عاملات وبريات سمنود والنضال ضد الاستغلال الطبقي
تتواصل المعارك العمالية ضد شجع واستغلال الشركات والمصانع في مصر، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية التي تلقي يثقلها على الطبقات المفقرة، وتزيد من استغلالها.
في هذا السياق لا تزال عاملات وعمال وبريات سمنود يواصلن/وا معركتهن/م النضالية ضد المصنع الذي أشهر في وجوههن/م مختلف أدوات العنف الطبقي بما فيها الفصل التعسفي والخصومات والاعتقالات.
إضراب عمالي من أجل العدالة الاجتماعية
بدأت قضية “وبريات سمنود” بعد أن خاضت من 900 عاملة/عامل في المصنع (من أصل ما يقارب الألف عامل/ة جلهن نساء)، إضراباً عن العمل يوم 18 آب /أغسطس الماضي، بعدما فشلت كل محاولاتهن/م في مطالبة الإدارة، بتطبيق القرار القاضي برفع الحد الأدنى للأجور إلى 6 آلاف جنيه.
استمر إضراب العاملات/العمال شهراً كاملاً، لم تكتف فيه إدارة المصنع بالتعنت ورفض المطالب المحقة التي بدأ من أجلها الإضراب فقط، بل استدعت قوات الأمن التي بدورها خاضت دور الحراسة الأمنية للطبقة المهيمنة، وألقت القبض على 8 منهن/م، بينهن/م ثلاث عاملات، وأدرجت اسم عاملتين لم تكونا في منزليهما أثناء قيام قوات الأمن بمداهمة بيوت العاملات والعمال، ضمن المطلوبات/ين.
لم تكتف قوات القمع البوليسية من التدخل للحفاظ على المصالح الطبقية، بل مارست مختلف أنواع القمع والانتهاكات بما فيها العنف الذكوري. حيث قامت قوات الأمن بإجبار العاملات على النزول بملابس النوم.
كما قامت هذه الأجهزة بالاعتداء الجسدي على إبن إحدى العاملات البالغ من العمر 14 سنة، بعد أن حاول السؤال عن أسباب القبض على والدته.
مارست قوات الأمن أيضًا جريمة الاختفاء القسري في حق العاملات/العمال، حيث أخفتهن/م لأكثر من ثلاث ليالٍ دون إخبار ذوويهن/م أو محاميهن/م عن مكان احتجازهن.
كما باشرت النيابة التحقيق مع العاملات/العمال دون وجود محامي، ووجهت لهن/م اتهامات تتعلق “بتعطيل العمل، والدعوة إلى تعطيل العمل، وقلب نظام الحكم، وذلك بعد التحقيق معهن/م”.
وبعد الضغط الحقوقي الكبير الذي أثارته قضيتهن/م،قبلت النيابة الاستئناف، الذي تقدم به المحامون، وقررت الإفراج عن العاملات/العمال بكفالة 1000 جنيه، بينما، رفضت إخلاء سبيل النقابي العمالي هشام البنا، واستمرت في حبسه، قبل أن يُطلق سراحه في 9 أيلول/سبتمبر الجاري.
وقد شارك في حملات التضامن مع العاملات/العمال سياسيون/ات ونقابيون/ات ونسويات وناشطات، وأُطلقت حملة تدوين كبيرة للتضامن معهن/م.
كما أدانت الحركة المدنية القبض على العمال/العاملات الثمانية. ووقَّعت أحزاب وتنظيمات عمالية، فضلًا عن عشرات الصحفيات/ين والنقابيات/ين، على عريضة تطالب بسرعة الإفراج عنهن/م، ووقف مخططات تصفية الشركة.
اعتقالات وتهديدات وفصل عن العمل
نقل موقع “المنصة” في تغطية خاصة لإضراب عاملات/عمال “وبريات سمنود”، بأن إدارة المصنع تمارس ضغطاً رهيبًا على العاملات/العمال، حيث استمرت في تهديدهن/م بالفصل، وإلقاء القبض عليهن/م، وذلك في ظل حصار قوات الشرطة لمحيط الشركة منذ 15 أيلول/سبتمبر الجاري.
على إثر تعاون بين الشرطة والمصنع لوقف الإضراب، استدعى جهاز الأمن الوطني بمحافظة الغربية، يوم 16 أيلول/سبتمبر، 5 عاملات من شركة وبريات سمنود، على خلفية مشاركتهن في الإضراب.
وصرحت لـ المنصة إن “زميلاتها الخمس أُبلغن عبر الهاتف في اتصالات منفصلة، عقب خروجهن من الوردية الأولى أمس، بضرورة توجههن فورًا إلى مقر جهاز الأمن الوطني بالمحلة الكبرى، وحذرهن المتصل من التخلف عن الحضور”.
وأضافت العاملة في تصريحها للمنصة، “أن ضابط الأمن الذي قابل العاملات طالبهن بإنهاء الإضراب”.
كما استدعت السلطات أيضًا 8 من مشرفات/مشرفي الأقسام نصفهن/م نساء إلى مقر جهاز الأمن الوطني في نفس اليوم، وتم الضغط عليهن/م لتشغيل الماكينات في صباح اليوم التالي.
كما نقلت المنصة تصريح عامل آخر في تغطيتها، قال بأن هناك “كلامًا يتم تداوله في الشركة، عن أن الإدارة تعد قائمة من 25 عاملة سيتم استدعاؤهن تباعًا إلى الأمن الوطني”. موضحًا أن “العاملات يتخوفن من تكرار ما حدث مع زملائهن/م الثمانية الذين أحيلوا إلى النيابة في 28 آب/أغسطس الماضي”.
نقل الموقع أيضًا أن إدارة الشركة أوقفت في 15 أيلول/سبتمبر “عاملتين عن العمل، ومنعتهما من دخول الشركة، بعدما رفضتا، الوقوف على الماكينات لتصويرهما وهما تتظاهران باستئناف العمل”.
وأضاف أن الشركة أبلغت 5 عمال، يعملون بعقود مؤقتة، بإنهاء عقودهم لرفضهم العمل، وإصرارهم على الانضمام لزملائهم/زميلاتهم المضربين/ات.
انهيار 4 عاملات بسبب الضغط عليهن لكسر الإضراب
نقل موقع المنصة عن اثنين من العمال المضربين، بأن 4 عاملات نقلن في سيارات الإسعاف، صباح يوم 18 من أيلول/سبتمبر الجاري، إلى مستشفى سمنود العام، بعد انهيارهن داخل الشركة، جراء الضغط عليهن لكسر الإضراب، المستمر منذ 18 أغسطس/آب الماضي.
وقالت إحدى العاملات لـ المنصة إن “أفرادًا بزي مدني قالوا إنهم من الأمن الوطني يمارسون ضغطًا كبيرًا على العاملات/العمال منذ بدء الوردية الأولى، لإجبارهن/م على إنهاء الإضراب واستئناف العمل، وهو ما ترفضه العاملات/العمال”.
وأضافت العاملة للمنصة، أن “الضغط تركز على العاملات، حيث تم تهديدهن بتحميلهن المسؤولية عن تعطل العمل طيلة الفترة الماضية، ما أدى إلى انهيار 4 ونقلن بسيارات الإسعاف إلى مستشفى سمنود العام”، مشيرة إلى “أنهن غادرن المستشفى إلى منازلهن بعدما أمضين 3 ساعات تحت الملاحظة”.
معركة نضالية لتحقيق العدالة الاجتماعية
وفي تغطيته الخاصة للإضراب، نقل موقع “مدى مصر” بأن عمال/عاملات قسم النسيج في الشركة اضطروا لاستئناف العمل، يوم 19 أيلول/سبتمبر الجاري، بعد نحو شهر من الإضراب، وذلك بعد تلقيهن/م تهديدات من الإدارة بالقبض عليهن/م، بعد ساعات من استدعاء جهاز الأمن الوطني لعدد من العاملات واحتجازهن لساعات.
فيما لا يزال الإضراب مستمراً في باقي الأقسام، وهي “الفحص” و”التجهيزات” و”الصباغة” و”الملابس”، في يومه الرابع والثلاثون، لمطالبة المصنع بتطبيق الحد الأدنى للأجور.
ولا يعد هذا الإضراب الأول من نوعه حيث، سبق أن أضربت عاملات/عمال وبريات سمنود عن العمل في عامي 2017 و 2022، احتجاجًا على تجاهل الشركة لمطالب تعديل الأجور وزيادة بدل الغذاء، والمماطلة في صرف مكافآت نهاية الخدمة.
يضاف هذا الإضراب إلى تاريخ طويل من النضال العمالي، الذي لعبت فيه النساء العاملات معارك متعددة ضد الاضطهاد الأبوي والطبقي، وقاتلن لأجل لقمة العيش في مصانع وضيعات فلاحية وشركات تستغلهن بثمن بخس، وتجني من أتعابهن أرباحًا هائلة.