تراجع وتيرة الإصلاحات القانونية نحو المساواة بين النساء والرجال لأدنى مستوى منذ 20 عاماً
كشف تقرير جديد للبنك الدولي عن تراجع وتيرة الإصلاحات القانونية، الرامية إلى المساواة بين النساء والرجال عالمياً إلى أدنى مستوياتها منذ 20 عاماً.
واعتبر تقرير “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2023″، أن هذا الواقع يشكل عقبةً محتملةً أمام النمو الاقتصادي في وقتٍ حرجٍ بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي.
تراجع وتيرة الإصلاح نحو حقوق متساوية
رصد 34 من أصل 1583 إصلاح فقط
لفت التقرير إلى “تسجيل عام 2022 أقل عدد من الإصلاحات القانونية، التي ترتبط بالمساواة بين الجنسين منذ عام 2001، فلم يُسجّل سوى 34 إصلاحاً في 18 بلداً حول العالم”.
ركزت معظمها على “زيادة الإجازات مدفوعة الأجر للأمهات والآباء، وإزالة القيود المفروضة على عمل النساء، وفرض المساواة في الأجور بين الجنسين”.
واعتبر التقرير أن “الأمر يتطلب إجراء 1549 إصلاحاً إضافياً، لتحقيق المساواة القانونية الجوهرية”، في كل مجال من المجالات التي يقيسها.
بطء الإصلاحات يؤخّر تحقيق تكافؤ الفرص الاقتصادية
نبّه البنك الدولي إلى أن “بلوغ هذا الهدف سيستغرق في المتوسط 50 عاماً على الأقل، إذا استمرت الإصلاحات بالوتيرة الحالية نفسها”.
وأوضح أن عام 2022 “شهد ارتفاعاً طفيفاً في متوسط الدرجة العالمية على مؤشر “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون” الخاص بالبنك الدولي بمقدار نصف نقطة فقط، ليصل إلى 77.1 نقطة”.
ما يبيّن أن “النساء لا يتمتّعن، في المتوسط، سوى بنسبة 77% من الحقوق القانونية، التي يتمتع بها الرجال”.
وأشار إلى أنه “إذا استمرت وتيرة الإصلاح على هذا النحو، فإن النساء اللواتي يلتحقن بالقوى العاملة اليوم سيتقاعدن في العديد من البلدان، قبل أن يتمكنّ من اكتساب الحقوق التي يحصل عليها الرجال نفسها”.
بعض الإصلاحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
ذكر التقرير أن “العقد الأول من هذا القرن، شهد مكاسب قوية صوب تحقيق المساواة القانونية بين الجنسين”.
فبين عامي 2000 و2009، “تم تطبيق أكثر من 600 إصلاحٍ، بلغت ذروتها عامي 2002 و2008، حينها طُبّق 73 إصلاحاً”.
وتطرّق إلى عقبات الإصلاح “في المجالات التي تنطوي على أعراف اجتماعية راسخة، مثل حقوق النساء في الميراث، وملكية الأصول”.
كما أشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أقرت بعض الإصلاحات المهمة.
فقامت البحرين مثلاً بالـ”مساواة في الأعمار التي يمكن للنساء والرجال عندها التقاعد بمزايا كاملة”.
بينما “حظر العراق التمييز على أساس الجنس في الخدمات المالية”.
أما بالنسبة إلى أداء الاقتصادات العربية، في المساواة في المكانة القانونية، فكشف التقرير أن الإمارات احتلّت المرتبة الأولى. تليها المغرب، ثم جيبوتي.
في حين صُنّفت كل من فلسطين واليمن ضمن قائمة الدول الناطقة بالعربية الأكثر تمييزاً ضد النساء في هذا السياق.
من هي الـ14 دولة الوحيدة التي تسن قوانين تمنح حقوقاً متساوية؟
تضمن تقرير البنك الدولي تقييماً للقوانين واللوائح في 190 بلداً، في 8 مجالاتٍ تؤثر على المشاركة الاقتصادية للنساء.
وهذه المجالات هي: التنقل، ومكان العمل، والأجور، والزواج، والوالدية، وريادة الأعمال، والأصول، والمعاشات التقاعدية.
فكشفت البيانات أنه ليس هناك سوى 14 دولة تسن قوانين تمنح النساء حقوقاً متساويةً مع الرجال.
لكن جميع هذه الدول مرتفعة الدخل، ولا يوجد بينها أي دولة ناطقة بالعربية.
أما الدول فهي: الدانمارك، هولندا، بلجيكا، السويد، لاتيفيا، اليونان، البرتغال، ألمانيا، أيسلندا، إيرلندا، البرتغال، فرنسا، وكندا.
وأوضح التقرير أنه “ما يزال هناك نحو 2.4 مليار من النساء في سن العمل، لا يتمتعن بحقوقٍ متساوية مع الرجال”.
بينما أكد أنه “قد يؤدي سد فجوة التوظيف بين الجنسين، إلى زيادة نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي على المدى الطويل، بنحو 20% في المتوسط، في مختلف البلدان”.
ولفت إلى أنه “إذا شرعت النساء في أنشطة أعمال جديدة بالمعدل نفسه الذي يحققه الرجال، قد تتراوح المكاسب الاقتصادية العالمية بين 5 و6 تريليونات دولار”.
نحو فرصٍ متكافئة لمواجهة الأزمات
وختم التقرير أنه “على الرغم من تحقّق إنجازات في العقود الـ5 الماضية، لكن الأمر يتطلب إنجاز المزيد في جميع أنحاء العالم”.
وشدد على ضرورة “حصول النساء على تكافؤ الفرص بموجب القانون”.
وأضاف: “لا يستطيع كل من النساء والاقتصاد العالمي الانتظار أكثر من ذلك للوصول إلى المساواة بين الجنسين”.
في هذا الإطار، صرّح رئيس الخبراء/ الخبيرات الاقتصاديات/ين في مجموعة البنك الدولي، النائب الأول لرئيس اقتصاديات التنمية إندرميت جيل.
فشدد على “حاجة جميع البلدان إلى تعبئة كامل قدراتها الإنتاجية لمواجهة الأزمات المتداخلة التي تواجهها”.
وأكد أن “الحكومات لا تملك رفاهية تهميش ما يعادل نصف سكانها، أي النساء”.
بينما لفت إلى أن “حرمان النساء من المساواة في الحقوق في أنحاءٍ كثيرةٍ من العالم، لا يعد مجحفاً فحسب. بل يشكل عائقاً أمام قدرة البلدان على تعزيز التنمية الخضراء القادرة على الصمود والشاملة للجميع”.