وقفة احتجاجية في بيروت رفضًا لسياسات القمع وتكميم الأفواه
"شريكة ولكن ستظلُّ صوت كُلّ النساء"
نفذ/ت مجموعة من الناشطين/ات المستقلين/ات والصحافيين/ات تحرُّكًا أمام قصر العدل في بيروت، على خلفية استدعاء رئيسة تحرير منصة “شريكة ولكن” حياة مرشاد للمثول أمام مكتب جرائم المعلوماتية.
وكانت نقابة الصحافة البديلة قد دعت إلى التحرك، احتجاجًا على إمعان المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زاهر حمادة، في عدم إحالة قضية الصحافية حياة مرشاد إلى المراجع القضائية المختصة. بالإضافة إلى تنصُّل مدعي عام التمييز غسان عويدات من مسؤوليته بإصدار تعميم إلى النيابات العامة بإحالة القضايا الصحفية إلى القضاء المختص.
إذ تنص المادة 29 من قانون المطبوعات على أنه “لا صلاحية تحقيق لأي جهاز أمني مع صحافي/ة يُبرز انتماءه/ا إلى نقابة المحّررين/ات، أو يُثبت/تُثبت أن ما نشره/ته جاء في إطار عمله/ا الصحفي. وفي حال اقتضت الدعوى تحقيقًا، فعلى قاضي التحقيق أن يجريه قبل أن يحيل القضية إلى محكمة المطبوعات خلال مهلة لا تتجاوز 5 أيام”.
قضاء على مين؟
تحت شعار “لن نمثُل”، ندّد/ت المحتجون/ات بسياسة تكميم الأفواه التي تنتهجُها الضابطة العدلية عبر استدعاء الصحافيين/ات للمثول أمامها بقضايا النشر والمطبوعات.
وردّدوا/ن هتافات أكّدت مواجهة هذه السياسة الترهيبية، عبر الاستمرار بفضح الاعتداءات الذكورية. وشددوا/ن على ضرورة التزام الصحافة برفع صوت الناجيات ودعمهن. ومن بين هذه الهتافات “نسويات نسويات، نرفع صوت الناجيات”، “يا قضاء قضاء على مين عالصحافة والناشطين”.
ففي إجراءٍ يُشكِّل انتهاكًا فاضحًا لحقوق الصحافيين/ات، يُصرّ القاضي زاهر حمادة على استدعاء الزميلة حياة مرشاد للمثول أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. وذلك على الرغم من إبرازها بطاقة عضويتها في نقابة محرّري/ات الصحافة اللبنانية، وإثباتها أنّ الدعوى تتعلّق بعملها الصحفي.
وما يثير القلق عدم استجابة القاضي حمادة لطلب الوكيل القانوني لحياة مرشاد، المحامي فاروق المغربي، بالرجوع عن الإشارة والامتثال لما نصّ عليه قانون المطبوعات.
حياة مرشاد: “حملة ممنهجة ضد الحريات”
من ناحيتها، نددت الزميلة حياة مرشاد بـ”الضغط والترهيب القضائي والأمني الذي تُواجهه الصحافيات/ين في لبنان أثناء قيامهنّ/م بعملهنّ/م البديهي لمناصرة قضايا النساء، وإعلاء صوت الناجيات”.
واستنكرت “تقاعُس القضاء في البتّ بقضايا سابقة لمُتَّهمين بالتحرُّش”. لافتةً إلى أنه “بدلاً من أن يعتبر القضاء شهادات الناجيات بمثابة إخبار والتحرّك لحمايتهنّ، ينتصر اليوم لمشتبه به باعتداءات جنسية وجسدية، عبر استدعاء الصحافيات اللواتي يكشفنَ هذه الممارسات والجرائم”.
فيما أشارت إلى “تصاعد جرائم قتل النساء والفتيات، والعنف المنزلي والجنسي المرتكب ضدّهن بوتيرة مُرعبة، في ظلّ تراخٍ قضائيّ وأمني في ملفات العنف ضدّهن”.
وأكدت مرشاد على “رفض الامتثال للظلم ومخالفة النصوص القانونية”. واعتبرت أن “إجراء القاضي حمادة هو بمثابة استكمال للحملة المُمنهجة على الحريّات العامة في لبنان”.
نصدق الناجيات، مهما كثرت محاولات قمع وإسكات الصحافيات/ين
كما شدّدت على “عدم التراجع في معركة حماية حقوق الصحافيات/ين بشتّى سبل الاحتجاج والضغط المُتاحة”.
