الطفولة السورية مهددة بالحرمان من التعليم في لبنان
في قرار إجرامي وينتهك كل الحقوق الأساسية والقوانين الدولية التي تشدد على حق الأطفال/الطفلات في التعليم، أصدرت بلدية سن الفيل بمحافظة جبل لبنان، تعميماً يطالب جميع المدارس الرسمية والخاصة في نطاق البلدية بعدم تسجيل التلاميذ/ات السوريين/ات غير الحاملين/ات لبطاقة الإقامة.
اللجوء ليس جريمة
كشف تحقيق أجرته منصة “استديو أشغال” عن استمرار الانتهاكات بحق الأشخاص السوريين/ات المتواجدين/ات في لبنان. وذلك بعد رصد المنصة منذ التاسع من نيسان/أبريل الماضي أكثر من 40 تعميماً أصدرتها السلطات المحلية، بما في ذلك البلديات واتحادات البلديات والمحافظين، من أجل تقييد حقوق وعمل وحركة السوريين/ات والتضييق عليهن/م، وكأن اللجوء جريمة وليس حقًا إنسانيًا.
في هذا الصدد، تابعت المنصة التعميم الذي أصدرته بلدية سن الفيل في 25 حزيران/يونيو الماضي، والذي ينصّ على اتّخاذ إجراءات تمييزية ضد السوريين/ات.
وحسب “ستديو شغال” فإن هذا التعميم “يتضمّن بندين. البند الأول يتشابه إلى حد كبير مع محتوى تعاميم البلدات الأخرى. حيث يفرض قيوداً على سكن اللاجئين/ات السوريين/ات، مطالبًا جميع أصحاب العقارات في البلدة عدم تأجير عقاراتهن\م للأشخاص الأجانب، السوريين/ات تحديداً، اللواتي والذين لا يحملون إقامة قانونية.
إلا أن البند الثاني من التعميم يُعدّ إجراءً مستحدثاً ومثيراً للجدل، ولم يتم اعتماده من قِبل أي بلدية أخرى حتى الآن. يطالب هذا البند جميع المدارس الرسمية والخاصة في نطاق بلدية سن الفيل بعدم تسجيل التلاميذ/ات الذين/اللاتي لا يحملن/ون إقامة «نظامية» في مدارسهن/م، بحجة “الحفاظ على حقوق المواطن اللبناني”.
انتهاك للمواثيق الدولية للإنسان والطفولة
إن قياس استبعاد التلاميذ/ات السوريين/ات من الدراسة، لا يمكن اعتباره سوى هجوم ممنهج من السلطات المحلية في لبنان ضد اللاجئين/ات، ورعاية كراهية لن تتوقف نارها ضد السوري/ة فقط، بل ستشمل كل مختلف/ة وكل من لا تنطبق عليهن/م معايير “الوطنية” الأبوية المتعصبة.
أضف على ذلك أن منع التلاميذ/ات من الدراسة هو جرم ينتهك كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية حول حقوق الطفل/الطفلة، وينتهك حسب “راديو شغال”، حتى “القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات وتحديداً القرار رقم 422/ص.م. الصادر بتاريخ 3/5/2023.
حيث أن مراجعة قرارات الداخلية تُبيّن أن الهدف منها هو تنظيم وجود اللاجئين/ات السوريين/ات من خلال تعدادهن/م وتسجيلهن/م. وذلك بذريعة تسوية أوضاعهن/م القانونية من خلال الاستحصال على إقامات من المديرية العامة للأمن العام وفقاً للأصول”.
وتضيف المنصة أن “بلدية سن الفيل تمنح نفسها الحرية في تجاوز تعليمات وزير الداخلية، والتعدي فعلياً على صلاحيات وزارة التربية والتعليم العالي، من خلال طلب الحظر الكامل على تسجيل كافة التلاميذ/ات السوريات\ين غير الحائزين على إقامات «نظامية»”.
الطفولة بين تعليم مقيد وكراهية معممة
هذا الإجراء العنصري والتحريضي لن يكون إلا عقبة إضافية في طريق حصول السوريات/ين على أبسط الحقوق وهي التعليم والعمل والسكن.
في ذلك تفصل “راديو شغال” بأن هناك عدّة عقبات بين التلاميذ/ات السوريات\ين وحقهن/م في التعليم، من بينها حصر تعليم اللاجئين/ات بالقطاع الرسمي (مع استبعاد معظم اللاجئين/ات من المدارس الخاصة بسبب رفض المدارس التعسفي لتسجيلهن/م أو بسبب عدم قدرة الأهل على تحمّل رسوم التسجيل الباهظة)، ومنع اندماجهن/م مع باقي التلاميذ/التلميذات عبر فرض الدوام الليلي، واشتراط الحيازة على إقامة سارية للتسجيل للامتحانات الرسمية، والتسجيل للتعليم الثانوي أو الرسمي.
علماً بأنه جرت العادة بأن يصدر مجلس الوزراء، في أواخر كل سنة دراسية قراراً يعفي بموجبه التلاميذ السوريات\ين من تأمين المستندات المطلوبة، أي الإقامة، للتقدّم للامتحانات الرسمية”.
وتضيف المنصة أنه وحسب “دراسة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش عام 2022، 17% فقط من اللاجئين/ات السوريين/ات لديهن/م إقامات قانونية. علاوة على ذلك، فإن 71% ممن تتراوح أعمارهن/م بين 15 و17 عاماً هن\م خارج التعليم. في حين أن أكثر من 30% لم يلتحقن/وا بالمدارس مطلقاً”.
إن مثل هذه التعاميم ليست سوى وقود لحرب معلنة ضد اللاجئين/ات. حرب ستنشر الكراهية والعنف والعنصرية والتخريب. وسيكون ضحاياها الأكبر هن/م الطفلات/الأطفال والفئات المهمشة.