“كرم ابن نادين وروحه معلقة بها”.. المحكمة الجعفرية تقتل نادين جوني مجدداً!
"يحدثوننا عن صلة الرحم والشيخ جعفر كوثراني قطع صلة الرحم"
لم ترتح نادين جوني بعد. يزيد تسلّط المحاكم الجعفرية وتطاولها على أمومة الناشطة النسوية اللبنانية يوماً بعد يوم.
حتى بعد وفاتها، لاحقها ظلم القوانين الذكورية، والقيّمون على تنفيذها. فنادين، التي طبعت في ذهن كل من يعرفها صورة الأم المقاتلة والمرأة الشرسة في سبيل استعادة حضانة ابنها الوحيد كرم، بعد أن حرمتها منه المحاكم الجعفرية عند بلوغه العامين، فرحلت وفي قلبها غصة وحرقة احتضان كرم.
نادين جوني، أو أم كرم، كما أحبّت أن تُنادى، قُتلت اليوم مجدداً بفعل أحكام مستبدة وفارغة من كل مفردات الإنسانية.
وقُتل معها حق كرم بوصلِ عائلتها، ما تبقى له من رائحتها بعد رحيلها. فبعد ما يزيد عن سنتين على وفاتها، أصدرت المحكمة الجعفرية في بيروت حكماً بحرمان عائلة نادين (جد كرم وخاله وخالاته) من رؤية الطفل والمبيت في منزل الجد. والذريعة “الطفل لا يريدهن/م”!
ها هي القوانين الذكورية تعين الوالد المتجبّر، وعائلته التي تقدّمت برفع دعوى لإلغاء قرار الرؤية والمبيت، على التمادي بحقّ نادين، من دون أدنى رحمة لعائلتها المفجوعة برحيلها. بعد أن أعانت الوالد على حرمانها من حقّها الإنساني والبديهي باحتضانه قبل وفاتها.
مماطلة وضغط وتضليل
وفي التفاصيل، نشرت شقيقة نادين، ندى جوني، على فيسبوك، تفاصيل الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الجعفرية في بعبدا/ لبنان. وتضمن الحكم “الرجوع عن القرار المتعلق بحق الرؤية مع المبيت 24 ساعة الصادر عام 2020″.
ففي الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أصدر القاضي في المحكمة الجعفرية علي حيدر قراراً يقضي بحق والد نادين برؤية حفيده، والذكرى المتبقية له من ابنته المظلومة، برؤيته والمبيت في منزله.
إلا أن والد كرم وذويه قرروا استئناف الحكم. إذ كشفت ندى عن قيامهم بـ”الضغط على القاضي وتضليل العدالة والبلطجة وانتهاك جميع الحرمات”. ولفتت إلى أن “القاضي علي حيدر قرر التنحي بنتيجة الضغط الذي تعرض له، وتم تعيين القاضي جعفر كوثراني مكانه”.
وبعد تحويل القضية إلى المحكمة العليا المعنية بالاستئناف، طلب رئيس المحكمة العليا القاضي محمد كنعان إثبات الادعاءات المقدمة ضد عائلة نادين، بتاريخ 4 أيلول/ سبتمبر 2021، بحسب ندى.
في هذا السياق، أكدت أن “والد الطفل وعائلته لم يقدموا أي دليل، إنما عملوا فقط على تضليل العدالة من جديد من دون إثباتات”. الأمر الذي دفع القاضي كنعان إلى رفض الاستئناف لعدم توفر الأدلة، وعادت الدعوى إلى المحكمة الابتدائية.
لم تنته القصة عند هذا الحد. فبتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 “قرر القاضي الشيخ جعفر كوثراني أخذ المبادرة بنفسه وأوقف تنفيذ الحكم الأول الصادر بحق الرؤيا والمبيت”، كما أكدت ندى.
وعلى الرغم من وفاة نادين، الطرف المخّول إجراء تخيير الطفل بشأنه إلى جانب والده، “قامت المحكمة الجعفرية بتخيير كرم حول رغبته برؤية جده لوالدته والمبيت في منزله”.
لن تضللوا الحقيقة الثابتة: “كرم ابن نادين وروحه معلقة بأمه”
بحرقةٍ وغصةٍ كبيرين، أكدت ندى أن “تخيير كرم أتى من دون وجود طبيب مختص بالحالات الاجتماعية والنفسية”. ولفتت إلى أن العائلة التي حرمت نادين من احتضان ابنها أثناء حياتها، قررت بعد وفاتها أن “ابنها ليس بحاجة لمتابعة طبيب نفسي مختص”.
وتابعت: “من البديهي أن يكون طفل بهذا السن مكسوراً بسبب وفاة أمه”. وأضافت: “مهما حاولتم تضليل العدالة هناك حقيقة واحدة أن كرم ابن نادين وروح كرم معلقة بأمه، ومعلقة بنا نحن العائلة”.
وأوضحت أن القاضي لم يهتم للإثباتات التي تظهر تعلق كرم بذوي والدته، “بل فقط استمع للطفل الذي حضر إلى المحكمة وتلا ما تمّ تلقينه إياه من افتراءات”. وأضافت: “نحن ندرك معاناة الطفل والضغوط والممارسات التي تعرض لها، إلا أن القاضي لم يكترث لمصلحة الطفل، بل اكترث فقط للنفوذ”.
وختمت: “يحدثوننا عن صلة الرحم والشيخ جعفر كوثراني قطع صلة الرحم”.
فبتاريخ 4 نيسان/ أبريل 2022، أصدر قراراً يفيد بأن “الطفل لا يريد عائلة والدته ولا يريد الذهاب إليهن/م”! قرارٌ يعكس تواطؤ المحاكم الجعفرية ضد الأمهات ومواصلة ظلمها لهنّ حتى بعد الموت.
موت حق نادين ليس قضاء وقدر .. بل قضاء جعفري وقدرة أبوية!
إلى متى تستمر المحاكم الجعفرية بتسليط سيوف التسلط والعنجهية الذكورية فوق رقاب الأمهات؟
وإلى متى يستمر ظلم القضاة الجعفريين وتغاضيهم عن معاناة الأطفال والطفلات وعن تحقيق المصلحة الفضلى لهن/م المراد تحقيقها من حق الحضانة؟
أوقفوا قافلة حرمان الأمهات من أطفالهن، والأطفال والطفلات من أمهاتهن/م تحت أحكام ذكورية أبوية مجحفة وتمييزية!
إلى متى الدوس على قدسية الطفولة وبراء الأطفال والطفلات وعجزهم/ن من دون أدنى ضمير؟
الإجابة لدى قضاة المحكمة الجعفرية المشاركين في تطبيق هذه الأحكام الجائرة. قضاةٌ يثبتون يوماً تلو الآخر بأن أحكامهم ليست لتنفيذ الشرع، إنما للقضاء عليه.
وكما قالت ندى:
“موت نادين برقبة الجبابرة”، وأنتم جبابرة. فإن كان الموت الذي حرم نادين من الحياة قضاء وقدر، فالموت الذي حرمها من روحها وفلذة كبدها مراراً دون أدنى رحمة هو “قضاء جعفري” وقدرة أبوية”.