
مبادرة تشريعية لتحويل إجراءات الطلاق من أروقة المحاكم إلى أنظار عدول الإشهاد
تهديد مكتسبات النساء في تونس
طالب 105 نائب/ة من أصل 161 في البرلمان التونسي بتنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية، لإحالة إجراءات الطلاق بالتراضي إلى عدول الإشهاد، بدلاً من المرور عبر المحاكم.
وعدل الإشهاد هو مأمور عمومي للدولة يقوم بتحرير العقود والإتفاقيات الرسمية بين الأفراد.
تهدف المبادرة، وفق مقترحيها، إلى تسريع إجراءات الطلاق وتخفيف العبء على المحاكم عبر تفادي تراكم ملفات الطلاق لدى القضاة. غير أنها أثارت مخاوف شديدة من انعكاساتها السلبية على حقوق النساء.
تنقيح الفصل 32 يُهدد مكاسب النساء
تلقّت النساء التونسيات مبادرة مجلس النواب المتعلقة بتنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية بكثيرٍٍ من التحفّظ والتخوّف، نظرًا لما تتضمّنه المجلة من ضمانات وحقوق لصالحهن. فالفصل 18 منها يمنع تعدّد الزوجات صراحةً، وينصّ على عقوبة سجنية لكل من يُخالف هذا المنع ويسعى إلى الزواج بثانية.
وتُعدّ هذه المجلة أول تشريع على مستوى العالم العربي يضمن مكاسب ملموسة للنساء، وينتصر لحقوقهن في إطار الأسرة. لذلك، واجه إقتراح تعديل إجراءات الطلاق الرضائي رفضًا واسعًا، وإعتبر إنتكاسة وتراجعا عن مكاسب المرأة التونسية وإستهانة بدور القضاء في تحصين الأسرة التونسية ، فإبعاد إجراءات الطلاق من دائرة القضاء سيُفضي إلى حرمان النساء من الحماية القضائية التي أقرّها لهنّ الدستور، والتي تمثّل إحدى أبرز الضمانات لصون حقوقهن القانونية المنصوص عليها في فصول المجلة.
أثار هذا المقترح مخاوف من أن يكون مجرّد خطوة أولى لـ”جسّ النبض”، تمهيدًا لتنقيحات أخرى قد تفتح الباب أمام شرعنة تعدّد الزوجات، بما يُهدّد المكتسبات التاريخية للنساء ويعيدهن إلى الوراء.
لم يُسبق اقتراح تحويل إجراءات الطلاق إلى عدول الإشهاد بتشخيصٍ للمشاكل والصعوبات التي تجدها النساء في سياقهن المجتمعي والأسريّ. كما لم تشمله دراسات معمّقة حول الوضع النفسي، الاجتماعي، البيئي، والاقتصادي للنساء، ولم يول أدنى اعتبار لرغبات وتطلّعات النساء.
“وجود القاضي/ة يُعدّ عنصر توازن ضروريًّا، يبعث في النساء شعورًا بالأمان، ويمنحهن مساحة للدفاع عن حقوقهن دون خوف”.
غاب عن أصحاب هذا المقترح مدى تمسّك النساء التونسيات بما تضمّنته مجلّتهن من قوانين، تعدّ مكتسبات لن يفرّطن فيها ولن يسمحن بالمساس بها. كما تم تجاهل ما سيتسبّب به المقترح من خرقٍ لقوانين سارية المفعول كالقانون القاضي “بألّا تتمّ إجراءات الطلاق إلا لدى المحكمة وألّا يصدر حكم الطلاق إلا بعد قيام القاضي بمحاولاتٍ صلحيةٍ وجوبيةٍ بين الزوجين”.
ولا شك بأن اقتراح تنقيح الفصل 32 من مجلّة الأحوال الشخصية جاء نتيجة لتفشّي ذهنية ذكورية متجذّرة، نصّبت نفسها وصيّة على النساء، فسمحت لنفسها بالتفاوض نيابةً عنهن في قضايا تمسّ مصيرهن، دون استشارتهن أو حتى تشريكهن. وهذه الذهنية تستند إلى سلطة سياسية وأبوية ترى أن مصلحة النساء تأتي في المرحلة الثانية وبعد مصلحة الرجل، ولا يجب أن تُؤخذ كأولوية قائمة بذاتها. كما ظهر هذا المقترح لإسداء خدمة لقطاع عدول الإشهاد وتمكينهم/ن من الإشراف والمصادقة على عقود لم تكن تشمل إختصاصهم/ن.
نفاذ النساء إلى العدالة طريق شائك
نظرًا لخطورة هذا التنقيح، عبّرت المحامية يسرى دعلول، عضوة الهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، عن رفضها القاطع له، وطالبت بسحبه الفوري، لما يمثّله من تهديد مباشر لمكتسبات النساء التونسيات.
وأكدت أن “هذا التنقيح من شأنه تسهيل المرور إلى الطلاق بسرعة فائقة، دون المرور بالإجراءات القضائية، ودون مثول الأطراف أمام قاضٍ جالس ومختص، يسعى أولًا إلى تحقيق الصلح، ويتيح للنساء فرصة مواجهة الطرف الآخر في حضوره”. وشدّدت على أن “وجود القاضي/ة يُعدّ عنصر توازن ضروريًّا، يبعث في النساء شعورًا بالأمان، ويمنحهن مساحة للدفاع عن حقوقهن دون خوف”.
“نساء كثيرات يتحمّلن العنف من أجل أبنائهن، ولمّا ينفد صبرهن، يقبلن بطلاق يُصنّف قانونيًا كطلاقٍ إرضائي لكنه في الحقيقة طلاق ضرر، يخترنه كمفرّ أخير من جحيم أزواج معنّفين“.
وأضافت أن “التقاضي داخل أروقة المحكمة يُوفّر للنساء مسارًا مجانيًا وشفافًا، يضمن لهن الحصول على إعانة عدلية وجوبية تصرف لهن لتسديد مصاريف التقاضي كما يُمكّن من حضور مندوب حماية الطفولة عند الضرورة، ما يعزّز حماية حقوق الأطفال أيضًا”.
وأوضحت دعلول أن موقفها الرافض لا يستند فقط إلى المبدأ، بل يقوم أيضا على “مبرّرات استخلصتها من دراسات عديدة ومن تجارب نضالية نسوية تاريخية”، من خلال مرافقتها للنساء المعنّفات والإستماع إليهن .
فعاينت ما يتعرّضن له من صعوبات على مستوى الممارسة عند قيامهن بالإجراءات القانونية وكيف يُجبرن على قبول طلاق يبدو في الظاهر برضائهن بينما هو في الواقع طلاقا للضّرر، ناجما عن عنف وقهر وضغوطات.
وقالت: “نساء كثيرات يتحمّلن العنف من أجل أبنائهن، ولمّا ينفد صبرهن، يقبلن بطلاق يُصنّف قانونيًا كطلاق إرضائي لكنه في الحقيقة طلاق ضرر، يخترنه كمفرّ أخير من جحيم أزواج معنّفين، ويجبرن عليه نتيجة قلّة حيلتهن وعدم معرفتهن بحقوقهن وجهلهن بوجود مساعدة عدلية تتاح لهن، لتسديد أعباء إجراءات التقاضي من تنقل وآداءات وأتعاب المحاماة”.
والطلاق بالتراضي يُقصد به اتفاق الزوجين على فكّ الرابطة الزوجية، برغبةٍ مشتركةٍ من الزوج و الزوجة ودون الحاجة إلى إثبات الأسباب.
View this post on Instagram
لا وجود لطلاق بالتراضي في بيئة ريفية ذكوريّة
تتضاعف مخاطر الطلاق أمام عدل الإشهاد في البيئات الريفية، حيث غالبًا ما يُفرض الطلاق على النساء دون أن يكنّ صاحبات قرار فيه، ودون أي استعداد نفسي أو اجتماعي لتحمّله. تذعن له الزوجة في الغالب بعد ضغوطاتٍ وإكراهٍ من الزوج أوعن عدم دراية بقوانين وأنواع الطلاق. وأخطر من ذلك أنّ كثير من النساء الريفيات يتجنّبن الطلاق خشيةً من الوصمة الاجتماعية، ولا يتجرأن على طلبه حتى في ظل ظروفٍ قاهرة.
لذا، فإن شرط “التراضي” في حالات الطلاق داخل البيئات الريفية غالبًا ما يكون مغيّبًا، إذ يتم اللجوء إلى طلاق يبدو في ظاهره رضائيا بينما هو في الحقيقة طلاق ضرر، يلجأ بعض الرجال إلى تغليفه بطابع التراضي ويرغمون زوجاتهم عليه، كوسيلةٍ للتحايل على القانون، وتفادي الالتزامات والغرامات المالية المنجرّة عن طلاق الضرر التي تفرضها مجلة الأحوال الشخصية، مثل جراية جبر الضرر – وهي نفقة شهرية تستحقها الطليقة المتضرّرة ما لم تتزوج ثانية وما لم تعمل عملًا قارًّا.
أما طلاق الضرر فيتاح لأي من الزوجين إذا تعرض إلى أذى جسديًّا أو معنويًّا، يجعله غير قادر على الاستمرار في الحياة الزوجية. ويتحصّل طالب طلاق الضرر بعد تقديم إثباتاته على تعويض مالي عن الضرر الذي لحق به، يحدّد في شكل جراية مالية شهرية أو تعويض بمبلغ مالي دفعة واحدة.
وبناءً على ذلك، فإن تحويل إجراءات الطلاق من أروقة المحاكم إلى عدول الإشهاد لا يخدم مصالح النساء، لأن مهام هؤلاء العدول تقتصر على تحرير العقود وتوثيقها، والمصادقة على إمضاءاتها، دون امتلاك صلاحيات أخرى تخوّل لهم القيام بمحاولات الصلح بين الزوجين أو تسمح لهم بتشخيص خلفيات النزاع، للكشف عن حالات الإكراه التي قد تتوارى خلف ما يبدو طلاقًا بالتراضي.
كما أن هذا التحويل يُسقط عن النساء حقًّا دستوريًا أصيلًا: حق الطعن بالاستئناف. فالعقد الذي يُبرم أمام عدل الإشهاد يُعدّ عقدًا نهائيًا لا يمكن مراجعته قضائيًا، على عكس الأحكام القضائية الصادرة عن قضاة مختصّين، والتي تُتيح الطعن فيها وتُخضعه لرقابة قضائية.
كما أن غياب السلطة الرقابية والردعية على أعمال عدول الإشهاد يفتح الباب أمام تجاوزات خطيرة تمسّ بحقوق النساء، وتُفقدهن الضمانات التي توفرها المحاكم. فلا تضمن التكافؤ في العلاقات وفي الفرص وسينجرّ عنها مخلّفات تتحمّل تبعاتها المرأة الحاضنة فعدل الإشهاد ليس مؤهلا للنظر والبتّ في الحضانة وفي منحة السكن مما يفسح المجال للزوج ليتهرّب من واجباته المادية إزاء طليقته.
ورغم ما وفرته مجلة الأحوال الشخصية للنساء من حقّ النفاذ إلى العدالة، ومن حماية وإحاطة قضائية، إلا أنّ الواقع ما زال يثبت أن النساء يواجهن عوائق حقيقية حين يسعين لاسترداد حقوقهن. عوائق متجذّرة في تفكيرٍ ذكوريٍّ مطبّع مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، تغلغل في المجتمع التونسي، وترك بصماته في مختلف القطاعات المهنية والمرافق العمومية. فتجلّى ذلك، بشكلٍ خاص، في سلكي القضاء والأمن، حيث يميل العديد من العاملين إلى الانحياز لبني جنسهم، والدفاع عن المعتدين، وإيجاد الأعذار لقتلة النساء ومعنّفي الزوجات.
كلما توجّهت امرأة إلى مركز أمني أو محكمة لتشتكي من زوجها أو معنّفها، إلا وقوبلت بطلب مباشر أو ضمني للتنازل عن شكواها، بحجة الحفاظ على الأسرة من “الضياع” و”التفكك”.
وهنا شهادة حية من إحدى النساء اللاتي تعرضن للعنف الزوجي:
“التجأت إلى وحدات الأمن عدة مرات لأحتمي بهم من عنف زوجي، حتى أنني أصبحت وجهًا مألوفًا لديهم. توجهت إليهم حين ضربني بقضيبٍ حديديّ، وعدت ثانيةً لمّا رماني بكأسٍ زجاجي، واستنجدت بهم مرة أخرى بعد أن اعتدى عليّ بقطعة آجر (قطعة مصنوعة من الطين أو الإسمنت). لكنهم في كل مرة كانوا يراوغون ويتهرّبون. لم يتم استدعاؤه للتحقيق قط، وامتنعوا عن توجيهي أو إرشادي لكيفية تتبّعه عدليًا”.
عقلية ذكورية تروّج أن النساء غير مؤهلات للريادة والقيادة
أثار اقتراح عدد من نوّاب البرلمان التونسي لتنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية جدلًا واسعًا، كاشفًا عن ذهنية ذكورية لا تزال تُحاول فرض هيمنتها، من خلال طمس إنجازات النساء، وتحميلهن مسؤولية الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد. وتروّج هذه الذهنية لفكرة مفادها أن مجلة الأحوال الشخصية هي التي أضعفت مكانة الرجل، بمجرد أنها نصّت على عقوبات مالية وسجنية لكلّ من يُخِلّ بواجباته الأسرية، أو يمتنع عن دفع النفقة لطليقته الحاضنة لأطفاله.
وبالرغم من مرور أكثر من سبعين عامًا على إصدار مجلة الأحوال الشخصية، فإنها لا تزال تُثير الجدل فكلما عرفت البلاد تحوّلات اجتماعية أو أزمات سياسية واقتصادية، يتجدّد الصراع بين نموذجين مجتمعيين: أحدهما تقليدي يستند إلى الأعراف والتقاليد والمنظومة الدينية، وآخر حداثي يُؤمن بالمساواة والحقوق الإنسانية.فقد بلغ الأمر بأحد نواب البرلمان أن ربط أسباب عزوف الشباب عن الزواج بقوانين وأحكام مجلة الأحوال الشخصية.
وفي هذا السياق، أوضحت فتحية السعيدي، أستاذة علم الاجتماع والناشطة النسوية، أن الصراع المجتمعي كثيرًا ما يُربط بظواهر اجتماعية مثل العزوف عن الزواج والتفكّك الأسري، مشيرة إلى أن المنظومة الفكرية التقليدية لا تزال تُحمّل النساء تبعات هذه الظواهر، وتراهنّ سببًا في ارتفاع نسب البطالة، ومنافساتٍ “غير مرغوب فيهن” للرجال في الفضاء العام.
وأضافت أن هذه النظرة المتحيّزة تدعّمت بفعل قوانين تمييزية رسّخت تقسيمًا صارمًا بين الفضاءين العام والخاص، وأعادت توزيع الأدوار بشكل يُكرّس هيمنة الذكور، ويُقيّد إمكانيات النساء في الريادة والقيادة.
واختتمت بالقول: “اليوم، نُعاين محاولة جديدة لضرب مكتسبات النساء التونسيات، من خلال مبادرة تشريعية لتعديل الفصل 32 من المجلة، وهي مبادرة تُهدّد حقوق النساء وأبنائهن، وتُجسّد تراجعًا خطيرًا في مسار المساواة.”
سلطة عائلية لا أبوية
كان من الأجدر بنوّاب البرلمان التونسي أن يناقشوا الهنّات الموجودة ببعض قوانين مجلة الأحوال الشخصية، والتي لم تَعُد تتناغم مع واقع النساء اليوم، ولا تواكب تطوّرات المجتمع التونسي الحديث.
وفي هذا السياق، قالت حفيظة شقير، الناشطة النسوية وأستاذة القانون العام: “لقد طغت على مجلة الأحوال الشخصية مظاهر السلطة الأبوية، فجاءت أحكامها منحازة للرجال، ومنحتهم امتيازات على حساب النساء. فقد شرّعت للوصاية الذكورية، ولم تُقرّ بالمساواة في الميراث، واشترطت في مسألة الولاية على الأبناء القُصّر أن يكون المتكفّلون رجالًا، وهو ما يشكّل تمييزًا واضحًا ومُعلنًا ضد النساء”.
وأضافت: “المجلة كرّست سلطة الزوج داخل الأسرة، حين نصّت على أنه رئيس العائلة وملزَم بالإنفاق على زوجته وأطفاله، في حين كان من الأجدر أن تُقرّ بمبدأ السلطة العائلية المشتركة بين الزوجين”.
وترى شقير أن استناد المجلة إلى مرجعيات دينية جعل بعض أحكامها تتعارض مع روح القوانين الحديثة، إذ لا تزال تحتوي على مصطلحات وأحكام تجاوزهَا الزمن، ولا تنسجم مع واقع المرأة التونسية اليوم. فهذه الأحكام صِيغت في زمن وبيئة اجتماعية مختلفة، وهو ما يُحَتِّم مراجعتها وتخليصها من هالة القداسة التي تحيط بها لمجرّد كونها مستمدّة من الفقه.
وخلصت إلى أن مراجعة المجلة وتطويرها بات أمرًا ضروريًّا، حتى تواكب التغيّرات الاجتماعية، وتعكس فعليًّا واقع النساء في تونس، وتكفل لهن المساواة التامة في الحقوق داخل الأسرة وخارجها.
التناصف يُنصف النساء
تعكس هذه المبادرة التشريعية عقلية ذكورية وسلطة أبوية، في وقتٍ تعيش فيه البلاد تحت حكم بطريركيّ يستند إلى مرجعية دينية، حيث يسعى الفاعل السياسي إلى توظيف قضايا النساء كورقة ضغط انتخابية، يستخدمها لضمان بقائه في السلطة. ويعمد، بين الفينة والأخرى، إلى إثارة الجدل حول مجلة الأحوال الشخصية والاعتداء على مكتسبات النساء، بحجّة التفاعل مع مطالب الشعب.
وقد ساعد على بروز مثل هذه المبادرات تعمّق الفجوة الجندرية بين النساء التونسيات ومحيطهن السياسي والاجتماعي، نتيجة تغييبهن المتعمّد عن مواقع القرار، ومحاولات مستمرّة لإقصائهن من المشاركة الفعلية في صنع السياسات العامة، بل وعرقلة طموحاتهن حتى لا يصبحن منافسات ومؤثّرات داخل الفضاء العام.
ومن هذا المنطلق، لا يمكن للنساء التونسيات الحفاظ على حقوقهن ومكتسباتهن إلا من خلال تفعيل مبدأ التناصف، باعتباره الضامن الحقيقي لتحقيق العدالة والمساواة. فالتناصف لا يمنح النساء فقط حضورًا شكليًا، بل يوفّر لهن سلطة فاعلة تمكّنهن من الدفاع عن قضاياهن وحقوقهن، ومواجهة الفكر الذكوري الذي يسعى إلى تقويض حريتهن، والنيل من إنجازاتهن.
لا بدّ أيضا من العمل على تغيير العقليات وتكوين القضاة للتخصص في قانون العنف المسلط علي المرأة وتأهيل وحدات الأمن لتغيير السلوكيات وليتمكن المشرفون من التعاطي المحايد مع قضايا النساء ، بعيدا عن الذكورية والتعالي الجندري.