“بدّي برّد قلبي ع بنتي” .. من يسمع صرخة هيام أبو مرق ويعيد لها طفلتها؟

“بدّي برّد قلبي ع بنتي.. بدي اطمن عليها.. بسأل حالي عم يفيقوا عليها بس تفيق؟ هيي منيحة؟ بردانة؟ جوعانة”.. أسئلة كثير تؤرق أمومة هيام أبو مرق

التي لم تر ابنتها منذ نحو شهرين، بعد اختطافها إلى الهرمل على يد والدها.

هيام أبو مرق عن خطف طفلتها: “أخذوا مني لعبتي”

إلا أن أكثر ما استوقفني من مناشدة الأم، حين قالت بحرقة “أخذوا مني لعبتي!”

تبلغ هيام أبو مرق من العمر 20 عاماً، في حين أكملت طفلتها راما عليق الـ4 سنوات منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي، بعد أن اصطحبها والدها من بيروت إلى الهرمل وأخفاها عنها، انتقاماً لطلبها الطلاق.

فالشابة، التي تزوجت حين كانت لا تزال قاصر (16 عاماً)، وجدت نفسها فريسة عنفٍ زوجيٍّ مستمرٍّ. في حين لجأت إلى منزل عائلتها مراراً، بنية الانفصال عن معنّفها.

أكدت هيام أن عائلتها لم تكن ترغب بتزويجها في عمرٍ مبكرٍ، إلا أن القانون القاصر عن حماية الفتيات لم يحمها من ما أسمته “جهل في عمر المراهقة”.

وأتت التدخلات الاجتماعية، والوساطات المألوفة في مجتمعٍ تنقصه التوعية حول خطورة تزويج القاصرات، لتعيدها مراراً إلى منزل الزوج المعنف.

لتعود الزوجة القاصر إلى منزل معنّفها، حيث واجهت “الضرب والإهانة المستمرين، والحرمان، والطرد من المنزل في منتصف الليل”، بحسب هيام.

المحكمة الجعفرية .. “ليس لديكِ مبرراً للطلاق”

بعد سلسلةٍ من “التعنيف الجسدي، والمعنوي، والاقتصادي”، قررت هيام التخلص من معاناتها إلى الأبد. علّها تحمي نفسها وابنتها من “علاقةٍ زوجيةٍ عنيفة”. فطلبت إثر ذلك الطلاق قبل نحو عامين ونصف.

“لم يجد القاضي جعفر كوثراني أن أسبابي كافية لطلب الطلاق”.

بهذه الكلمات أشارت هيام إلى تهاون المحكمة الشرعية الجعفرية مع جرائم العنف الأسري، واستخفافها بحقوق الطفلات والفتيات والنساء.

فأكدت أن “القاضي المذكور والسيّد محمد صولي قالا لي بصريح العبارة: ليس لديكِ مبرراً للطلاق، رغم إخباري لهما بالعنف الجسدي المستمر الذي تعرضت له”.

وأضافت: “استهانا ببكائي وتوسّلي لأتحرّر من ظلمه وعدم مسؤوليته، ولم يعتبرا كل ما تعرضت له من ضربٍ مبرحٍ وحرمانٍ اقتصادي سبباً كافياً للطلاق”.

هيام أبو مرق: بعد خطف الطفلة، قال لي: “متل ما فلّيتي رح ترجعي”

ابتزاز عاطفي ونفسي للعودة عن قرار الطلاق

نصحتها حينها وكيلتها القانونية بأن ترفع دعوى نفقة وإثبات حضانة. حصلت بموجبهما على حكم  نفقة “لم يلتزم بدفعها”، وسط تسيّبٍ معتادٍ تعزّزه الامتيازات الذكورية في قوانين الأحوال الشخصية الطائفية.


كما حصلت على حكمٍ نافذٍ بحضانة طفلتها، “مع حق الوالد حسن عليق برؤية ابنته راما من ظهر يوم الجمعة إلى ظهر يوم الأحد. على أن يأخذها من منزل والدتها ويعيدها إليه”.

إلا أن الخاطف، أثناء تنفيذ حق المشاهدة في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، أخذ الطفلة من المحكمة الجعفرية في حارة حريك إلى منطقة الهرمل، ولم يُرجعها حتى اليوم.

ومنذ ذلك الحين، تخوض هيام معارك قانونية وشخصية لإعادة طفلتها، في ظلّ تجرؤ معنّفها على انتهاك القوانين بشكلٍ مستمر.

كما لم يكتفِ حسين علّيق بحرمان الطفلة من والدتها، بل أخذ يبتزّها عاطفياً لإجبارها على العودة إليه، قائلاً لها: “إذا ما بترجعي بقتلها”.

وحين استطاعت التواصل معه بعد خطف طفلتها، توعّد لها بأنها “متل ما فلّيتي رح ترجعي”، في محاولةٍ للضغط عليها عبر طفلتها.

إلى متى سيستمر ابتزاز الأمهات بطفلاتهن/أطفالهن؟

وأضافت أنه في إحدى المرات “هددني بأنه سيتزوج ويسافر إلى الخارج، ويحرمني من رؤيتها إلى الأبد، في حال لم تعد”.

أكدت الأم أنها في الأيام الأولى ذهبت إلى الهرمل لمقابلة ابنتها، لكنه أخفاها عنها.

في حين أخبرتها زوجة شقيقه أنهما في بيروت.

“علمتُ بعدها أنه كان يتخفّى هو وابنتي في ملحمةٍ مهجورةٍ في المنطقة، ليخفيها عني، ويمنعني عن رؤيتها، لأن ابنتي حتماً ستتمسك بي”.

وأوضحت أن ابنتها “غير معتادة عليه وعلى عائلته، فمعظم أوقاتها كانت معها، خصوصاً في ظل الخصومة الزوجية الطويلة”.

ترهيب وتهديد بالخطب!

فيما بعد، ترددت هيام عن زيارة المنطقة. إذ “قام هو وشقيقه بترهيبي في حال كررت الذهاب”.

وقالت: “هددني بالخطف داخل صندوق السيارة، وقال إنه لن يعرف أحد عنك شيئاً بعدها”.

وأكدت أن الشقيقين حاولا في السابق خطف الطفلة تحت تهديد السلاح.

كما أوضحت أنه “في ذلك اليوم، جاءت شقيقته لتقنعني بالعودة إليه، بينما كان ينتظر هو وشقيقه أمام المنزل.

وأضافت: “أرسلتُ حينها الطفلة مع والدي ليراها. فتهجم عليه شقيقه المدعو حمزة عليق، وهو عسكري في الجيش اللبناني، وسحب الطفلة منه قائلاً: وصلنا حقنا”.

وأشارت إلى أنه “حين حاولنا تهدئته وسحب الطفلة منه، رفع السلاح على والدتي وهددنا”.

على إثر ذلك، رفعت دعوى ضد المعتدي حمزة عليق في المحكمة العسكرية، إلا أنها لم تتابعها لاحقاً لتتفرغ لقضايا النفقة والحضانة.

لتخلفه عن تنفيذ حكم الحضانة .. قرار بسجن الخاطف حسن عليق

بعد نحو شهرين على خطف ابنتها، استطاعت هيام أبو مرق إدانة حسن عليق لتخلّفه عن تنفيذ حكم المحكمة المتعلق بالحضانة.

فأصدرت دائرة تنفيذ بعبدا، في 14 آذار/مارس الجاري، حكماً بسجنه لمدة 6 أشهر كحد أقصى، أو لحين تسليم الطفلة إلى والدتها.

الطفلة اليوم مخفيةً في منزل “والدٍ معنفٍ ومبتز” لا يعير للقانون أي اهتمام. في حين يتمادى في محاولة ترهيب الأم لإسكاتها عن المطالبة بطفلتها، ولإجبارها على العودة عن قرار الطلاق.

وفي حين لا يستكين قلب هيام أبو مرق قبل إعادة طفلتها إلى حضنها، قضت راما عيد مولدها الرابع بعيدةً عن والدتها، ليشبع حسن عليق انتقامه بعد تمرّد هيام على تعنيفه المستمر.

“أخذها وحرق قلوبنا”

“كانت تنتظر عيد مولدها بحماسة. خططت لكل شيء، اختارت ملابسها، وحتى الرسمة التي ستكون على قالب الحلوى. كانت متحمسة جداً”، قالت خالة الطفلة، وأضافت: “أخدها وحرق لنا قلبنا”.

تناشد الأم اليوم عبر “شريكة ولكن” السلطات المعنية للتحرك العاجل، لوضع حد لتعدّيات حسن عليق وتهديداته.

كما لسرعة اتخاذ الإجراءات لإعادة طفلتها إليها، وتحييدها عن مخططاته الانتقامية.

في حين لا يزال المعنفون يحتمون تارةً بالأعراف الذكورية، وأخرى بقوانين أحوال شخصية طائفية مشبّعة بالأبوية والعنصرية ضدهن.

فهل ستلقى مناشدة هيام أبو مرق آذاناً صاغية؟

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد