التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني يطلق كتابه الأسود لتوثيق شهادات نساء ناجيات من العنف الجنسي

أطلق التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني اليوم بالشراكة مع منظمة دياكونيا دراسة جديدة بعنوان “العنف الجنسي ضد النساء في لبنان: شهادات في الظلّ” أعدّها منسق الشبكة العربية للجنسانية والصحة الجنسية الدكتور فيصل القاق، والاختصاصية في علم النفس الاجتماعي الدكتورة كارولين سكر صليبي؛

وهي دراسة ميدانية وثَقت 50 حالة عنف جنسي بكل أشكاله، وتأتي نتائجها كوثيقة تحليلية لواقع العنف الجنسي في لبنان وعواقبه الصحية والجسدية والنفسية على المديين القصير والطويل، بالإضافة إلى التعرّف على عمل المنظمات النسائية والدولية في هذا المجال.

وقد تحدّثت كارمل مهنا بإسم التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، حيث عرضت لعمل التجمع في مجال مناهضة العنف ضد النساء ودعم الناجيات نفسياً وإجتماعياً وقانونياً، والذي توّج أخيراً بالعمل على إقرار قانون حماية الأطفال من التزويج المبكر. وشدّدت مهنا على أن تزويج الطفلات يعتبر بمثابة عنف جنسي مرتكب بحقهن لما يترتب عليه  من آثار جسدية ونفسية ومعنوية وإجتماعية وإقتصادية على نمو الفتاة، وباعتباره يخالف أبسط القواعد التي يجب أن يقوم عليها الزواج.

 من جهتها، عرضت الباحثة دكتورة كارولين سكر لمنهجية البحث وسبل إختيار العينة التي تشكّلت من نساء لجأن إلى مراكز التجمع إثر وقوعهن تعرّضهن لأنواع مختلفة من العنف الجنسي أبرزها زنا المحــارم، أنشــطة جنســية قصرية، إغتصــاب زوجــي، تحــرش جنســي، إيــذاء جســدي، دعارة، تزويج مبكر… وشدّدت سكر على أهمية ورصد الممارسات العنفية ضدّ النساء، مما يساعد على بناء حملات مناصرة بناءً على واقع ملموس وحقيقي، مؤكدةً على مسؤولية الدولة في تأمين الحماية للنساء إذ لا يزال لبنان حتى اليوم عاجز عن توفير خدمات الحماية والوقاية للناجيات في ظلّ عدم وجود تعريف أو نص قانوني واضح حول العنف الجنسي.

 كذلك، عرض الدكتور فيصل القاق لمضمون ونتائج الدراسة التي تضمّنت تعريف لمفهوم الضحية للعنف الجنسي، التكتيكات واستراتيجية المعتدي، آليات المواجهة، عواقب الاعتداء، ردود فعل المجتمع تجاه الضحية، آثار الاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى خدمات الدعم وحاجات الناجيات. وأشار القاق إلى أن “الشرق الاوسط وشمال افريقيا من اكثر أماكن انتشار العنف في العالم، وفي لبنان 1300 حالة بلغ عنها من العام 2008 الى العام 2012، توزعت بين عنف جسدي وعنف جنسي، و87 في المئة تعرضوا لعنف كلامي، 86 في المئة للضرب و55 في المئة تهديد بالهجر واقامة علاقات خارجية”. وعن ردود الفعل تجاه الضحية، اعتبر القاق أنّ قلة تلقت دعما في كل المراحل، ولكن الغالبية حصلن على اللوم والتهديد والكره وتحميلهن المسؤولية: الضحية مكروهة ومهددة ومهمشة داخل أسرتها. “ضربتني والدتي بعدما اعتدى عليَّ صهري، وقالت لي: “إياكِ أن تفتحي فمكِ… اذا طلقت اختك مين بدوا يصرف على العائلة”. ومن ردود الفعل الآثار العميقة واضطرابات الضحية ومشاعر سلبية وانكسار والغضب والاهانة والصدمة والقلق والقرف والرعب والخسارة والسأم والعذاب والكراهية والتفجّع وعدم الاستقرار والشعور بوساخة الجسد! “اثار التعنيف لا تزول هؤلاء الأشخاص لا يمكن شفاؤهن بل عليهن التعايش مع هذا الجرح”. الاثار الاجتماعية راوحت ما بين التقبل والرفض، وثمة مستويات مختلفة بالمعرفة بوجود مراكز، ولا ثقة فيها غالبا ولا بالقوانين.

 وركّزت توصيات الدراسة على أربعة محاور: على الصعيد الشخصية، تمكين المرأة، وعلى صعيد العائلة، تقديم الدعم والتربية المتوازنة غير المنمطة جندريا، ومن المجتمع التثقيف وكسب الجمعيات الموجودة ثقة النساء، وعلى صعيد السياسات استكمال القوانين وتحديثها وتنفيذها.

 ومن وراء ستار خشبي شاركت إحدى الناجيات الحضور خلال اللقاء قصّة معاناتها الطويلة مع العنف الجنسي الذي بدأ وهي في الربيع الخامس من العمر، حين اغتصبها عمّها لسنوات، مهدداً إياها بقتل أمها وأبيها إن أخبرتهم بالأمر، وبأنه كان يضربها ويحرق جسدها الطري. وقد توسّلت الناجية الحاضرين والإعلاميين تغيير صوتها عند عرض شهادتها، فابنتها المراهقة تعاني اضطرابات عصبية كبيرة: “لا اريد تدمير حياة ابنتي”، مستكملةً سرد معاناتها مع زوجها الذي أجبرها على تعاطي المخدرات وهي حامل بها “اعتقدته سيساعدني ويُخرجني من واقعي، بدا لطيفا وحنونا ايام الجامعة، لكني اكتشفت أنّه مدمن ومقامر، وعنّفني لفظاً وضرباً واغتصاباً، الى أن نقلني الى المستشفى بعدما أجبرني على تعاطي المخدرات. طلقته وهربت. تعرّفت على شخص ادعى الإيمان وأراد الزواج بي والاهتمام بابنتي، الا أنه أرادني أن اتخلى عنها بعد الزواج وبدأ يعنفنا ويضربنا ودخل عليها مرة وهي تستحم، فطلقت مجددا وهربت”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد