نفقة بسعر صرف الانتقام .. “الحارة سايبة والبوّاب سمسار”

لم يكن ينقص المطلّقات، اللواتي اخترن خلع السلطوية عن حيواتهن، إلا “نفقة” بسعر صرف الذكورة.

وكأن المخلوعين يعاقبونهن على الخروج من بيت طاعتهن. فيثأرون عبر الحقوق المادية.

وكلّما انهارت قيمة العملة الوطنية في لبنان وارتفع سعر الدولار، انهارت الحقوق الإنسانية، وارتفع سعر صرف الأبوية.

قضية اليوم ليست حديثة. إليكن/م حلقة جديدة من مسلسل تعنيف المطلّقات، في موسم العقاب الاقتصادي.

بعض أبطالها يحتمون وراء صورٍ مرقّعة، تُفتضح شوائبها عند كل اختبار. أما الاختبار، فينسجم مع المثل الذكوري القائل: “الرجال مواقف”.

وعلى الرغم من سذاجة جندرة “المواقف”، إلا أن حارة الذكور “سايبة” وبوّابها سمسار، يبيعون “المواقف” و”الرجولة” عند أول تجارة.

إلى “المعنف” سعيد الماروق .. بتسلّم عليك جيهان أبو عايد وبتقلّك:

سعيد الماروق

“في الماضي كان الأب عملاقاً كبيراً، وكان للأم سلطة”.

هكذا عبّر “المعنّف”، كما أكدت وثائق طبية وقانونية، سعيد الماروق، عبر صفحته على فيسبوك، عن سخطه من أثر الحاضر على “تعريتنا من القيم الإنسانية”!

كلام عظيم جداً!

يحنّ الماروق إلى زمنٍ “كان ابن الجيران يطرق فيه الباب ويقول: أمي بتسلم عليكم/ن وتقول عندكن/م بصل؟ طماطم؟ بيض؟ خبز؟”، بحسب منشوره “العاطفي”!

جميلٌ حنينك يا حضرة الفنان، “المعنّف” بحسب ما تؤكد زوجته جيهان، ونحن “نصدق الناجيات”.

أما بعد، فإن “زوجتك المعلّقة، الناجية من عنفك الجسدي، والعالقة في دائرة تعنيفك الاقتصادي، ترمي عليك السلام. وتخبرك أن سعر كيلو البصل والطماطم، وكرتونة البيض وربطة الخبر، الذي لا تدفعه لها لتأمين مأكل ابنك وابنتك، تؤمنه هي من أقاربها، بسبب إمعانك في حرمانها من النفقة العادلة”.

اللهم إني بلّغت، على الرغم من تهديدك بالقضاء الذي لم نتجاوزه حين فضحنا تعنيفك الصادم، بعد اعتمادنا على مستندات قانونية.

اللهم فاشهد.

وذكّر المعنّفين والمطبّلين لهم بأن العنف “عض ورفس وتحت تهديد السلاح”، والحرمان من الحقوق، كلها جرائم إنسانية، إن نفعت الذكرى.

جيهان أبو عايد: “يعاقبني اقتصادياً عبر النفقة، وما يدفعه لا يكفي لتغطية إيجار المنزل”

 

وكعادة كلّ من تُفتضح سلوكياتهم العنفية، يسجّل أولئك “الرجال” مواقف انتقامية من الناجيات عبر التلاعب الاقتصادي. ولو دفع/ت أبنائهم/بناتهم ثمن هذا الانتقام.

و”المعنّف” المذكور هو أحد تلك النماذج.


تلمّح جيهان أبو عايد، عبر قصة نشرتها على إنستغرام، إلى وساطةٍ وضعتها “لتنتهي الأمور المتعلقة بمأكل أولادك!”.

وحاولنا الاستيضاح منها عن قضية النفقة، التي يُفترض أن يدفعها “المخرج المشهور” لها ولابنه وابنته.

فقالت: “من ناحيتي، لا أطلب منه حقوقي التي يتهرب منها عبر التلاعب بالقضاء الديني، وتحويل الزواج من مدني إلى شرعي. لا أريد منه شيئاً. فليؤمن مأكل وملبس ابنه وابنته، ويطلقني مدنياً، ويكمل حياته”.

وأضافت: “أما عن نفسي، فلم أطلب سوى ورقة طلاقي أمام المحاكم المدنية في بيروت، ويحل عني!”.

كما أوضحت أن معنّفها “ينتقم” منها لأنها فضحت “تعنيفه، وتلاعبه بالقوانين الدينية”. و”العقوبة التي يحاول أن يكيدني بها هي التعنيف الاقتصادي”، بحسب جيهان.

فأشارت إلى أنه “يستغل الأزمة الاقتصادية في البلد، ومعها التعطيل القضائي لدفع سلفة نفقة لا تكفي لتغطية إيجار المنزل!”.

كيف ذلك؟

شرحت جيهان أن سعيد “يروّج لفكرة أنه يدفع عشرات ملايين الليرة اللبنانية”، إلا أنه يخفي حقيقة أن “المبلغ الذي يرسله لا يغطي حتى تكاليف إيجار المنزل والخدمات”.

فـ”الإيجار وخدمة الكهرباء يكلّفان 700$، في حين أن ما يرسله لا يصل اليوم إلى 500$، وتنقص قيمته كلما ارتفع سعر صرف الدولار”.

كما أوضحت أنه خلال الأشهر السابقة “أرسل ما بين 37 و49 مليون، في حين تراوح سعر صرف الدولار بين 60 و80 ألف ليرة لبنانية”.

أي أنه لم يكتفِ بعدم الدفع لمسكن عائلته كاملاً، بل حرمهم/ن من مصاريف المأكل والمشرب والملبس أيضاً.

النفقة وسيلة للانتقام .. “بلطي البحر”

قالت جيهان إنها أرسلت لتستفسر منه عن “مصاريف ابنه وابنته”.

وطلبت منه أن “يدفع إيجار المنزل وخدماته بالدولار، كما هو مطلوب منها، لتفادي الصراع، إلا أنه لم يتعاون من أجل مصلحة ولدينا”.

وأضافت أن النقاش ينتهي غالباً بجملة: “بلطي البحر”.

ولـ”يزيد الطين بلّة، أو بالأحرى ليستمتع أكثر بمعاقبتي اقتصادياً، لا يسلّمني المبلغ نقداً، بل يرسله مقسماً على عدة مكاتب تحويل أموال، فقط لأضطر إلى الذهاب إلى عدة أماكن لأتمكن من جمع المبلغ المبعثر هنا وهناك. ثم أحوّله إلى الدولار لتسديد الإيجار. ثم أجد نفسي أمام إيجار بيتٍ غير كامل”.

واعتبرت أنه “يعاقبني لأنني تصدّيت لتعنيفه القانوني، وكشفتُ قليلاً من العنف الجسدي الذي تعرّضت له”.

وأوضحت أنه “للانتقام من مطالبتي بحق الطلاق المدني، قبل أن يجاهر بزواجه الذي لا يعد قانونياً أمام المحاكم المدنية صاحبة الاختصاص في قضيتنا، حرم ولديه نفقة المأكل والمشرب الصغيرة التي كان يدفعها من قبل”.

كما أكدت أنها لم تنكر يوماً أنه “يدفع تكاليف دراستهما، وهذا ليس أمراً يستدعي الترويج له والتباهي به والتمنين. فهو يدفع لدراسة ابنه وابنته، ومصروف مدرستهما، والتأمين الصحي العائلي، وهذا طبيعي”.

ولفتت إلى أنه “التزم بدفعهم بقرارٍ قضائي من قاضي الأمور المستعجلة”. بينما “يرسل نفقة مسكنهما ناقصة، ويستثني تكاليف المعيشة!”.

وتساءلت: “ألم يسأل نفسه طوال 5 أشهر من أين أؤمن تكاليف غذائهما؟ من أين أطبخ لهما؟ كيف أؤمن سعر جرة الغاز؟ من أين أؤمن تكاليف حاجاتهما الشخصية داخل المنزل؟ إذا أرادا الترفيه عن نفسيهما، كيف أؤمن لهما تكاليف النقل على الأقل؟”.

ملاحظة: “بعد تحريك القضية إعلامياً، دفع سعيد الماروق ما يقارب 200$ بالليرة اللبنانية كنفقة مأكل ومشرب لابنه وابنته، فوق مبلغ الإيجار والكهرباء. إلا أن الأمر يبقى خاضعاً لمزاجيته من ناحية، ولسعر الصرف من ناحية ثانية”، بحسب جيهان.

وفي وقتٍ ما تزال العملة اللبنانية آخذة بالهبوط أمام الدولار، بات ملحّاً احتساب النفقة بالدولار لتجنّب تسلّط هذه الأداة العقابية.

جيهان أبو عايد: “لا يخيفني أي تهديد”

يمعن سعيد الماروق في تهديداته، مضيفاً إلى سلة التعنيف والحرمان، محاولات لترهيب جيهان أبو عايد وإسكاتها.

“يحاول إخفات صوتي، فيرسل تهديدات بسجني وتغريمي في حال تكلّمت عن تعنيفي اقتصادياً!”، قالت جيهات، التي تمنت أن “ينتهي هذا الانتقام بسلام”.

وشددت على أن كل “تلفيقات الماروق بالإساءة إليه مهنياً هي تضليلات وادعاءات كاذبة”.

وأنها لا تقف في وجهه “إلا من أجل حق ابني وابنتي بحياةٍ كريمة، وبتأمين أبسط الحقوق المعيشية”.

وأضافت أنها تكتفي “باحتضان ابني وابنتي. وعلى الرغم من أن القانون المدني يكفل حقوقي المادية، إلا أنني لا أطلب لا بتعويضٍ ولا بمؤخر. أطالبه فقط بحقي في الطلاق المدني، في دعوتي المرفوعة ضده منذ 4 أعوام”.

وتابعت: “الله معي. لا يخيفني أي تهديد ووعيد”.

علماً أن طلاق جيهان ما يزال معلّقاً قضائياً. وما زالت حيلة إثبات الزواج المدني في المحكمة الشرعية سارية لغايةٍ في نفس المعنّف، الذي غافل القانون، وتزوج شرعياً و”ليس قانونياً”، منذ 3 أعوام.

“النساء للنساء” في وجه الهوس الذكوري بالسلطة

بالعودة إلى حكمة “المعنّف” سعيد الماروق التي تباها عبر نشرها، ليذكّر بأنه “في الماضي كان للأم سلطة، ولنظرة عين الأب سلطة تُخرس الأبناء، وللمسطرة الطويلة الخشبية سلطة”.

مجدداً: “السلطة”.. هوس الرجال في المنظومة الأبوية.

ففي حين تسعى بعض الأمهات للتخلص من هذا الهوس الذي استحوذ على كثير من الرجال فأنتج أجيالاً من المعنفين، أنجب الحاضر:

لصوت النساء قوة.

ولمقولة “النساء للنساء” قوة.

ولقاعدة “نصدق الناجيات” قوة.

فباتت قوة النساء في صوتهن الذي أحلّ منطق الإنسانية، واستهزئ بمنطق “السلطة”.

وعليه، تستحق خاتمة منشورك كل الثناء:

فـ”الحضارة ألبست البعض أرقى أنواع الملابس، وعرّتهم من القيم الإنسانية”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد