منظمة العفو الدولية: مصر ترتكب انتهاكات حقوق إنسان بحق لاجئات/ي السودان

كشف تقرير حقوقي أعدته منظمة العفو الدولية بمناسبة اليوم العالمي للاجئات/ين 2024 عن ارتكاب مصر انتهاكات بحق اللاجئات/ين السودانيات/ين.

تراوحت هذه الانتهاكات بين التعسف على الحدود، والاعتقال الجماعي والفردي، والترحيل الإجباري. بينما أوضح التقرير أن الجهات المنفذة للانتهاكات تتبع قوات الشرطة وحرس الحدود اللتان يشرف عليهما الجيش المصري.

الفرار من جحيم السودان إلى جحيم مصر

منذ بدء الحرب في السودان نيسان/أبريل 2023، يواجه الشعب السوداني أزمات إنسانية لم تتوقف حد القتل والقصف. إنما شملت أيضًا التجويع والاعتداء الجنسي والتعذيب والتشريد. وهو ما دفع السودانيات/ين إلى الفرار عبر الحدود إلى عدة دول مجاورة، منها مصر.

مع تصاعد وتيرة الحرب، شددت مصر إجراءات عبور السودانيات/ون إلى الداخل المصري، واشترطت حصولهن/م على تأشيرات. تتجاهل هذه الإجراءات حقيقة أن الفرار من الحرب من أجل النجاة يستوجب على البلدان المجاورة أن توفر عبور آمن للنازحات/ين. ذلك ما اعتبره تقرير العفو الدولية تناقضًا مع الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر بشأن حقوق اللاجئات/ين. كما اعتبرته انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

لم تمنع هذه الإجراءات النازحات/ين من العبور إلى مصر، لكنها جعلت رحلة العبور رحلة خطرة محاطة بالعنف والموت. إذ يلجأن/ون إلى عصابات التهريب التي بدورها ترتكب فظاعات بحقهن/م. علاوة على انعدام ضمانة العبور نفسه. إذ رصدت تقارير أخرى أن عصابات التهريب تترك النازحات/ين في مناطق صحراوية، يفقدن/ون حياتهن/م فيها. أو يتعرضن للاتجار والانتهاك الجسدي والجنسي.

اعتقالات وترحيل من مصر إلى السودان

وثق التقرير أنه عقب اندلاع الحرب، نزح قرابة نصف مليون شخص إلى مصر. إلا أن القوات الأمنية المصرية تقوم باعتقال اللاجئات/ين وتعسفهن/م ثم تقوم بترحيلهن/م. وعن الحجة، فهي أن هؤلاء لم يحصلن/وا على أوراق ثبوتية وتأشيرات. رغم أن فرض الإجراء التعسفي بضرورة الحصول على تأشيرات، جاء بعد شهور من نزوح هؤلاء.

أما الاعتقال فقد أخذ طابعًا عنصريًا. إذ يتم توقيف الأفراد السود/السوداوات، وطلب التحقق من هوياتهن/م، بناء على لون البشرة. وحدثت أغلب التوقيفات والاعتقالات في محافظتي القاهرة والجيزة ومحافظة أسوان، بجانب الحدود المصرية السودانية.

انتهاكات وظروف غير آدمية في أماكن الاحتجاز

يتم توزيع المعتقلات/ين على أماكن احتجاز تتبع معسكرات قوات الأمن المركزي. وهو ما أشار إليه التقرير بوصفه مكان احتجاز غير قانوني في الأصل. بعضهن/م تم احتجازهن/م في اسطبلات للخيل ومخازن عسكرية.

لفت التقرير النظر إلى الظروف غير الإنسانية في أماكن الاحتجاز، مُشيرًا إلى الاكتظاظ والحرمان من المرافق الصحية والطعام، والنوم على الأرض. كما أوضح أن بعض المتحتجزات/ين تم اعتقالهن/م من داخل مستشفيات في محافظة أسوان. حيث يتلقين/ون الرعاية الصحية بسبب إصابات خطرة جراء الحرب ورحلة النزوح المميتة، وأن من بينهن/م طفلات/أطفال دون العامين.

تتراوح فترة الاحتجاز من أيام إلى ستة أسابيع، يتم بعدها ترحيل المحتجزات/ين جماعيًا، وتسليمهن/م إلى القوات السودانية على معبر قسطل-أشكيت. وأدان التقرير عدم خضوع المحتجزات/ين إلى تقييمات فردية تتيع لهن/م طلب اللجوء رسميًا. كما خلت عمليات الترحيل الجماعي من فرز المتواجدات/ين ومعرفة ما إن كن/كانوا في حالة خطر على الحياة فور تسليمهن/م إلى القوات السودانية.

“تشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن 3,000 شخص قد رُحِّلوا من مصر إلى السودان في شهر سبتمبر/أيلول 2023 وحده”.

ماذا ينتظرهن/م في السودان؟

تشير التقارير الحقوقية والنسوية الصادرة في الشهور الأخيرة إلى ازدياد معدلات العنف الجنسي ضد النساء والقاصرات في السودان. حيث تحدثت رانيا العوني، عضوة حملة “معًا ضد الاغتصاب في السودان” عن أهوال العنف الجنسي عقب الحرب.

إذ وثقت الحملة أكثر من 350 حالة اغتصاب وتعنيف، خلال عام واحد من الحرب. أكثر من 130 من هؤلاء طفلات/أطفال، و7 رجال. واحتلت ولايتي شمال دارفور والجزيرة أغلب هذه الجرائم، بجانب أخرى لم يتم التبليغ عنها بسبب الوصم الاجتماعي وظروف الحرب.

بجانب قتل أكثر من 15000 شخص، وتشريد 10 ملايين أخريات/آخرين، هناك 15 مليون شخص محرومات/ون من الخدمات الصحية. و15 مليون محرومات/ون من الغذاء، ما أدى إلى وفاة 1200 طفل/ة في مخيمات دارفورد بسبب نقص التغذية، خلال آيار/مايو الماضي.

أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن قوات الدعم السريع والمليشيات التابعة لها، اختطفت أكثر من 160 امرأة وفتاة اُحتجزن وسط ظروف أشبه بالعبودية خلال عام 2023.

مصر تنتهك حقوق الإنسان برعاية الإتحاد الأوروبي

يُذكر أنه في أواخر عام 2022، وقعت مصر اتفاقية بقيمة 80 مليون يورو مع الاتحاد الأوروبي، بهدف “الحد من خطر الهجرة غير النظامية والاتجار بالشر عبر الحدود المصرية”.

شملت هذه الاتفاقية بناء قدرات حرس الحدود المصري، بما يتوافق وأهدافها. لكن التقرير الذي أصدرته العفو الدولية أشار إلى أن الانتهاكات على الحدود المصرية بحق لاجئات/ين سودانيات/ين نفذها أفراد من حرس الحدود المصري.

كذلك انتقد التقرير الإتحاد الأوروبي واعتبره متهاونًا في تقديم معونات مالية إلى بلدان معروفة بممارسة انتهاكات حقوق إنسان مثل مصر. وهو ما ذكرته نصًا سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة.

“من خلال التعاون مع مصر في مجال الهجرة بدون ضمانات صارمة لحماية حقوق الإنسان، يخاطر الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها مصر. فيجب على الاتحاد الأوروبي الضغط على السلطات المصرية لحملها على اتخاذ تدابير ملموسة لحماية اللاجئين/ات والمهاجرين/ات”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد