سحب جوازات البدون وانتهاكات الدولة الكويتية

أصدرت وزارة الداخلية الكويتية قرارًا ظالمًا بسحب جوازات فئة غير محددي الجنسية “البدون“، مما يترك آلاف الأشخاص في وضع صعب في ظل الحرمان من التعليم العالي والعمل والأوراق الثبوتية.

وقد صرحت الوزارة بسحب جواز مادة 17، وهو جواز يمنح لفئة البدون من أجل الدراسة والعلاج بالخارج لكنه لا يرقى لمميزات السفر الكويتية.

فئة البدون مظلمة تاريخية

يعتبر “البدون” فئة مهمشة ومضطهدة في الكويت، تتشكل من مجموعة من القبائل التي كانت تقطن البلاد لآلاف السنوات لكن نتيجة لكونها كانت مجتمعات رحل وتتنقل باستمرار منعت من الاكتتاب الأولي في الوثائق الرسمية الكويتية. ما أدى لاحقًا إلى حرمان هذه الفئة من التسجيل في السجل المدني والحصول على الجنسية الكويتية والوثائق الرسمية التي تعد مفتاحًا للحصول على الحقوق الأساسية مثل التعليم والعمل والصحة والتنقل، ويحظر القانون الكويتي على المحاكم البت في طلبات الجنسية.

ومنذ أواسط الثمانينيات، تمارس الحكومة الكويتية سياسة تمييزية وعنيفة ترى أن الغالبية العظمى من البدون يعتبرون “مقيمون بصورة غير قانونية” وتعمدوا إتلاف الأدلة على جنسياتهن/م الأصلية، وهو ما ساهم في حرمانهن من المراجعات الفردية لطلبات الجنسية.

وتدعي الحكومة الكويتية أن غالبية البدون يحملون جنسيات دول أخرى، ما يزيد من تعقيد الوضع، خصوصًا وأن الحكومة لم تقدم إثباتات لهذا الادعاء.

بالرغم من أن البدون قد ولدوا ونشأوا في الكويت، إلا أنهن/م يظلون غير معترف بهن/م كمواطنات/م، وهو ما يعمق معاناتهن/م، ويترك جهاز الدولة العنصري يحرمهن/م من أبسط الحقوق الأساسية التي تمكن الإنسان من النجاة، حيث لا يمكن لشخص أن يحظى بفرصة للحياة اليوم دون وثائق رسمية.

انتهاكات وحرمان من الحقوق

وفقًا لتقرير لـ”هيومن رايتس ووتش”، فإن فئة البدون تتعرض لانتهاكات جسيمة للحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك الحق في التعليم والصحة والعمل، توفر الحكومة الكويتية بعض الخدمات الهزيلة، بعد الاحتجاجات التي قام بها البدون في 2011 والتي أجبرت الحكومة على توفير بطاقات دعم للطعام عن طريق تعاونيات تديرها الحكومة. لكن الحكومة لم تقر بالحقوق القانونية والمزايا المستحقة للبدون، وتستمر في تطبيق سياسات تمييزية ضدهن/م.

وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أنه وبينما يحمل بعض البدون “بطاقات هوية أمنية تسمح لهن/م بالحصول على الخدمات المتوفرة للبدون، فإن البدون غير المسجلين ليست لديهن/م هذه البطاقات حتى ويخشون الخروج من بيوتهن/ن لأنهن/م بذلك قد يتعرضون للاعتقال والترحيل.

كما تستبعد الحكومة البدون غير المسجلات/ين من الخدمات الهزيلة التي توفرها، ويواجهون عوائق أكبر في الحصول على التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل.

وتضيف أنه “ورغم أن الكويت وقعت اتفاقية حقوق الطفل، التي تطالب الحكومات بتوفير التعليم الابتدائي المجاني لجميع الأطفال/الطفلات، فلا يمكن كثير من أطفال/طفلات البدون ارتياد المدارس الحكومية المجانية المخصصة للأطفال/الطفلات الكويتيين/ات. ويضطر الأهالي البدون إلى تحمل مصاريف التعليم، لكي يرتاد أطفالهن/م مدارس خاصة أقل مستوى تخدم البدون بشكل شبه حصري. في حين يتلقى الأطفال الكويتيون/ات التعليم المجاني حتى التعليم الجامعي”.

وأوضحت المنظمة أنه لا يمكن “للبدون العمل في أغلب الوظائف القانونية. وقال بعض البدون أنهن/م لجأوا للأعمال الرسمية والأعمال الحرة، مثل بيع الخضراوات في الشوارع وإصلاح السيارات والعمل بالحياكة. ومن بدأوا في الأعمال الحرة كان عليهن/م الاعتماد على أصدقاء من المواطنين/ات أو أقارب في تسجيل تراخيص العمل والممتلكات بأسمهن/م، مما يعني أنه لا يمكن للبدون امتلاك العقارات أو الحصول على تراخيص بأعمال تجارية”.

المنع من العلاج

وحسب تحقيق المنظمة فإن البدون محرمون/ات من الرعاية الصحية غير المكلفة أو يسيرة الاستغلال. فبوصفهن/م مرضى مُعدمين/ات، فإن بعضهن/م لا يمكنهن/ك الحصول على الرعاية الطبية الموصوفة لهم من قبل أطباء، بينما تعوز البعض الآخر الوثائق التي يقولون إن المستشفيات والعيادات تطالبهن/م بها لعلاجهن/م. مؤخراً وعدت الحكومة الكويتية بالرعاية الصحية المجانية للبدون. بينما يحصل جميع المواطنات/ين الكويتيات/ين على رعاية صحية مجانية في العيادات والمستشفيات الحكومية.

من أحدث وأشد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الكويتية هي منع البدون من السفر، مما يعتبر انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان. هذا الحرمان من حرية الحركة والتنقل يزيد من عزلة البدون ويقيد قدرتهن/م على البحث عن فرص أفضل في الحياة.

يعد حق السفر والتنقل من الحقوق الأساسية التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنع البدون من ممارسة هذا الحق ويضيف عليهن/م مزيد من الاضطهاد والمعاناة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد