حقوق النساء والمساواة: ثلاثون عاماً على إعلان بيجين

عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاً رفيع المستوى لتجديد الالتزام بإعلان بيجين

قبل ثلاثين عاماً، تبنّت دول العالم إعلان ومنهاج عمل بيجين، الذي يُعد من أبرز الالتزامات السياسية في مجال حقوق النساء. هذا الإعلان أكد أن حقوق النساء والفتيات ليست ثانوية ولا قابلة للتفاوض، بل هي حقوق إنسان أساسية لا تنفصل عن العدالة والتنمية والسلام.

إنجازات متباينة وواقع صعب

رغم التقدم المحقق في مجالات التعليم، الصحة، والقوانين، لا تزال النساء والفتيات يواجهن مستويات مرتفعة من العنف، التمييز، والتهميش الاقتصادي. ولهذا عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاً رفيع المستوى لتجديد الالتزام بإعلان بيجين، وحشد الموارد من أجل تسريع التنفيذ وضمان التمكين الفعلي للنساء والفتيات.

 

لا توجد دولة واحدة حققت المساواة الكاملة

تمثيل النساء في مواقع القيادة

أشارت أنالينا بيربوك، رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أنها خامس امرأة فقط تشغل هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة قبل 80 عاماً. وذكرت أن النساء شكلن أقل من 10% من المتحدثين في الأسبوع رفيع المستوى العام الماضي، فيما لم تصل أي امرأة بعد إلى منصب الأمين العام.

وأكدت بيربوك أن: “الثورة لم تكتمل بعد. لا توجد دولة واحدة حققت المساواة الكاملة. وهناك أماكن يصبح فيها مجرد الحديث عن حقوق النساء والفتيات مسألة حياة أو موت”. كما نبهت إلى أن الصراعات، مثل الحرب الدائرة في السودان، تُمارَس بشكل مباشر على أجساد النساء.

قالت بيربوك إن التنفيذ الجاد لإعلان بيجين يعني حماية حق النساء والفتيات في أجسادهن وخياراتهن، بعيداً عن سلطة السياسيين أو القضاة أو القادة الدينيين. وأضافت: “إنه جسدنا وإنه خيارنا”.

تحديات اقتصادية وهيكلية

كشف تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 10% من النساء يعشن في فقر مدقع، فيما قد تسقط 351 مليون من النساء والفتيات في براثن الفقر بحلول 2030. ويُقدّر أن 708 ملايين من النساء خارج سوق العمل بسبب أعباء الرعاية غير المدفوعة، بينما تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي. كما يعيش 676 مليون من النساء بالقرب من مناطق نزاع، وهو أعلى رقم منذ التسعينيات.

ويستمر العنف ضد النساء بوتيرة مقلقة، إذ تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي، بينما تعيش 676 مليون من النساء بالقرب من مناطق نزاع، وهو أعلى رقم منذ التسعينيات.

الحقوق المتساوية ليست خياراً حزبياً، بل أساس للسلام والتنمية

تحذير ودعوة للتحرك

الأمين العام أنطونيو غوتيريش شدد على أن إعلان بيجين ساهم في تقدم ملموس بمجالات مثل التعليم، الصحة، والمشاركة السياسية. لكنه أقر بأن التقدم كان بطيئاً ومتفاوتاً، وأن المكاسب التي تحققت بشق الأنفس تتعرض اليوم لهجوم متصاعد، في ظل الحروب والأزمات المناخية وموجة كراهية النساء المنتشرة عالمياً.

وأكد غوتيريش أن الحقوق المتساوية ليست خياراً حزبياً، بل أساس للسلام والتنمية، داعياً الحكومات لدعم جهود النساء والفتيات في نضالهن من أجل العدالة.

التكنولوجيا كساحة جديدة للتمييز

تطرق غوتيريش أيضاً إلى أثر الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يتشكل في صناعة يسيطر عليها الرجال وتغذيها بيانات منحازة. هذا الواقع، بحسبه، يعزز الإقصاء بدلاً من المساواة. لذلك شدد على ضرورة مكافحة العنف الرقمي وضمان أن تكون التكنولوجيا أداة للتحرر والمساواة.

بيجين: نقطة تحول لم تكتمل

انعقد المؤتمر العالمي الرابع حول النساء في بيجين عام 1995، وأقرّ 189 بلداً بالإجماع أن المساواة بين النساء والرجال حق إنساني وشرط للتنمية والعدالة الاجتماعية.

لكن بعد ثلاثين عاماً، يتضح أن المعركة لم تنتهِ. فما تحقق من مكتسبات ما زال هشاً، والطريق نحو المساواة الكاملة يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، واستمرار نضال النساء والفتيات في مختلف أنحاء العالم.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد