القبض على المؤثرة المصرية هدير عبد الرازق بتهمة “نشر الفجور”
ألقت السلطات المصرية القبض على المؤثرة هدير عبد الرازق، بتهمة “مخالفة الآداب العامة” و”نشر الفسق والفجور”. وصدر أمرٌ بتجديد حبسها لمدة 15 يومًا في 29 آيار/مايو الجاري.
تناولت عدة منصات إعلامية وإخبارية الخبر، مشيرة إلى انتهاكات حدثت بحق هدير أثناء القبض عليها، مثل تفتيش هاتفها النقال واستخدام محتوياته في القضية ضدها.
تلحق هدير عبد الرازق بركب نساء وفتيات تم القبض عليهن خلال السنوات الأخيرة بنفس التهم الفضفاضة.
القبض على هدير عبد الرازق
بعدما أبلغ عنها محام مصري بأنها تنشر مقاطع تحث فيها على “هدم قيم المجتمع”، ألقت مباحث الآداب القبض عليها داخل سكنها بالقاهرة. وذلك بعد مراقبة وتحريات دامت لـ3 أشهر، بحسب المواقع الإخبارية.
تم توجيه ثلاث تهم إليها: نشر أخبار كاذبة، ونشر فيديوهات “خادشة للحياء”، و”إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي”. عن التهمة الثانية والثالثة، فهي متكررة ضد النساء اللواتي تلاحقهن السلطة المصرية بسبب نشاطهن على الإنترنت. وهذا النشاط تعتقد السلطة أنه “مخالف” لقيم الأسرة المصرية والآداب العامة، وفقًا لقانون صدر عام 2018.
أما التهمة الأولى، تدعي النيابة العامة أن هدير عبد الرازق تعمدت نشر أكاذيب حول تعرضها للتحرش الجنسي. حيث نشرت مقطعًا تتحدث فيه عن تعرضها للتحرش من قبل أحد الرجال المصريين.
View this post on Instagram
التحرش الجنسي.. “أخبار كاذبة”!
رغم أن التهم الموجهة إلى هدير ليست جديدة، فالتهمة الأولى تضع جميع النساء المصريات في مأزق أمني وقضائي. إذ تنشر النساء وقائع العنف الجنسي التي يتعرضن لها بشكل يومي في مصر على الإنترنت.
يعتبر النشر على الإنترنت آلية بديلة لتحقيق العدالة لغير الراغبات في الإبلاغ عن العنف الجنسي. وكذلك للنساء والفتيات اللواتي لم ينصفهن النظام القضائي حين أبلغن عن الاعتداء.
تعيد هذه التهمة إلينا ملابسات القبض على الناشطة المصرية أمل فتحي عام 2018، بسبب نشرها مقطعًا حول تعرضها للتحرش الجنسي. وبعد ضغوطات حقوقية ونسوية دولية ومحلية، تم الإفراج عنها ووضعها قيد الإقامة الجبرية.
وفي سياقٍ متصل، لا ننسى أن النظام القضائي في مصر يقوم بتمكين الجناة والمتهمين بالعنف الجنسي. حيث تتم ملاحقة الناشطات اللواتي يتضامنّ مع ناجيات/ضحايا هذه الوقائع، أمنيًا وقضائيًا. ولعل ملاحقة الصحافية المصرية رشا عزب والمخرجة عائدة الكاشف والناشطة سلمى الطرزي خير مثال على إصرار الدولة إخراس النساء. وهذا الإخراس الممنهج تجاوز الناضجيات/الضحايا إلى النساء والناشطات المتضامنات معهن.
هدير ليست الأولى ولكن تكون الأخيرة
تتعمد السلطة المصرية استهداف النساء اللواتي ينشرن مقاطع يمارسن فيها حق الظهور (Visibility) وحق التعبير عن أنفسهن. وهي أداة أبوية ترسخ النظر للنساء والفتيات باعتبارهن ملكياتٍ خاصة للدولة والمجتمع.
فبينما يتم القبض على الشابات المؤثرات، تسمح نفس الأجهزة الأمنية للمؤِثرين الرجال بالظهور كما شاءوا على الإنترنت. كما تسمح لهم بنشر مقاطع مصورة يحرضون فيها على العنف ضد النساء والفتيات وملاحقتهن أمنيًا، بدعوى أنهن يهدمن “قيم الأسرة المصرية”.
هذا بالإضافة إلى استقبال بلاغات المحامين الذكوريين الذين يتعمدون الإبلاغ عن المؤثرات، بذريعة خوفهم على “الأخلاق العامة”. فتقوم الجهات المعنية باستقبال هذه البلاغات وإلقاء القبض على النساء، بدلًا من اعتبارها بلاغات كيدية تستهدف التضييق على حرياتهن المفترض أنها منصوص عليها في الدستور المصري.
في هذا الصدد، فالقبض على هدير عبد الرازق هو مجرد حلقة في سلسلة الانقضاض على حريات النساء في مصر.