لا لاحتلال رجال الدين مساحات النساء!
تحت عنوان لا لاحتلال مساحات النساء أصدرت المجموعة المنظمة للوقفة التضامنية مع الثائرات الإيرانيات بياناً شرحت فيه ما حصل خلال الوقفة يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر.
وأوضح البيان عبر شرح نسوي ما حصل من طردٍ رجل دين، وتعنيف بعض المتضامنات المشاركات، من قبل بعض المصورين.
وجاء البيان رداً على بعض وسائل الإعلام، التي ركزت على حادثة طرد رجل الدين، ونسيت الهدف الأساسي من الوقفة.
وهو التضامن مع النساء في إيران، وما يتعرّضن له، من قمع وقتل على يد النظام القمعي الإيراني.
بينما لم يحضر الشيخ عباس يزبك، الذي تحوّل إلى مادة إعلامية، في الساعة المخصصة للوقفة عند الساعة الخامسة بعد الظهر.
على العكس، فضّل أن يتأخر حتى انتهاء البيان والهتافات والشعارات، واجتماع وسائل الإعلام والمصورين، الذين لاقوا فيه مادة تصويرية وإعلامية جذابة.
ليحاول بهذه السلوك التسلق على الوقفة وعلى مساحات النساء، بحجة أنه معارض للنظام الإيراني وحلفائه في لبنان.
ماذا حصل يوم الأحد ؟
دعى تجمع نسويات إيرانيات إلى يوم تضامني نسوي مع نساء إيران، في ثورتهن ضد النظام، إلى وقفة تضامنية في بيروت.
جرت هذه الوقفة تزامناً مع تحرّكات النساء حول العالم، تنديداً بممارسات النظام الإيراني تجاه النساء، والمطالبة برفع الوصاية عن أجسادهن وحيواتهن.
وهي انتفاضة اشعلها مقتل مهسا أميني تحت التعذيب بعد اعتقالها على يد “شرطة الأخلاق”.
وحمل/ت المشاركات/ون شعارات متنوعة، منها
“لست مرشدي، أنا البوصلة”
“نساء إيران.. أجسادهن لهن، قرارهن لهن، اختيارهن لهن”
“لا إكراه في الدين فأي إله تعبدون”؟
كما رفعن يافطة كبيرة تحمل شعاراً إيرانياً: “زن زندكي آزادي”، الذي يعني “نساء، حياة، حرية”.
وردّدت الناشطات النشيد النسوي الإيراني، ثم أُلقي بيان جاء فيه أن شوارع إيران باتت اليوم مسرحاً لنضالات النساء.
وأن خروجهن إلى الشارع هو رفض واضح للمنظومة الأبوية والقامعة، التي تتحكم في حياة النساء، وتستعمل أجسادهن لفرض هيمنتها وسلطتها.
بعد ذلك، ظهر الشيخ يزبك فجأة متسلحاً بمعارضته للنظام الإيراني، للمشاركة في الوقفة، وإبداء التضامن.
لكن حضوره لم يكن مرحباً به، كونه يمثل رمزاً من الرموز المساهمة في إخضاع النساء وغيرها من الفئات، لفتاوى الشرع والدين المفصل على قياسات المراجع.
وعلى الرغم من رفض غالبية الحاضرات وجوده، لم ينزل الشيخ عند طلبهن بالرحيل.
بل أصر أن يدلي بتصريحاته إلى وسائل الإعلام، التي تهافتت عليه، ضاربةً بعرض الحائط أياً من اعتبارات الحاضرات ورأيهن.
كيف تعامل الإعلام مع يزبك؟
وحين أصرّ على بقائه، تعالت أصوات الناشطات بهتاف الراحلة “نادين جوني”، الذي كتبته ولطالما رددته خلال الاحتجاجات المطلبية أمام المحكمة الشرعية الجعفرية.
المحكمة التي كانت مسؤولة ولا زالت عن حرمانها من حضانة طفلها “كرم”، كأمهات لبنانيات كثيرات، وهو:
“الفساد الفساد جوا جوا العمامات”
وطلبن منه الرحيل، وتحدين وجوده وواجهنه بالطرد.
كان حضور هذا الشيخ مستفزاً، إذ كان بارداً ومستهزئاً بالناشطات اللواتي أبدين غضباً من مشاركته.
بينما حاول بعضهن الوقوف أمام الكاميرات التي كانت تعطيه ضوءاً وصوتاً وحضوراً لمنعهم من تصويره.
فما كان من أحد المصورين إلا أن قال لإحدى المتظاهرات: “بكسرلك إيدك إذا بتمدي إيدك عالكاميرا”.
فطرد رجل الدين لم يعجب بعض المصورين ووسائل الإعلام، التي نقل بعضها وجهة نظر واحدة، هي الشيخ فقط.
وحوّلت مضمون الحدث إلى رجل الدين كالعادة، وساهمت أيضا كالعادة في تشويه هدف الوقفة التضامنية.
البيان الذي صدر لم يكن هدفه التبرير أبداً، بل رواية ما حصل، وشرحه من وجهة نظر نسوية، قد يكون عصيٌ على الأبويين/ات ووسائل الإعلام السلطوية فهمها.
وجاء في البيان: “تظاھرنا في بیروت بشعارات داعمة للنساء في إیران، ضد القمع والقھر والقتل والترھیب الحاصل، وضد نظام الملالي وسیاساته وسلطته”.
وأضاف: “لكن بعض الإعلام اختار وبتأنٍ ووعي، ألا یرى، بین عشرات النساء المجتمعات أمام المتحف، سوى رجل بذقن وعمامة وامتیازات، ُیطرد من التظاھرة. كما تم التعدي على بعض المشاركات من قبل رجال صحافیین ومصورین”.
وأشار إلى أن رجل دین، معارض للنظام في إیران، أصرّ على الانضمام للوقفة. وبعد رفض كثيرات لوجوده، وبشكلٍ مباشر وواضح، رفض أن یغادر.
كما رفض دعوة إحدى المشاركات بحمل إحدى الیافطات، التي تتبنى شعاراً من شعارات الوقفة. “لكنه فضّل أن یسكتنا لیستطیع التحدث ھو للإعلام. وھو أمر تتمیز به المقاربة الأبویة، فیفرض الرجل ما یرید حتى لو رفضته المعنیات بالموضوع”، وفق البيان.
لماذا طرد رجل الدين من الوقفة التضامنية؟
وفسر البيان ماذا يعني طرد رجل الدين من هذا المكان بالتحديد.
فأوضح أن “موقفنا منه نابع من كونه رجل دین، أي جزء من المؤسسة الدینیة القامعة، التي تمثل سلطة تتحكم بحیوات النساء في لبنان والمنطقة”.
وأشار إلى أنه “في لبنان، ما زلنا نعاني یومیاً من قمع المؤسسات الدینیة، وبالتالي فإن تضامننا مع نساء إیران ھو للتشدید على ربط النضالات ببعضھا البعض، وعلى تشابه السیاقات التي تحتل فیھا المؤسسة الدینیة دوراً أساسیاً في إنتاج القمع والتطبیع معه”.
وأكدت المنظمات أنه، “كرجل دین، لا یمكن أن یعاني من نقص في المنابر للتعبیر عن نفسه وأفكاره ومواقفه، فلیته یعبر ھناك، بدلاً من التعدي على مساحات غیره”.
تعدي عدد من المصورين على المنظمات
واعتبر البيان أن “ما حصل من ردود فعل من قبل الإعلام ما هو إلا إعادة إنتاج للممارسات الأبوية”. وأكد أنه “تم التعدي على بعض النساء اللواتي كن یحاولن تنظیم الوقفة، من قِبل عدد من المصورین، حين وقفن بین الكامیرات والشیخ، من دون لمسھا. فتم دفعھن وتھدیدھن بالضرب، ما وثقته عدة فیدیوھات”.
وأضاف أنه “عندما تمت مواجھة الأشخاص الذین قاموا بذلك، أنكروا الأمر أو دافعوا عن تصرفھم، وتضامن معھم عدة صحافيين\مصورين، معتبرین ذلك “افتراءً” علیھم. وكأن ھؤلاء الرجال الصحافیین والمصورین غیر مدركین لفكرة أنھم یغطون تحركاً نسویاً، وغیر واعین لمعناه ولا للأفكار التي نحملھا”.
لن نعتذر عن مواقفنا ولا عن دفاعنا عن مساحاتنا
في الختام، أعرب البيان عن تضامنه المتجدد مع نضالات النساء أمام أوجه القمع، ورفض المنظومة الأبویة.
ودعى من يريد الانضمام إلى المساحات النسوية، أن يمتثل لحاجات النساء وآرائهن.
فبحسب البيان: “نحن نرید خلق مساحاتنا، وعلى من یرید أن ینضم إلیھا أن یحترمھا، وأن یمتثل لحاجات النساء اللواتي ینتجنھا بكل دیمقراطیة. وألا یضع نفسه متكلّماً باسم النساء، ولا یعتبر نفسه قائداً لھن، ولا أن یحتل مساحاتھن، أو یحاول إسكاتھن وتھدیدھن”.
وأكد “أن للنساء المشاركات كل الحق بالتصّدي لأي رجل دین أو ممّثل سلطة یرفض أن یغادر حین نعبر عن رفضنا له. ولھن كل الحق بعدم الترحیب بأي صحافي یستخدم العنف اللفظي أو الجسدي مع واحدة منھن. وإننا لن نعتذر عن مواقفنا ولا عن دفاعنا عن مساحاتنا ومبادئنا وأماننا”.