وأكدت مرّة جديدة على “مبدأ تصديق الناجيات مهما كثُرت محاولات قمع وإسكات الصحافيات/ين”. وثمّنت “دور الصحافة في إيصال أصوات هؤلاء الناجيات حتى تحقيق العدالة لهنّ. في ظلّ الخطر اليوميّ الذي يتربّص بالنساء والحراك النسويّ في لبنان، ومع تزايد الملاحقات الأمنية والقانونية”.
إلسي مفرج: “لن نوقّع على أي تعهد”
من ناحيتها، وجّهت منسقة تجمع “نقابة الصحافة البديلة” الصحافية إلسي مفرج رسالة إلى القضاء. فأكدت “عدم التنازل عن حق الصحافيين/ات المكفولة قانونيًا”.
وشددت على حقهم/ن القانوني بأن “ينحصر التحقيق في قضاياهم/ن بيد الجهات المختصة؛ إما قاضي التحقيق، أو محكمة المطبوعات”.
ولفتت إلى “الأساليب الترهيبية والضغوطات التي يتعرض لها الصحافيين/ات والناشطين/ات من قبل الأجهزة الأمنية، كإجبارهم/ن على توقيع تعهدات”.
وتابعت: “لن نوقّع على أي تعهد. ونحن متمسكون/ات بحقوقنا، سنظل نكتب ونكشف الفساد والمجرمين”.
وأشارت إلى أنه “من غير المستغرب في ظل هذا النظام الذي يكرس سياسية الإفلات من العقاب، أن يتم ملاحقة من يكشف الجرائم وترك المجرمين أحرار طلقاء”.
منصة “المجتمع المدني النسوي”: نرفض تمييع قضايا النساء عبر التضييق على الصحافة المستقلة
من جانبها، رفضت منصّة “المجتمع المدني النسوي” تمييع قضايا النساء عبر التضييق على الصحافة المستقلة. وبيّنت أن قضية مرشاد “تأتي في سياق مجموعة إجراءات كرَّست ميلًا متصاعدًا لدى السلطة بتطويق حرية التعبير والإعلام”.
وأوضحت أن هذا التطويق “تجسد من خلال استدعاءات لصحافيين/ات إلى أجهزة أمنية، ومحاولة إسكات المحامين/ات ومنعهم/ن من التصريح بشأن قضايا عامة قبل أخذ إذن مسبق من نقابة المحامين/ات”.
وعبّرت المنصّة النسويّة عن تضامنها مع حياة مرشاد، معتبرةً أن قضيتها “توضع في خانة محاولات تهميش قضايا النساء المُحقَّة عبر ضرب المنصات الصحفية التي تحاول تسليط الضوء عليها. وذلك من خلال تكريس منظومة أبوية تحمِّل الضحايا والناجيات مسؤولية إثبات ما يتعرَّضن له من اعتداءات وتحرُّش”.
وأعربت عن قلقها “من تجاهل القضاء ما يزيد عن 18 شهادة من ناجيات بينهنّ قاصرات وعدم التحرك قضائياً مع المشتبه به بالاعتداءات في حين يمارس ضغط على من يسلط الضوء على هذه القضايا”.
وتساءلت: “كيف نحمي النساء من جرائم التحرش والاعتداء الجنسي تحت مظلة قضاء يستدعي الصحافيين/ات لأنهم/ات يسلطون/ن الضوء على هذه الانتهاكات، فيما يترك المشتبهون بارتكابها أحرارًا؟”.
وأكدت المنصة أن “قضايا الحريات العامة وحرية الصحافة هي جزء أساسي من معركة النساء في لبنان. وما حصل مع مرشاد هو حلقة من حلقات القمع الممنهج الذي يتصاعد مؤخراً في لبنان إذ لا عدالة للنساء ولا مساواة من دون أصوات حرة وإعلام مستقل يطرح قضاياهن”.
خلفية الدعوى.. دعم ومناصرة الناجيات من تحرّش جو قديح
أحال القاضي زاهر حمادة، في 11 أيّار/مايو الماضي، رئيسة تحرير منصّة “شريكة ولكن” الصحافية والناشطة النسويّة حياة مرشاد، إلى التحقيق في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. وذلك استجابةً لدعوى “قدح وذمّ” مقدّمة بحقّها من قبل المخرج المسرحي جو قديح، رافضًا السير بالدعوى أمام محكمة المطبوعات.
جاء ذلك على خلفية مطالبات أطلقتها “شريكة ولكن”، في نيسان/أبريل الماضي، لمقاطعة مسرحيّة من كتابة قديح وإخراجه، كان من المقرّر عرضها على مسرح مونو، تضامنًا مع 18 امرأة وفتاة من بينهنّ طالبات قاصرات.
ففي عام 2020 خرجت شهادات الناجيات إلى العلن، اتهمت فيها جو قديح بالتحرُّش المُتكرِّر بهنّ.