مخاطر الانجاب المتأخر وهم تخطاه الزمن

حمل تطور الحياة العصرية واقعاً جديداً بالنسبة لدور المرأة و موقعها المتقدم في المجتمع و الأسرة و التعليم والعمل. وبالتالي غيّر الكثير من المفاهيم التقليدية القديمة وفرض نمط حياة جديد تجلت أبرز مظاهره في تأخر سن الزواج الذي بات متوسطه يتراوح بين 29 و32 سنة حسب البلدان. هذا الواقع كان له انعكاس مباشر عليها ألا وهو الإنجاب المتأخر الذي لا يزال حتى اليوم يثير الكثير من التساؤلات حول محاذيره. فهل هي تساؤلات محقة أم أنها وهم تخطاه العلم و الزمن؟

في وقت تشير فيه الاحصائيات الى ارتفاع متوسط سن الامهات عند إنجابهن لطفلهن الأول بمقدار خمس سنوات منذ بداية السبعينيات حتى اليوم، فأن الحديث عن حمل متأخر لا يتم إلا بعد عمر 35. لكن هذا لا يعني أنه بعد هذه السن يصبح الحمل خطراً او تصبح محاذيره شديدة على الأم و الجنين ، مع التأكيد أن المحاذير ترتفع تدريجياً مع تقدم المرأة بالسن.
لكن المخاطر التي كانت ترافق الحمل المتأخر في ما مضى باتت اليوم أعراضاً شبه عادية نظرا للمتابعة الطبية الحثيثة التي ترافق الحامل في كل مراحل حملها و تستبق المشاكل الممكنة، ولتطور وسائل التشخيص القادرة على اكتشاف اي مشكلة في بداياتها ليتمكن الطبيب و الأم من التعاطي معها بالشكل المطلوب. كما أن وعي المرأة و ثقافتها الصحية باتا عاملاً إيجابياً في تعاملها مع الحمل المتأخر و السير به نحو بر الأمان. يضاف الى ذلك أن سن الشباب بات يمتد فترة أطول نظراً الى تحسن المستويات الاقتصادية و الثقافية و المهنية للمرأة و تحسن نوعية حياتها من حيث التغذية و ممارسة الرياضة و الانتباه الى سلامة جسمها ما يجعلها مؤهلة جسدياً و اقتصاديا لتحمل الإنجاب المتأخر وحتى لإنجاب اطفال أكثر صحة.

المخاطر التي كانت ترافق الحمل المتأخر في ما مضى باتت اليوم أعراضاً شبه عادية نظرا للمتابعة الطبية الحثيثة

الحفاظ على الخصوبة أمل ممكن
لكن رغم كل ما تقدم لا بد من الإضاءة على بعض العوامل التي تستدعي الحذر بالنسبة للإنجاب المتأخر في محاولة لتداركها و السعي الى إيجاد الحلول لها. في هذا السياق يعتبر د. عبدو واكد الاختصاصي في الجراحة النسائية و التوليد و العقم أن ثمة حلاً مطروحاً اليوم بالنسبة للنساء اللواتي لا يفكرن بالحمل و الإنجاب قبل سن الخامسة و الثلاثين وهو تجميد البويضات قبل الثلاثين وهي آلية آمنة ومكفولة تتيح للمرأة الحفاظ على خصوبتها حتى سن متاخرة نسبياً. والتجميد يتم بطرق متطورة تحفظ كل خصائص البويضة حتى يتم تخصيبها فيما بعد وزرعها في الرحم.
أما الحل الثاني لمشكلة الخصوبة الذي يقترحه الأطباء فهو التقنيات المساعدة للحمل IVF . و يقول د. واكد بعد سن الثلاثين لا ينبغي على المرأة الانتظار لأكثر من ستة اشهر لحدوث الحمل والمبادرة الى استشارة الطبيب بعد هذا الوقت لتقصي وجود مشاكل محتملة لمعالجتها فوراً منعاً لتفاقمها. قد يكون منشأ المشاكل متعدداً مثل ضعف مخزون البويضات الذي يتضاءل مع التقدم في العمر، نوعية البويضات التي تتراجع بدورها ووجود مشاكل معينة في جوف الرحم مثل التليفات او التشوهات او في بطانته. من هنا فإن المعالجة السريعة تساعد في تخطي هذه المشاكل بغية حصول الحمل إما بشكل طبيعي او بواسطة تقنيات الحمل المساعدة وهي خيارفتح الأبواب واسعة أمام المرأة للتغلب على مشاكل الخصوبة المرتبطة بالعمر.لكن هنا أيضاً يجب الإشارة الى أنه كلما تقدم عمر المرأة باتت التقنيات المساعدة للحمل أكثر صعوبة لا سيما بالنسبة الى مخزون البويضات الذي لا تعود الأدوية ذات فائدة كبيرة في تحسينه.

أما الحل الثاني لمشكلة الخصوبة الذي يقترحه الأطباء فهو التقنيات المساعدة للحمل IVF

عوامل تستدعي الحذر
التشوهات التكوينية هي الخوف الأكبر الذي كان يرافق الحمل المتأخر ولا سيما التثلث الصبغي 21. و في الواقع وبحسب د. واكد هذا الخطر موجود في اي حمل لكن نسبته تزداد مع تقدم المرأة في العمر ليصبح1\50 بعد الأربعين . لكن فحص السائل الأميني بات يتيح اكتشاف هذا التشوه في مراحل مبكرة من الحمل و يسمح بالتالي للمرأة اتخاذ الخيار الواعي بشأنه. اما التشوهات الأخرى فيمكن أن تطرأ في اي سن.
من المحاذير الأخرى التي ترافق الحمل المتأخر المشاكل الصحية التي تتعرض لها الحامل مثل تسمم الحمل الذي يزداد خطر حصوله في حال كانت المرأة تعاني مسبقاً من ارتفاع في الضغط أو من السكري. من هنا ضرورة المتابعة الطبية و الصحية للمرأة قبل الحمل لمعالجة هذه المشاكل و التحكم بها حتى لا تكون عائقاً أمام حدوث الحمل أو مسببة لمشاكل خطرة اثنائه.وكذلك الأمر بالنسبة لبعض المشاكل الصحية الأخرى مثل المشاكل القلبية ومشاكل المفاصل وغيرها و التي تستدعي مراقبة طبية حثيثة.
أخيراً خطر الإجهاض هو من المحاذير المرافقة للحمل المتأخر اذ ترتفع نسبته الى 30% فوق الاربعين. لكن هذه الأرقام لا يجب أن تشكل عامل خوف كبير إذ ان الإجهاض يتم تلقائياً في حال وجود بعض التشوهات التكوينية في الجنين كما يمكن تفاديه في كثير من الحالات باعتماد المرأة الراحة و المتابعة الطبية الحثيثة.

ان الإجهاض يتم تلقائياً في حال وجود بعض التشوهات التكوينية في الجنين كما يمكن تفاديه في كثير من الحالات باعتماد المرأة الراحة و المتابعة الطبية الحثيثة

في النهاية يقول د. واكد ان احتمال مصاعب الحمل لا تصيب اكثر من 10% من النساء فيما 90% منهن لا يتأثرن بشكل مباشر لا سيما إن كن في وضع صحي جيد و يمتلك قوة بدنية مقبولة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد