
كيف صادرت الدنمارك حق النساء في الإنجاب؟
الناجيات تحدثن عن نزيف وآلام مزمنة، التهابات حادة، فقدان القدرة على الإنجاب، صدمات نفسية عميقة، وشعور دائم بالعار والوصمة الاجتماعية. نساء كثيرات اكتشفن بعد سنوات أن أجسادهن لم تعد ملكًا لهن.
أصدر تقرير مستقل بداية هذا الشهر نتائج صادمة عن سياسات الدنمارك في الستينيات والسبعينيات، حين أخضعت السلطات آلاف النساء والفتيات من السكان الأصليات في غرينلاند لإجراءات منع حمل قسرية. التقرير وثّق شهادات 354 امرأة، مؤكدًا أن أكثر من أربعة آلاف فتاة وامرأة تعرضن لهذه الممارسات، كثيرات منهن لم يتجاوزن الثانية عشرة من العمر.
صدمات نفسية عميقة، وشعور دائم بالعار والوصمة الاجتماعية
شهادات الناجيات
كاترين بيترسن، التي كانت تبلغ الثالثة عشرة، دخلت مستشفى محليًا لتتعرض لإجهاض ثم زرع لها لولب داخل رحمها دون شرح أو موافقة. تصف بيترسن اليوم تلك اللحظة كبداية لمسار طويل من الألم، العقم، والخذلان. الناجيات تحدثن عن نزيف وآلام مزمنة، التهابات حادة، فقدان القدرة على الإنجاب، صدمات نفسية عميقة، وشعور دائم بالعار والوصمة الاجتماعية. نساء كثيرات اكتشفن بعد سنوات أن أجسادهن لم تعد ملكًا لهن.
السياق الجيوسياسي والاستعماري
هذه السياسات لم تكن مجرد مسألة ديموغرافية. المؤرخ سورين رود يشير إلى أنها جسدت رغبة الدولة في السيطرة على السكان الأصليات/ين، وتحويل أجساد النساء إلى أدوات لتقليل أعدادهن/م. بعد أن تحولت غرينلاند من مستعمرة إلى مقاطعة دنماركية عام 1953، وبقيت تحت إشراف كوبنهاغن في قطاع الصحة حتى عام 1992، استمرت هذه الممارسات الاستعمارية رغم انتهاء الشكل الرسمي للاستعمار.
تزامن الكشف عن القضية مع تجدد الاهتمام الأمريكي بالجزيرة، بعد أن حاول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب استغلال الخلافات بين غرينلاند وكوبنهاغن لطرح فكرة شراء الجزيرة أو توسيع النفوذ الأمريكي فيها، ما يضع مأساة النساء ضمن سياق أطماع سياسية وجيوسياسية أكبر.
الاعتذار الرمزي لا يكفي لإصلاح الضرر الجسدي والنفسي الذي عانينه
خطوات الاعتراف والمصالحة
في العاصمة نوك، قدمت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن ورئيس حكومة غرينلاند ينس فريدريك نيلسن اعتذارًا رسميًا للناجيات، لكن دون تقديم تعويضات واضحة أو محاسبة المسؤولات/ين. حتى الآن، رفعت 143 امرأة دعاوى قضائية، ما يوضح أن الطريق نحو العدالة طويل ومعقد، وأن الاعتذار الرمزي لا يكفي لإصلاح الضرر الجسدي والنفسي الذي عانينه.