في ذكرى الحرب الأهلية الـ47.. “يعملون على كمِّ الأفواه وتخديرِ ذاكراتنا”

تمر ذكرى الحرب الأهلية الـ47 بينما النظام بأركانه المزعزعة مستمر في نهج كمّ الأفواه وتخديرِ ذاكراتنا. ذاكرة المخطوفين/ات والمفقودين/ات التي تحملها “لجنة أهالي المخطوفين/ات والمفقودين/ات في لبنان” على أكتافها بكل إصرار وتحدٍ لتقصير السلطات التي أوقفت الأعمال الحربية، لكنها لم تُوقف ممارساتها العنيفة واللامبالية.

هذه اللجنة التي ترأستها وداد حلواني وشاركتها في النضال كثير من النساء والمتطوعات والطالبات، رفضن الاستسلام والنسيان، وأبين التطبيع مع نظامنا القاتل والأبوي الذي لا يخاطبنا إلا بمنطق الاستكبار والاستعلاء.
هؤلاء النساء انطلقن من ذواتهن لمخاطبة الأمهات المنتظرات عودة بناتهن وأبنائهن، إلى الخالات والعمات والجدات المتأملات بدفء اللقاءات المستحيلة.
لن تمل هؤلاء النساء من رفع الأصوات لمطالبة الدولة اللبنانية بمعرفة مصير ذويهن/م، بل رفعن، في ذكرى الحرب الأهلية الـ47 ومرور 32 سنة على توقف الأعمال الحربية في لبنان، في بيت بيروت في السوديكو، جداريةً تحمل أسماء المفقودين/ات بعمل فني مميز وفريد، أبدعته أيادي وأنامل وقلوب محبة مشتاقة، مدموغة بتوقيع أهالي المفقودين/ات.

إذ أحيت “لجنة أهالي المخطوفين/ات والمفقودين/ات في لبنان الذكرى الـ47 للحرب الاهلية، بلقاء في “بيت بيروت” في السوديكو. حضرته رئيسة اللجنة وداد حلواني، والمنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، ورئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان سيمون كازابيانكا إيشليمان، والنائب غسان مخيبر، ونائب رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين/ات والمخفيين/ات قسراً الدكتور زياد عاشور، وممثلو/ات البعثات والهيئات الدولية والمحلية وحشد من عائلات المفقودين/ات والأهالي.

وتخلل اللقاء عرض جدارية من قماش، حملت اسم كل مفقود/ة على مربع من قماش، تخليداً لذكرى كل منهن/م في ذاكرة اللبنانيين.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان

وقالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر سيمون كازابيانكا إيشليمان: “تود اللجنة انتهاز هذه الفرصة لتوجيه الشكر إلى الجهات الفاعلة في المجتمع المدني خصوصاً لجنة أهالي المخطوفين/ات والمفقودين/ات في لبنان والهيئة الوطنية على عملها الدؤوب لضمان أن تحصل هذه القضية على الاهتمام اللازم”.

وعبّرت عن تقدير اللجنة لأهالي المفقودين/ات على الجهود التي يبذلونها لإبقاء أصوات أحبائهن/م الغائبين/ات مسموعة، وعلى سماحهن/م للجنة الدولية بمرافقتهن/م خلال بحثهن/م عن الإجابات”.

نائب رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين/ات والمخفيين/ات

من جهته، أشاد نائب رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين/ات بنضال أهالي المخطوفين/ات لمعرفة مصير أبنائهم/ن التي أثمرت إقرار قانون المخفيين/ات قسراً والمفقودين/ات.

وقال: “لا يغيب عن وجداننا في الهيئة أن القانون 105/201 ولد من رحم إصرار وعزيمة أهالي المفقودين/ات والمخفيين/ات في لبنان ومنظمات المجتمع المدني المهتمة في هذا المجال، وبعد نضال طويل خاضوه/خضنه”. وأضاف” “راكمتن/م خلاله النجاحات كما الإخفاقات، وكنتن/م تؤكدن/ون في كل لحظة أنه، بالرغم من تنازل السلطة بعد الحرب عن الحق العام، لا يمكن الاستمرار في إغفال الحقوق الشخصية والإنسانية، ولا يعقل الإمعان في إلغاء الروابط العائلية وتهميش المشاعر الإنسانية”.

وأوضح أن “القانون 105/2018 كفل إطاراً متيناً من الاستقلالية على المستويات كافة لا سيما المالي والإداري، فجعل ارتباطها بالسلطة التنفيذية إدارياً محدوداً جداً. بالإضافة إلى ذلك، نشير إلى طبيعة الهيئة الدائمة المرتبط بإنجاز أهدافها والقيام بمهامها وممارسة صلاحياتها بحسب القانون الذي وضعه المشرع”.

يعملون على كمِّ الأفواه، وتخديرِ ذاكراتِنا

بدورها، أشارت رئيسة لجنة أهالي المخطوفين/ات والمفقودين/ات وداد حلواني في بيانها إلى “تقاعس المعنيين في التعامل مع ملف المفقودين/ات بجدية”.

ورأت أن “ما نعيشه اليوم من حرب مقنعة قاسية هو نتاج سياسة إدارة الظهر لكل ما سببته الحرب السابقة المستمرة”.

وتساءلت عما إذا كان “يجوز أن ننسى أن أولي الأمر عملوا وما زالوا يعملون على انتهاج سياسة طمس الماضي، وكم الأفواه، وتخدير ذاكراتنا وكأن الحرب لم تقع، وكأن كل الضحايا الذين واللواتي سقطوا/ن ويسقطن/ون ليسوا/ن ضحايا بل شبهن/وا بهن/م”.

كما اعتبرت أن “القانون الذي أتى نتاج نضال اللجنة لسنوات عديدة لا يزال صورياً”. وقالت: “تأتي الذكرى ونحن، أهالي مفقودي/ات تلك الحرب، ما نزال نبحث عن أحبائنا. قانون المفقودين/ات والمخفيينأت قسراً 105/2018، محصلة نضال 36 عاماً، وقد دخل عامه الرابع، لكننا ما زلنا مكانك راوح”.

وأضافت: “تأتي هذه الذكرى والهيئة الوطنية المستقلة التي شكلت، بموجب هذا القانون، للأسف، ما تزال محدودة الفعالية رغم اجتهاد أعضائها/عضواتها على مأسستها وتنظيم بيتها الداخلي. والسبب يعود إلى التقاعس الرسمي وعدم التعاطي تجاهها وفقاً لما نص عليه قانون تشكيلها”.

وأكدت تمسك الأهالي بهذه الهيئة لأنها “خشبة خلاص لنا جميعاً. فخلاص هؤلاء الأهالي من المعاناة الطويلة التي سببتها الحرب يشكل الممر الإلزامي للدخول إلى ورشة بناء السلم الحقيقي، الذي هو مطلب وحاجة للشعب اللبناني كله”.

وأشارت إلى أن “المطلوب اليوم، وكل يوم، حشد كل الطاقات حتى لا يبقى القانون حبراً على الورق. بالصوت العالي نقول إن لا شيء أهم اليوم من الالتفاف حول الهيئة الوطنية، ومن التمسك بها وحمايتها ودعمها. والضغط على كافة المراجع الرسمية والنقابية المعنية لتعبيد الطريق أمام الهيئة لتستطيع مباشرة مهمتها من دون عراقيل. وهذه المراجع هي وزير العدل ووزير المالية ومجلس الوزراء برئيسه ووزرائه، ونقابات المحامين/ات والأطباء/الطبيبات في بيروت وطرابلس”.

كما استغربت حلواني، كيف لبعض المسؤولين أن يعتبروا قضية المخطوفين/ات غير مهمة في الوقت الحالي. وقالت إن “سقوط هؤلاء الضحايا في تفجير 4 آب 2020، والذين ما زالوا/ن يتساقطن/ون، ونأمل أن تكون جوليا عودة وريتا حرديني آخرهن/م، يؤكد قناعتنا أن الحرب لم تنته، ويجعلنا نستغرب بعض الأصوات الاعتراضية على إصرارنا ومطالبتنا بحقنا بمعرفة مصير أحبتنا”.

وأضافت: “أصوات مستهجنة تتساءل هلأ وقتكن تطالبوا بالمفقودين/ات، مش شايفين إنه رح نفقد البلد. ها هي الذكرى الـ47 للحرب، تنذكر تما تنعاد، هيك نحنا منقول، لكن للأسف بعدها عم تنعاد. البلد في حالة من الانهيار الحاد على كافة الصعد: المعيشية، المالية، الأمنية، الإدارية، السياسية، القضائية، التربوية، الصحية والبيئية، بلد مقطع الأوصال، مقطوع الأنفاس، بلد معطل عن أن يكون بلداً”.

وختمت: “نحن نقول إننا لم نعد مخيرين، إما التبصر وتحكيم العقول وشحذ القوى وتوحيد الصفوف في وجه الحرب المفروضة، وإلا نكون كمن ارتضى، عن سابق تصور وتصميم، السير نحو الشرك المنصوب لنا والذي سيؤدي إلى مقتلة جماعية لا أحد يملك توقيت حصولها. نحن لا نسجل هنا براءة اختراع عندما نقول إنه لا خلاص من الماضي، مهما كان أسود وبشعاً، ما لم يتم التعامل معه، مواجهته، معالجة نتائجه للتصالح معه والعبور نحو السلم الحقيقي”.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد