“بذريعة الشرف”.. تُزهق الأرواح: 5 آلاف امرأة تُقتل سنويًا تحت صمت القوانين

في اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم قتل بذريعة الشرف، الذي يوافق 29 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، تتجدد الدعوة إلى مواجهة هذه الظاهرة، التي تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتكشف عن خللٍ عميق في الثقافة والقانون والممارسة المجتمعية.

ففي كثير من الحالات، تُرتكب الجريمة داخل الأسرة نفسها، على يد أب أو شقيق، بذريعة “استعادة شرف العائلة”، بينما يظل الجناة يتمتعون بتساهل قانوني وصمت اجتماعي.

في إحدى القرى النائية، كانت هند تحلم بحياة بسيطة يسودها الأمان، لكن حلمها انتهى على يد من ظنّت أنهم ملاذها، قصتها ليست سوى واحدة من مئات القصص المأساوية التي تروي معاناة نساء وفتيات قُتلن بذريعة ما يُعرف بـ “جرائم الشرف” وهي جرائم تُرتكب باسم العادات والتقاليد، وتغلفها المجتمعات بثوب زائف من الكرامة.

يعود أصل هذا اليوم إلى عام 2009، حين أُطلق تخليدًا لقضية فتاة سورية قُتلت على يد شقيقها الذي نال البراءة بدعوى “جريمة الشرف”. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا اليوم مناسبةً دولية لتسليط الضوء على ضرورة تعديل التشريعات، وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، وحماية النساء المعرّضات للخطر.

تُشير الموسوعة البريطانية إلى أن ما يسمى بـالقتل بذريعة للشرف، هو عادة إعدام امرأة أو فتاة من قبل أحد أفراد الأسرة بدعوى أنها “أساءت إلى سمعة العائلة”. هذه الجرائم لا تقتصر على منطقة جغرافية أو دين معين، بل تنتشر في مجتمعاتٍ يهيمن عليها الفكر الأبوي، حيث تُربط سمعة العائلة بسلوك النساء ويُمارس عليهن شكل من الوصاية المستمرة حتى بعد الزواج.

وبحسب تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، تُقتل سنويًا نحو 5,000 امرأة حول العالم بذريعة “جرائم الشرف”.

ففي الهند وباكستان تُسجَّل قرابة ألف حالة قتل بذريعة الشرف سنويًا في كلٍّ منهما، بينما تتراوح الأعداد في إيران بين 375 و450 حالة، وتشهد كردستان العراق عشرات الحالات الموثقة سنويًا، إلى جانب حالات انتحار قسري تُرتكب تحت ضغط “الوصمة”.

كما رُصدت جرائم مشابهة في دول غربية بين مجتمعات مهاجرة لا تزال تتمسك بتقاليدها الصارمة.

من بين أبرز القضايا التي هزّت الرأي العام؛ شفيليّة أحمد (بريطانيا، 2003) قُتلت على يد والديها بعد أن اعتُبرت تصرفاتها “تغريبًا عن قيم الأسرة”، بيلا أتروشي (كردستان العراق، 1999) قتلت بعد عودتها من السويد بتهمة وذريعة  “الإخلال بالشرف”، غزالا خان (الدانمارك، 2005) وهي شابة باكستانية الأصل، قُتلت بعد زواجها من رجل دون موافقة عائلتها، في حادثة شكّلت نقطة تحول في النقاش الأوروبي حول جرائم القتل بذريعة الشرف.

ويرى خبراء حقوق الإنسان أن هذه الجرائم نتاج ثقافة ذكورية متجذرة، تغذيها نصوص قانونية تمنح الجناة أعذارًا مخففة، وضعف في إنفاذ القوانين، إضافةً إلى ضغط اجتماعي يربط الكرامة الأنثوية بسلوك المرأة لا بكرامتها الإنسانية.

كما تناولت السينما والأدب هذه الظاهرة بجرأة، فكان من أبرز الأعمال فيلم “حين تقتل النساء” الألماني، والفيلم الأمريكي “رجم ثريا م” (The Stoning of Soraya M) الذي جسّد مأساة امرأة رُجمت ظلمًا، إلى جانب رواية “وراء الجدار” للكاتبة السورية نور تركماني، ومسلسلات عربية مثل “جرائم صغيرة” و”ما وراء الشمس”* التي سلطت الضوء على العنف الاجتماعي باسم الشرف.

في هذا اليوم، تطلق منظمات حقوقية حول العالم حملات تضامن وتوعية تذكّر بأن الضحايا ليسوا مجرد أرقام أو قضايا منسية، بل بشر فقدوا حياتهم تحت مبررات واهية.ويظل الهدف الأسمى هو مواجهة الصمت، وتغيير المفاهيم، وتوحيد الجهود من أجل تشريعات عادلة تحمي النساء من القتل المغلف بعبارات الشرف.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد