُدّم على أنه “ترفيهيًّا”. يشارك في البرنامج الذي يحمل عنوان “نقشت take me out” مجموعة من الرجال، يقومون في كلّ حلقة بالحصول على موعدٍ غرامي مع امرأة يختارونها بين 30 امرأة داخل الاستديو.
مثل هذه البرامج تتجاهل موازين القوى الأبوية في المجتمع بل وتكرسها، وذلك من خلال جعل النساء مجرد حشود تنتظر أن يتم اختيارها من رجلٍ ما.
بينما نفس المجتمع لن يتسامح مع امرأة تقوم باختيار شريكها من بين عدة رجال، بل ولن يتسامح مع النساء اللواتي يظهرن في هذه البرامج حيث ستلاحقهن الوصمة الأبوية للأبد.