“من حقها” .. تطبيق إلكتروني يساهم في رفع وعي النساء حول حقوقهن
“بصوتٍ أعلى”، اختارت رئيسة المنظمة اللبنانية للدفاع عن المساواة والحقوق “LOUDER” خلود الخطيب، التصدي للتمييز ضد النساء والمطالبة بحقهن في المساواة مع الرجال.
إذ “لا يجب أن يكون هناك فصلاً بين حقوق النساء وحقوق الإنسان، وحين نتكلم عن عالمية حقوق الإنسان فإننا نتكلم عن كل حقوق النساء بشكلٍ أساسي”، بحسب ما أكدت رئيسة المنظمة خلود الخطيب في مقابلة خاصة مع موقع “شريكة ولكن”.
لذلك، بادرت بالتعاون مع مؤسسة “فريدريش ناومان من أجل الحرية” FNF، إلى طرح تطبيق “من حقها MIN HAQQIHA”، الذي يهدف للتصدي للتمييز ضد النساء في لبنان ورفع الوعي لديهن حول حقوقهن، وتمكن من الفوز بجائزة “iValues” في تشرين الأول/أكتوبر 2021.
ما هي جائزة iValues؟
هدفت مبادرة iValues، التي أطلقتها منظمة FNF الألمانية إلى “إعادة التفكير في السياسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. وقامت فكرتها على مشاركة مبتكرين/ات من هذه المناطق ابتكاراتهم/ن التي نفذوها/نها في مجالاتٍ مختلفة. سواء في حقوق الإنسان أو التعليم أو الاقتصاد أو الحماية الاجتماعية، أو غيرها من المجالات. وعلى الرغم من أن التطبيق الحقوقي الهاتفي ما يزال في مراحله الأولى، إلا أن طموح مبتكرته وشغفها وحلمها الكبير في تطوير مشروعها وعبوره نحو الإطار الإقليمي، كانت أسباباً مشجعة لدخول المنافسة.
“الحلم كبير” قالت خلود، التي أضافت أنها “خلقت مولودها الحقوقي الوطني بشغفٍ وأملٍ بواقعٍ حقوقي أفضل للنساء، وتطمح لأن يصبح إقليمياً، وأن يتم تصدير تجارب حقوقية مختلفة من خلاله”.
“أخبرتهم/ن بأن التطبيق ما يزال في حلّته الأولى”، أوضحت خلود، التي كان ابتكارها “واحداً من ضمن 295 مشروعاً أو ابتكاراً موزعة على 5 تصنيفات في مجالاتٍ مختلفة. وتم تحكيمه عبر 100 محكّم/ة”.
وذكرت أنه “خلال حفل الإعلان الذي أُقيم في الأردن أُعلن عن فوز (من حقها) بالجائزة، نتيجة ابتكاره ورؤيته المستقبلية”.
وأعربت خلود عن فخرها بتفوق التطبيق وتجاوزه مراحل تقييم اللجنة، فـ”الحلم ليصبح نهج حياة يجب أن يركز على الشباب والشابات لأنهم/ن الحاضر والمستقبل”. من هنا تشير إلى أنها ستركز في تطوير النسخة الجديدة على تقديمه بحلّةٍ شبابيةٍ تحافظ على روح الإبداع والابتكار، تحديداً في قضايا النساء، بحسب تعبيرها.
كما شددت على أن “استراتيجية (من حقها) ستكون الابتكار في حقوق الإنسان، من خلال استخدام منصات إلكترونية ورقمية وتفاعلية، تؤمّن التفاعل بين الشباب والشابات من جهة، وبين الناجيات/ين والمدربات/ين والناشطات/ين الساعيات/ين نحو ثقافة حقوقية أوسع من ناحيةٍ أخرى”.
كما أنها تسعى لأن يصبح التطبيق مساحة تفاعلية بين صانعات القرار لتصدير تجاربهن إلى غيرهن من النساء للاستفادة منها. ولن يكون توعوياً فحسب، بل عملياً وتفاعلياً يمكّن النساء والفتيات من إيصال أصواتهن. وإذا تعرضت إحداهن لخطرٍ أو عنف فعلي، تستطيع التبليغ عنه من خلال التطبيق. وقالت خلود: “الحلم يبدأ بفكرة، والفكرة تصبح مشروعاً، والمشروع يصبح نهج حياة”.
“من حقها”.. كيف ولدت فكرة التطبيق؟
أُطلق التطبيق في 14 آذار/مارس 2021، خلال فترة الحجر الصحي المترافقة مع انتشار وباء كورونا. ولدى شيوع هذه الأزمة الصحية الطارئة غير المخطط لها على مستوى المنطقة، رأت خلود أن “استجابة الناس داخل العالم الرقمي لم تكن وفق استراتيجية أو خطة واضحة، إنما اقتصرت سلوكياتهم/ن الإلكترونية على ردود أفعال لحظية”.
وأكدت أنه “في حين يتجه العالم نحو الانخراط بالرقمنة والإطار الإلكتروني وجدت أنه كان لا بد من الدخول إلى هذا العالم بطريقةٍ إبداعية، ففكرت باستثماره في المجال الحقوقي من خلال منصاتٍ إلكترونية تعزز التربية على حقوق الإنسان وتصوّبها نحو الابتكار. فبدأنا نفكر كيف يمكننا أن نكون مبدعين/ات ومرقمنين/ات في عالم حقوق الإنسان”.
من خلال هذه الفكرة المبتكرة، اختارت “LOUDER” مواجهة التحديات التي فرضها الوباء الصحي، فقامت بـ”تطوير دليل تدريبي بمحتوى سهل، من خلال تطبيقٍ مجاني متاح للجميع، لا يحتاج الدخول إلى الإنترنت ويمكن استخدامه للتعليم الذاتي عن حقوق الإنسان”.
وتعتبر الخطيب أن “المساواة وحدها قد لا تكفي، لأن القوانين نفسها التي يجب أن تقرّ بالعدالة والمساواة تحمل أوجه تمييزه”. وتساءلت: “لو أزلنا العنف أمام القانون، كيف نلغيه من المجتمع وكيف نبني بيئة مجتمعية تُؤمن بحقوق النساء وتَنظر لهن كشريكات؟”.
ولفتت إلى أن “الفكرة كانت تأسيس منصة تتكلم عن حقوق النساء والفتيات، وترفع وعيهن بحقوقهن الأساسية التي لا تتجزأ عن حقوق الإنسان ربطاً بالالتزامات الدولية، وتكون بمثابة مرجعاً عاماً قانونياً تستطيع كل امرأة أن تتعرّف من خلاله إلى حقوقها، كالحق في الحياة والعمل وتجريم التزويج المبكر وظلم قوانين الحضانة، وغيرها من الحقوق التي يجب أن يتعرف إليها المرء من منطلق المعايير الدولية وليس من المعايير التي يطبقها القضاة والقوانين الأبوية الظالمة للنساء. وكان لا بد أن يستهدف التطبيق النساء والرجال معاً، ليصبحوا/ن شركاء سوياً في مقاربة قضايا النساء”.
قدم “من حقها” أيضاً مقاربة لمفهومي الجندر والجنس، فبحسب الخطيب “لا يجب أن تكون النظرة إلى النساء من خلال الجنس، وهو ليس سوى عامل بيولوجي لا يمكنه أن يحدد لهن حقوقهن وأدوارهن التقليدية في المجتمع، التي نمّطتها الأعراف. ونحن بكل بساطة أردنا أن نصوّب هذه الأفكار ونقول إن حقوق الإنسان هي نفسها حقوق النساء، ولا علاقة للفروقات البيولوجية بالحقوق والأدوار”.
تفاعل كبير وأمل أكبر
لطالما وجدت الحقوقية المندفعة من أجل “كرامة الإنسان والمساواة في الحقوق، أنه هناك مساحة غائبة لتعريف الناس بحقوقهم/ن الأساسية”.
وهي تمكنت من اختراق هذا الغياب من خلال حملةٍ إلكترونيةٍ تدريبية على مضمون التطبيق، استهدفت الشباب والشابات من مختلف الفئات والمناطق اللبنانية، ليصبحن/وا حاملات/ين أساسيات/ين للواء هذا الحق، ويساهمن/وا بالتالي في عملية نشره في المناطق المختلفة.
وعبّرت أيضاً عن “فرحها بالتفاعل الحيوي القوي والواسع الانتشار محلياً، فكل شخص منّا متعطش لمعرفة المساحة الخاصة به، وهذا ما أكده شغف المتفاعلات/ين اللاتي/الذين لم يكتفين/وا بأخذ المعلومة، بل شاركن/وا في إعطائها”.
وفي هذا السياق، قدمت خلود شهادةً لشابةٍ شاركت في تدريبٍ على التطبيق بعد تعرضها لابتزازٍ في عملها، فأصبحت تعرف كيف تقدّر حريتها وتدافع عنها، واستطاعت أن تتصدى لحالات التمييز التي تعرضت لها في العمل”. وأضافت خلود: “حين تعرف النساء والفتيات الأمور التي (من حقها) ستعرف كيف تدافع عنها”.
وشددت على فكرة أنه “لا يمكن أن تستمر النساء بالاعتقاد بأن العنف قدر حتمي لهن، وأن لا يعلمن بأن هذه الممارسات هي تمييز ضدهن وعنف بحقهن، وإن حمتها القوانين”.
بهذه الفكرة الإنسانية والحقوقية معاً، انطلقت خلود في ابتكارها الذي تكلّل بانتصار الفكرة التي تحولت إلى مشروع، وتأمل بأن يصبح نهج حياة، وأن يلتحق الإطار التعليمي الذي نتلقى منه مفاهيمنا في المدارس والجامعات بركب الابتكار والتجديد، ليتمكن من إدراك رفع الوعي في المجالات الإنسانية المختلفة.
تطبيق من “من حقها” متاح بشكلٍ مجاني لجميع النساء والفتيات اللبنانيات والمقيمات للتعرف إلى حقوقهن القانونية وتطوير وعيهن في هذا المجال. ويمكنكم/ن الاستفادة من خدماته من خلال الروابط الآتية:
متجر آبل
متجر غوغل
صفحة LOUDER على فيسبوك
صفحة LOUDER على إنستغرام
كتابة: مريم ياغي