جرحى غزة يواجهون مصير البتر في ظل حصار الدواء

في قطاع غزة المحاصر، لم يعد القصف وحده يهدد حيوات النساء والأطفال، بل تحوّل غياب الدواء إلى سلاح موازٍ للقتل. فمع منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المضادات الحيوية الأساسية، يجد الأطباء أنفسهم/ن مضطرين/ات إلى اتخاذ القرار الأكثر قسوة: بتر أطراف الجرحى/الجريحات والطفلات/الأطفال لإنقاذ حيواتهن/م.

 

طفولة كاملة تُختصر في مأساة البتر: صدمات نفسية، فقدان القدرة على اللعب، ومستقبل مظلم محفوف بالإعاقة.

نساء يفقدن أطرافهن بدل العلاج

تواجه نساء غزة اليوم جروحًا لا يمكن مداواتها بالدواء، بل تُعالج بمشرط البتر اليد أو الساق كوسيلة وحيدة للنجاة. هكذا تتحول حياة النساء إلى مأساة مضاعفة: خسارة طرفها الجسدي، وتحملها في الوقت نفسه عبء رعاية أطفالها وسط النزوح والجوع.

كما تواجه الطفلات/الأطفال جروح الحرب التي نالت منهم/ن، مئات الطفلات/ الأطفال في غزة غادروا/ن المستشفيات بساقٍ واحدة أو يدٍ مبتورة، بعدما عجز الأطباء عن توفير المضادات الحيوية لمنع انتشار العدوى.

طفولة كاملة تُختصر في مأساة البتر: صدمات نفسية، فقدان القدرة على اللعب، ومستقبل مظلم محفوف بالإعاقة.

 

الأطباء أمام خيارين لا ثالث لهما: إما بتر الطرف المصاب أو ترك المريض لمصير الموت.

الطب يتحول إلى “البتر أو الموت”

حذّر مدير وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، من أن ظهور الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية يعني وصول القطاع الصحي إلى “مرحلة اللاعودة”.

وقال إن “الجريح/ة في غزة لا يقتله/ا رصاص الاحتلال فقط، بل أصبحت تقتله الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، فلم يعد هناك خيار أمام الأطباء سوى بتر الأطراف لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين/ات”.

وأكد أن “الاحتلال يكثف كل قوته لتنفيذ جريمة إبادة متكاملة الأركان بحق القطاع الصحي”، موضحًا أن “ظهور الميكروبات التي لا تستجيب للمضادات الحيوية يعني وصول الأزمة الصحية إلى مرحلة اللارجعة، ما يضطر الطبيب/ة إلى الوقوف عاجزًا/ة أمام أقسى الخيارين إما بتر الطرف الملوث إنقاذا لحياة الجريح أو الموت”.


الأطباء أمام خيارين لا ثالث لهما: إما بتر الطرف المصاب أو ترك المريض لمصير الموت.

هذا الواقع يحوّل مهنة الطب في غزة إلى معركة قاسية يومية، حيث يجري إنقاذ الحياة على حساب الجسد.

وبحسب د. منير البرش فإن “عملية عربات جدعون الثانية التي أعلن عنها الاحتلال في 13 أغسطس/آب الماضي أدت لسقوط 1891 شهيد من بينهم 482 طفلا و174 امرأة و 75 من كبار/كبيرات السن أي 38% من العميلة استهدفت النساء والأطفال والشيوخ”.

جريمة إبادة صحية

غياب المضادات الحيوية لا يعكس أزمة إنسانية عابرة، بل هو جزء من سياسة حصار ممنهجة تستهدف حرمان الفلسطينات/يين من أبسط حقوقهم الصحية. ومعظم ضحايا هذا الحصار الصحي هم نساء وأطفال، أي الفئات التي لا تستطيع تحمّل آثار البتر أو التعايش مع الإعاقة وسط النزوح والجوع.

رغم وضوح الكارثة، يمر خبر بتر النساء والأطفال في غزة كأنه خبر عابر. لكن الواقع أشد قسوة: آلاف الأمهات يواجهن حيواتهن مبتورات الأطراف، ومئات الطفلات/ الأطفال يعيشن/ون طفولة منقوصة، في حين يقف العالم صامتًا أمام إبادة صحية مكتملة الأركان.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد