تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
كتاب “تسع عشرة امرأة – سوريّات يروين” للروائية والصحافية السورية سمر يزبك. تقول سمر عن كتابها هذا “يضمّ هذا الكتاب جهد مجموعة حوارات أجريتُها مع خمس وخمسين امرأة في البلدان الّتي لجأنَ إليها: تركيا، فرنسا، ألمانيا، كندا، لبنان، بريطانيا وهولندا، وكذلك في الدّاخل السّوريّ. اخترت منها تسع عشرة شهادة فقط، بسبب الشّبه المتكرّر في تجارب النّساء، والّذي يظهر لنا جزءًا من الجحيم الّذي قاومنه بشجاعة في سورية، وهو جزء من جحيم تعيشه النّساء في العالم العربيّ وفي مناطق أخرى من العالم، فكانت الأولويّة في الاختيار لمسألة التّنوّع الجغرافيّ السّوريّ، لتشكيل مشهديّة أوسع عن الذّاكرة.
تسع عشرة امرأة.. معاناة السوريات مع الحرب والشتات
هذا الكتاب هو أحد طرائقي في المقاومة، وجزء من إيماني بدورنا كمثقّفين وكتّاب في تحمّل مسؤوليّتنا الأخلاقيّة والوطنيّة تجاه العدالة وإنصاف الضّحايا، والّتي يتجلّى أهمّ وجوهها في حربنا ضدّ النّسيان”. هذا ما وصفت سمر كتابها به.
يتألف الكتاب من 19 شهادة نصية، جمعتها سمر يزبك من خلال الحوارات، واللقاءات مع نساء سوريات فاعلات في مجالات سياسية واجتماعية متعددة، منها الإغاثة، الطب، الإعلام، السياسة، والمجتمع والتنمية.
من الكتاب:
“في اليوم الأخير وقبل خروجي النّهائي من “حلب”، أردتُ إيصال معونات غذائيّة إلى مجموعة عائلات، كانت على وشك الموت جوعًا. كنتُ أركض في منطقة فيها قنّاصة، فرأيتُ سيّارة مشتعلة إثر قذيفة سقطتْ عليها، وفيها ناس يحترقون. لم أتوقّف لأُسعفهم، فقد كانوا موتى، وأنا أعرف أن هناك أطفالًا جائعين في انتظاري. عندما وصلتُ إلى مكان وجود العائلات، وقبل أن أُسلِّمها الطّعام، سقطتْ قذيفة فوقنا. في الدّقائق العشر الأولى، لم أرَ سوى الدّخان الأسود، ثمّ بدأ ما حولي يتّضح شيئًا فشيئًا من جثث وأشلاء. عشتُ من جديد! وقلتُ في نفسي: يا للكارثة! لقد عشتُ.
أمضيتُ ثلاثة أرباع السّاعة أبحث عن سيّارة لنقل الجرحى. كان المصابون كُثُر. لن أنسى ذلك اليوم ما حييتُ! مات الجرحى أمامي، ولم أستطع إنقاذهم. كانوا أفراد عائلات جائعين، تحوّلوا فجأة خلال دقائق أشلاء متناثرة أمامي! حدث هذا في حَيّ “أغيور” في الشّهر الحادي عشر من عام 2016.
حتّى الآن لا أصدّق كيف بقيت على قيد الحياة. لقد خرجت عشرات المرّات من تحت الأنقاض والرّكام وانتشلت جثث أصدقائي”.
فاطمة- القنيطرة
“كانت جلسات التعذيب بالكهرباء، على رجلي بدايةً، وكان حلقي ينشف نتيحة صدمات الكهرباء، فيسقونني ماء، ثم يعاودون التعذيب، لاحقاً، ونتيجة التعذيب، تمزق الغضروف في ركبتي، وصارت حركتي صعبة، ولا أستطيع تحريك رجلي جيداً الآن، استمروا في التعذيب، ولم أعد أبدي أي رد فعل، توقفت عن البكاء والصراخ، كنت لا شيء، ومحطمة ومذهولة من الاتهامات الموجهة إلي”.
تكمن خصوصية هذا الكتاب أن سمر يزبك وثّقت تجارب النساء ومعاناتهن، بينما يتم عادة التركيز على صراعات الرجال، واعتبار حيوات النساء وسط جحيم الحروب “خسارات جانبية”.