المنظمات النسوية في فلسطين… مساهمة محورية في العمل الإنساني ضد همجية الاحتلال

كشف تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بأن الحرب الاستعمارية على غزة قد تركت تداعيات كارثية على النساء والفتيات في مختلف المجالات. كما أنتجت تحديات هائلة للمنظمات التي تقودها النساء الفلسطينيات.

ورغم عملها في أكثر المناطق خطراً في غزة والضفة الغربية، فإن هذه المنظمات تعمل بشكل قاعدي مكنها من الوصول للنساء والفتيات.

وسلط التقرير الضوء على التزام هذه المنظمات الثابت بإنقاذ الأرواح، ودعواتها إلى استثمارات عاجلة ومنسقة في أنشطتها على الأرض.

في هذا الإطار فقد قامت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتوثيق كيفية تدهور حياة النساء والفتيات في مختلف المجالات، حيث تم إصدار ثلاث نشرات حتى الآن، ركزت على الأمن الغذائي والمياه والمأوى والصحة والسلامة، فيما تركز النشرة الرابعة على المنظمات التي تقودها النساء.

المنظمات النسوية تعمل تحت الخطر

وأطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة نشرتها الرابعة بعنوان “أصوات تنبع من القوة: مساهمات المنظمات التي تقودها نساء في الاستجابة الإنسانية على الأرض الفلسطينية المحتلة”، الصادرة في 11 حزيران/ يونيو الجاري، والتي تُركز فيها على المنظمات التي تقودها النساء وتعمل في قطاع غزة والضفة الغربية.

تواصل هذه المنظمات العمل في غزة والضفة الغربية، بالرغم من التحديات والمخاطر الأمنية الهائلة التي تواجهها. وفي غزة، تواجه هذه المنظمات حسب التقرير “مخاطر تهدد سلامة العاملات/ين فيها الشخصية، مع العلم بأن معظمهن/م نزحن/وا أو فقدن/وا أحباء لهن/وا، مما يزيد من ظروف التوتر والخوف التي يضطررن/وا للعمل فيها”. وفي الضفة الغربية، “تعمل هذه المنظمات ضمن شبكة من المنظمات المجتمعية، وتتعاون فيما بينها بشكلٍ وثيق لضمان استجابة سريعة للاحتياجات الطارئة”.

أثر الحرب على الموظفات/ين والعاملات/ين

ووثق التقرير قياس أثر الحرب الاستعمارية على غزة في سياق تأثيرها على 25 منظمة تقودها النساء، في غزة والضفة الغربية، منها 18 منظمة في غزة أو لها وجود فيها.

وبيّنت الدراسة أن الاحتلال الصهيوني قد قتل في غزة 11 من موظفي/ات هذه المنظمات، وأصيب 32 بجروح جراء القصف. مما زاد من الضغط النفسي على الموظفين/ان الباقين/ات.

ووفقاً للمنظمات التي شملتها الدراسة في غزة والضفة الغربية، فإن 56 في المائة من هذه المنظمات تعمل بكامل طاقتها البشرية عبر اعتمادها على الشبكات التطوعية و40 في المائة بقدرة جزئية.

وأبلغت جميع المنظمات التي شملها الاستطلاع الهيئة عن “مخاوفها بشأن السلامة الجسدية لموظفيها (76 في المائة إلى حد كبير). كما أعربت 84 في المائة منها عن قلقها بشأن الصحة النفسية لموظفيها وسلامتهن/م”.

وفي قياس الأضرار التي لحقت بمكاتب المنظمات، فقد كشفت النشرة عن “تعرض 89٪ من مكاتب المنظمات التي شملها الاستطلاع لأضرار في غزة، وتعرض ما نسبته 35٪ من المكاتب إلى تدمير كامل.

وتعتبر هذه المكاتب ذات أثر حيوي على الصعيد الإغاثي، حيث تعمل كمراكز تشغيلية لتقديم المساعدة والتنسيق”.

نقص في التمويل يهدد عمل المنظمات

كما انعكست الحرب الاستعمارية على غزة بشكل حاد على الوضع المالي لهذه المؤسسات، حيث “أبلغت 56٪ من المنظمات التي تقودها النساء عن انخفاض التمويل، فيما تواجه 88٪ منها صعوبات مالية جمة، مما يُعيق قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية”.

وعندما سألت المنظمات عن “قدرتها على دفع رواتب الموظفات/ين، أفاد 64٪؜ “بأنهن/ات يستطيعون دفع رواتب الموظفات/ين، وقال 32٪؜ إنهن/م غير قادرات/ين على ذلك لعدة أسباب بما في ذلك عدم توفر السيولة النقدية وتقلّص التمويل”.

بالإضافة إلى ذلك، أبلغت ” 88٪؜ من المنظمات عن نقص الأموال لتلبية الاحتياجات الناشئة، و 56٪؜ عن وسائل النقل، و52 ٪؜ عن نقص الإمدادات، ونزوح الموظفات/ين، ونقص المرافق.

أزمات غذائية تهدد النساء

وجدت بيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة التي جُمعت في نيسان/إبريل 2024، أن “أكثر من 8 نساء من كل 10 يعتمدن على المساعدات الغذائية كمصدر أساسي للغذاء، كما أفادت 7 من كل 10 نساء قابلتهن هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن “فقدان في الوزن خلال الثلاثين يوماً التي سبقت الاستطلاع، وأكثر من نصفهنّ يعانين من الدوخة في كثير من الأحيان. وعلاوةً على ذلك، ذكرت %83.5 منهنّ أن المساعدة التي تلقّينها لا تلبي احتياجاتهن الأسرية”.

 

وتواجه النساء بصفة عامة، والنساء اللواتي “يُعلن أسرهن والمسنات والنساء ذوات الإعاقة بصفة خاصة، تهديدات خطيرة تتعلق بالأمن والحماية عند محاولة الوصول إلى أماكن توزيع الغذاء”.
وفي الضفة الغربية، أدّت بعض عمليات التوغل والهدم المتكررة للاحتلال، إلى “خلق مخاطر ونقاط ضعف مرتبطة بالنوع الاجتماعي، حيث تواجه النساء اللاتي يُعلن أُسرهنّ مخاطر متزايدة في مجال الحماية، وتُعيق القيود المفروضة على التنقل”.

وحسب سلسلة النشرات المتعلقة بالنوع الاجتماعي التي أصدرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن “أكثر من مليون امرأة وفتاة في غزة يواجهن جوعاً كارثياً، مع انعدام شبه لإمكانية وصولهن للغذاء والمياه الصالحة للشرب والمراحيض الصالحة للاستخدام أو مياه جارية، مما يعرضهن لمخاطر تهدد حياتهن”.
كما أن “الحصول على المياه النظيفة أمرًا بالغ الأهمية لاسيما للأمهات المرضعات والنساء الحوامل، اللاتي يحتجن يوميًا إلى استهلاك كميات أكبر من المياه والسعرات الحرارية مقارنة بغيرهن”.
كما تم قياس أثر نقص المياه على الصحة الإنجابية للنساء والفتيات، حيث أن “المياه النظيفة ضرورية لتمكين النساء والفتيات من إدارة النظافة الصحية بشكل آمن أثناء الدورة الشهرية”.
وتُقدر هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن “هناك حاجة إلى 10 ملايين فوطة صحية أحادية الاستخدام أو 4 ملايين فوطة صحية قابلة لإعادة الاستخدام كل شهر من أجل تغطية احتياجات 690,000 امرأة وفتاة في غزة”.

تشير تقديرات الهيئة إلى أنه بعد مرور شهور على بدء الحرب الاستعمارية على غزة قُتلت أكثر من 10 آلاف امرأة في غزة، من بينهن نحو 6 آلاف من الأمهات تركن وراءهن حوالي 19 ألف طفلاً/طفلة يتيماً/ة

صمود في وجه الاحتلال

وأظهرت نتائج التقرير أنه “على الرغم من الأوضاع المأساوية، فإن المنظمات التي تقودها نساء، تأتي في طليعة الاستجابة الإنسانية. وتحتفظ هذه المنظمات الـ 25 معاً بشبكة قوية تضم 1,575 موظفاً وموظفة في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، منهن/م 977 متطوعات/ون ومعظم هؤلاء الموظفات/ين هن/م أنفسهن/م نازحات/ون وفقدن/وا أقاربهن/م وأصدقائهن/م.
بالرغم من الظروف الصعبة، أفادت ما يقرب من 60٪ من هذه المنظمات بأنها قادرة على العمل بكامل طاقتها. كما أن التزام المنظمات التي تقودها النساء “تجاه مجتمعاتها واضح، إذ تحولت 88٪ منها إلى الإغاثة في حالات الطوارئ، وتوفير الخدمات الأساسية مثل توزيع المواد غير الغذائية (64٪)، والمواد الغذائية (56٪)، والمساعدات النقدية (48٪)، والخدمات المتعلقة بالحماية، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي وإدارة الحالات”.

وشدد التقرير بأنه وعلى الرغم من معاناة النساء الفلسطينيات، فإن المنظمات التي يقودنها، تعتبر في صميم الاستجابة الإنسانية الحالية التي تسعى إلى تقديم المساعدة الإنسانية.
وتساهم هذه المنظمات في جميع أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية، في جهود التنسيق والاستجابة الإنسانية العاجلة بطرقٍ ملموسة وفاعلة، حيث تقدم “دعماً محورياً في مجالات المساعدة القانونية، والدعم النفسي والاجتماعي، والوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والحماية، والمأوى، وإعادة الإدماج، والمساعدات النقدية، وسبل العيش. وتقوم بذلك من خلال قاعدة الواسعة وتواصلها على نطاق واسع مع المجتمعات المحلية، في غزة”.

وحث التقرير “المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة على اتخاذ إجراءات حاسمة إدراكاً لدور هذه المنظمات المحوري في الأزمات والتعافي منها، ومن هذه الإجراءات: التمويل النشط للمنظمات التي تقودها النساء، وهو يُعد أمراً ضرورياً للوصول إلى النساء والفتيات الأكثر احتياجاً، والدعوة إلى وصول أكبر للمساعدات الإنسانية، وتمكين هذه المنظمات من توسيع نطاق استجاباتها المنقذة للحياة، وإشراكها في جميع هياكل تنسيق الشؤون الإنسانية لضمان استجابة إنسانية فعالة وشاملة حقًا”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد