تعنيف فتيات بدار للرعاية في العراق

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، مقاطع مصورة تفيد بحدوث اعتداء على فتيات بدار للرعاية بمنطقة الصليخ من حارس الدار، ونشوب حالة من الخوف والصراخ بين النزيلات اللواتي تعتبر أغلبهن قاصرات.

قاصرات الصليخ ينتفضن

في تفاصيل القضية أفادت منظمة “حرية المرأة في العراق”، بأن رجلاً يتولى حراسة الدار، قام بالاعتداء الجسدي على الفتيات، وضربهن بعود خشبي بوحشية وعنفهن لفظيًّا.

وأفادت مديرة “قسم التمكين” في المنظمة أن الفتيات في دار نزيلات الرعاية الخاصة بالنساء في بغداد بمنطقة الصليخ، ثُرن خلال ساعات الليل، في فترة “لم يكن عليهن فيها أي إشراف من قبل موظفة أو باحثة اجتماعية أو طبيبة نفسية بسبب اهمال المؤسسة”.

وذكرت المنظمة أن أحداث الشغب هذه هي ردة فعل من الفتيات على الإهمال والعنف الذي يتعرضن له، وأن التخريب يستهدف اسقاط رمز اضطهادهن ألا وهو المؤسسة.

وبدلًا من احتواء الشغب وإعادة الاستقرار للدار، تدخل الحارس وقام بتعنيف الفتيات وقمعهن، مما فاقم معاناتهن أكثر مما كانت.

إهمال الوزارة وعنف المؤسسة

تأوي دار الرعاية الحكومية بالصليخ العديد من الفتيات اللواتي لا مأوى لهن، ورغم أن الهدف المعلن عنها هو أنها مكان لرعاية وتأهيل هؤلاء الفتيات، إلا أنهن يعانين فيه الأمرين جراء الإهمال والعنف الذي يتعرضن له.

في هذا السياق، وضحت منظمة “حرية المرأة في العراق” في بيان أصدرته حول القضية بأن دور الرعاية تتعرض للإهمال الممنهج وذلك يعود حسب البيان إلى أن “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم تولِ دار رعاية الأحداث للفتيات أية أهمية، إذ تفتقر هذا الدار للكادر المختص والمؤهل لرعاية الفتيات، كما تفتقر الوزراة إلى الإرادة لدعم وبناء البيئة السليمة لرعاية وتأهيل الفتيات بدون مأوى”.

ويشير البيان إلى النهج الانتقامي ضد الفتيات بسبب وضعيتهن الإجتماعية “إذ يتم التعامل بنهج انتقامي عنيف معهن، وكأنهن مجرمات يجب حجرهن داخل مبنى موصد بأبواب حديدية، وتمنع الفتيات من رؤية المجتمع لسنوات عديدة”.

كما كشفت المنظمة عن المعاملة القاسية والحرمان الذي تتعرض له الفتيات في الدار لكونها “لا تقدّم الطعام المناسب، أو التعليم المطلوب، أو الرعاية الاجتماعية الكافية للفتيات”.

دار الرعاية بالصليخ…سجن للفتيات وحوادث تقتلهن

استناداً إلى المتابعة التي تقوم بها منظمة “حرية المرأة في العراق” لوضعية نزيلات دار الرعاية بالصليخ، فإن وضعهن داخل الدار يزداد سوءاً إذا طالبن بإصلاحات أو نشبت أعمال شغب ناتجة عن ذلك، حيث يؤدي التعنيف المستمر واستفزازهن إلى “أعمال العنف مما يؤدي إلى محاكمتهن وارسالهن لسجن النساء كمجرمات لغرض التخلص من مسؤوليتهن”.

وقدرت احصائيات المنظمة حسب بيانها أنه تم إرسال ما لا يقل عن 15 فتاة خلال العام الماضي من دار الرعاية نحو سجن النساء، بعد أعمال شغب مشابهة لما حدث حالياً، ليلغي ذلك أي إمكانية مستقبل مشرق لهن”.

وفي مأساة مشابهة فإن احتجاج الفتيات المستمر على الإهمال والعنف، أدى إلى قيامهن بمحاولة حرق الدار في بداية عام 2019، وتوفيت ستة فتيات نتيجة لذلك.

في هذا الصدد كشفت المنظمة كذلك أن التعامل مع هذه القضية والحوادث الناتجة عن الأهمال والشغب في دار الرعاية يتسم باللامبالاة، حيث لم تتم محاسبة أي مسؤول عن ما حدث.

النهج الذكوري في التعامل مع قضايا النساء

وقد تساءلت المنظمة في بيانها عن السبب في عدم قيام “الوزارة بإنشاء دار للنساء البالغات بالرغم من أن قانون الرعاية الاجتماعية -المادة 32 تنص على فتح دور الدولة للبالغات/ات اللواتي تجاوزن سن الـ18، وخاصةً لكون هذه الفئة هي الأكثر تعرّضاً للعنف والاستغلال في المجتمع”.

وتعزو المنظمة ذلك للنظام الأبوي بقولها “يبدو أن الذكورية العشائرية التي تنظر للمرأة كمستَعبَدة أو مجرد ملكية تابعة لرجال الأسرة هي العقلية الحاكمة للحكومة العراقية التي تفضّل أن تتجاهل القانون، وبل وتمنع أية مؤسسة مجتمع مدني أن تحمي النساء من العنف الذكوري”.

كما تبين أن هناك نهج رسمي لمحاربة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية بعد قيام بعض الجهات الحكومية بإغلاق عدة منظمات ذات خبرة في التعامل مع هذه القضايا، ووصفت المنظمة منهج “محاربة دور إيواء النساء ومنهج تعريض الفتيات المشردات للعنف وإقصاءهن إلى السجون”، بأنهما “وجهان لعملة واحدة ورسالة واحدة مفادها أن ترضى النساء بالتحوّل إلى مستعبدات في المجتمع الذكوري، كما ويهدف إلى اجهاض مجمل إنجازات الحركة النسوية خلال التاريخ الحديث للعراق”.

مطالب نسوية لحماية الفتيات في دور الرعاية

في ظل استمرار معاناة الفتيات في دار الرعاية بالصليخ وتواصل أعمال الشغب الناتجة عن الأهمال والاعتداء المستمر على الفتيات، طالبت منظمة “حرية المرأة في العراق” بمحاسبة مسؤول الدار والوزير على تعنيف الفتيات”.

ورفعت المنظمة بالفعل شكوى رسمية إلى قاضي محكمة تحقيق الأعظمية في 24 حزيران/يونيو الجاري، ضد كل من “وزير العمل والشؤون الاجتماعية، ومدير عام دار رعاية الأحداث المشردات في الصليخ، وطالبت بتغيير كافة الكادر المشرف على الدار تحت إشراف المنظمات المختصة من مؤسسات المجتمع المدني”.

وطالبت المنظمة بمساءلة وزير العمل والشؤون الاجتماعية أمام البرلمان لتسهيله تحوّل هذه “المؤسسة إلى مكان للانتقام من الفتيات اللواتي جرّدهن المجتمع من كل امتياز ورعاية وحنان، ليصبحن الضحية تحت ضربات قضبان السجانين”.

ودعت منظمة حرية المرأة جميع المنظمات والشخصيات لدعم حملتها في مطالبها بمحاسبة مسؤولي دار رعاية الأحداث الفتيات بدون مأوى.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد