68% من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي
كشفت دراسة جديدة أنّ 68% من العاملات المنزليات تعرّضن على الأقل مرةً واحدة للتحرّش والعنف الجنسي، وفقط 25% منهنّ تمكن من الإفصاح لأحد عمّا عانينه.
جاءت الدراسة تحت عنوان “الأبعاد الجندرية للعنف الجنسي ضد عاملات المنازل المهاجرات في لبنان ما بعد الأزمة”.
ونشرتها مجموعة “Egna Legna Besidet”، التي تقدّم الدعم للعاملات المنزليات والمهاجرات. وهي بالتعاون مع معهد دراسات الهجرة في الجامعة اللبنانية الأميركية.
وكانت بإدارة د. جاسمين ليليان دياب، وركّزت على موضوع التحرش الجنسي بالعاملات، التي كشفت هذه الأرقام الصادمة.
انتهاكات بحق العاملات
شملت الدراسة مسحاً لعيّنة من 913 عاملة، اتضح منها أن 70% من المتحرّشين هم أصحاب العمل الرجال.
و40% أصدقاء أصحاب العمل، و25% إلى 30% صاحبات العمل النساء، و65% سائقي تاكسي، و15% عناصر أمنية.
وأكدت نسبة كبيرة من الناجيات من هذه الاعتداءات، تعرّضهن لأنواع أخرى من التعنيف.
كان منها الحرمان من الأجر، والمنع من التنقّل، ومنع إجراء الاتصالات الهاتفية، وإجبارهنّ على القيام بمهام خارج ما ينصّ عليه عقد العمل.
ويُعتقد أن هناك أرقام أعلى من التي ظهرت في المسح، إذ تمتنع عدة نساء عن المشاركة بسبب الخوف من وصمة “العار”.
أرقامٌ صادمة تكشفها العاملات المنزليات
الصادم في الأرقام هي النسبة التي لم تتخطَ 25% من مجمل المتعرّضات للتحرّش أو العنف الجنسي في العيّنة، اللواتي تكلّمن مع أحد عن الأمر.
وذلك نتيجة ضيق سبل اللجوء للحماية لدى عاملات المنازل.
كما كشفت الدراسة أن 85% من الناجيات لا يردن أن تتم إحالتهنّ إلى أي متخصص/ة بالصحة النفسية لمساعدتهن على تخطي الصدمة.
وشرحت أن العاملات يخشين الإفصاح عن شهاداتهن، خوفاً من النتائج. بينما أبلغت أخريات أن “المتخصصين/ات اللبنانيين/ات ينحازون للمعتدين اللبنانيين”.
أما العاملات اللواتي خسرن أوراق إقامتهنّ، ويعشن بصورة غير نظامية، ففضلن عدم “جذب الانتباه” كونهن يتنقلن بشكلٍ يومي وكأنهن مراقبات.
وأفادت الدراسة أن 75% من الناجيات أشرن إلى أنهن عملن في “بيئة مرهقة”، خصوصاً في مكان حصول حادثة التحرش أو العنف الجنسي.
بينما أوضحت أن أبرز الآثار الجسدية التي أبلغن عنها كانت الإرهاق الشديد (75%) تليه الجروح (55%).
كما أكدت أن 65% منهن اعتبرن أن محاسبة المعتدي هي أولوية. وفقط 15 إلى 20% قِلن إنهن يحاولن تخطي الحادثة لوحدهن وبطرقهن الخاصة.
مثل عدم فتح الرسائل التي يتلقونها من المعتدي، إشغال أنفسهن بالعمل، وممارسة رياضة التأمل والصلاة.
شهادات وقصص عن التحرش عايشتها العاملات
أطلقت مجموعة Egna Legna حملة إعلامية من 11 يوماً، بدأت في 12 تشرين الأول/أكتوبر واستمرت حتى 22 تشرين الأول/أكتوبر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان عنوان الحملة “مصدومات لمدى الحياة” باستخدام هاشتاغ #IncludeusinLaw205 و#Allnotjustsomewomen.
دعت الحملة إلى رفع الصوت حول الانتهاكات التي يتعرّضن لها، وإلى الحكومة اللبنانية لتعديل قانون التحرش 205.
فهذا القانون يحتوي على ثغرات متعددة، منها استثناء حقوق العاملات المهاجرات أو المنزليات في بنوده.
وتضمنت الحملة مجموعة من الشهادات المصورة عبر الفيديو، وعبر رسومات تشكيلية وفنية، ورفع يافطات مكتوب عليها شهادات مختصرة.
إضافة إلى نشر الدراسة التي جرى الإعلان عن نتائجها خلال ورشتي عمل، يومي 14 و15 تشرين الأول/أكتوبر 2022، في الجامعة اللبنانية الأميركية.
وروت إحدى الشهادات أنه “كان الجميع في المنزل الجديد طيبين، لكن الزوج كان يضايقني. لم أستطع إخبار الزوجة لأنها تحبه. لم أكن أرغب في تفريقهما عن بعض”.
وأضافت: “لكن المضايقات كانت تحدث بشكلٍ متكرر. ولدي صديقات يعملن لدى الجيران هناك، وعندما أخبرتهن أنه يتحرش بي، قلن لي إنه يتحرش بهن أيضاً”.
بينما جاء في شهادة أخرى: “كان صاحب العمل يضايقني بشكلٍ دائم. فبينما كنت أعمل كان يجلس في المكان نفسه، ويكشف عن أعضائه التناسلية، ويمارس العادة السرية أمامي”.
ماذا عن القوانين والتوصيات؟
في كانون الأول 2020 أقرّ البرلمان اللبناني القانون رقم 205، لتجريم التحرّش الجنسي، وتأهيل ضحاياه.
وهو قانون، رأت الدراسة أنه كان يفترض أن يخصّص حيزاً لعاملات المنازل، نظراً إلى كونهن مغيّبات عن قانون العمل، ومقيّدات بنظام الكفالة، ومظلومات أمام المحاكم.
واعتبرت أيضاً أن “عدم تخصيص هذه الفئة في نصّ القانون يعتبر بمثابة استثناء لهن منه”.
وأوصت الدراسة بمجموعة إصلاحات، تسعى إلى رفعها في المستقبل القريب إلى البرلمان اللبناني، وخلق شبكة ضغط هدفها إجراء بعض التعديلات القانونية والإصلاحات الأخرى.
ومن هذه التوصيات، سنّ مشروع قانون عاجل ليحل محل نظام الكفالة. وتعديل المادة 7 من قانون العمل اللبناني، ليشمل عاملات المنازل.
كما دعت إلى استكمال هذه الإصلاحات بما يتماشى مع اتفاقية منظمة العمل الدولية، بشأن العمال/العاملات المنزليين/ات (2013) وأهداف التنمية المستدامة.
وطالت بضمان ملاءمة القوانين اللبنانية مع المعايير الدولية من خلال تعديل القانون رقم 293/2014، المتعلّق بالعنف الأسري.
لا سيما من خلال تشديد العقوبة لجميع هذه الجرائم، وتجريم جميع أشكال العنف الجنسي.
أمّا لجهة مكاتب الاستقدام، فأوصت الدراسة بوضع مدونة سلوك خاصّة بها ونقابتها، عبر تفعيل مرسوم عام 2009، بشأن مراقبة وتنظيم مكاتب الاستقدام الخاصة.
ويُضاف إلى ذلك، توصية بتنظيم المتطلبات اللازمة لإصدار تراخيص هذه المكاتب، وإنشاء آلية تفتيش ومساءلة صارمة.
وإنشاء ملاجئ تقدم خدمات أولية ومجانية أيضاً، بما في ذلك المساعدة القانونية والمشورة، وخدمات الرعاية الصحية، والدعم النفسي والاجتماعي للضحايا/الناجيات.
وضمان أن تكون الأطر القانونية اللبنانية فعّالة ومتّسقة، لضمان إمكانية تقديم قضايا العنف القائم على نوع الجنس إلى المحاكمة بفعالية واتساق.