العفو الدولية: السلطات اللبنانية متواطئة مع المعتدين على مسيرة الحريات
نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا حول اعتداء الكراهية الذي نفذّه عدد من البلطجية ضد مسيرة الحريات في بيروت. وذلك يوم السبت الماضي.
وطالبت العفو الدولية السلطات اللبنانية بـ”التحقيق الفوري في الاعتداء العنيف المتعمّد على مسيرة الحريات احتجاجًا على حملات القمع الأخيرة للحريات الفردية والسياسية في البلاد”.
قوى الأمن الداخلي في خدمة البلطجية!
شددت المنظمة في تقريرها على “ضرورة شمل التحقيق إخفاق قوى الأمن الذريع في حماية المتظاهرات/ين من الهجوم”.
ومن خلال 3 شهادات حيّة بالإضافة إلى مشاهد مصوّرة اطلعت عليها، توصّلت إلى أن “عناصر الأمن لم يتدخّلوا بشكل فعّال لمنع عشرات المعتدين على الدرجات النارية من إلقاء الحجارة على المتظاهرات/ين”.
كما “لم يتدخلوا لردع الاعتداء عليهن/م جسديًا، وتوجيه شتائم معادية لمجتمع الكوير، خلال اعتداءات متتالية استمرت لأكثر من الساعة”، وفقًا لما جاء في التقرير.
وبحسب الأخير، فإن “متظاهران على الأقل تم نقلهما إلى المستشفى بسبب إصابات وكدمات في الوجه والعينين”.
من جانبها، طالبت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي في المنظمة بـ”إجراء تحقيق عاجل في الهجوم على المحتجات/ين لدى ممارسة حقهن/م في حرية التعبير والتجمّع السلمي”.
ولفتت إلى “تقاعس قوى الأمن عن حمايتهن/م، فكان ردّها غير متناسب بالمطلق نظرًا إلى طبيعة الهجوم العنيف الذي طال المتظاهرات/ين”، حسب وصفها.
واعتبرت المسـؤولة الإقليمية أن “الامتناع عن التحقيق في الاعتداء من شأنه أن يبعث برسالة تسامحٍ مع الهجوم ويشجّع المعتدين مستقبلًا على مهاجمة آخريات/ين بسبب تعبيرهن/م عن هويتهن/م ومعتقداتهن/م”.
وختمت: “يقع على عاتق السلطات اللبنانية ووزارة الداخلية واجب ضمان عدم تعرض المتظاهرات/ين السلميات/ين للترهيب أو المضايقة أو الهجوم لمجرد مطالبتهن/م بحقوقهن/م”.
كيف تجاوبت السلطات اللبنانية مع الهجوم؟
بحسب تقرير العفو الدولية، فإنه “لم يتم القبض على أي من المعتدين على الرغم من تفاخر بعضهم علنًا على مواقع التواصل الاجتماعي بأفعالهم”.
بالإضافة إلى “تهديداتهم المستمرّة لمنظمات المجتمع المدني بمزيد من الهجمات في حال نظمّت مسيرات مستقبلية لدعم الحقوق والحريات للجميع”.
هذا على الرغم من أن برنامج المسيرة لم يتضمّن إشارةً إلى حقوق مجتمع الكوير بعينها دونًا عن غيرها من الحقوق.
وكشف تقرير المنظمة أن “مجموعاتٌ في لبنان درجت في الأشهر الأخيرة على اعتبار تعابير مثل الحريات والحقوق كترويج لمجتمع الكوير. كما حثت على تجريم أي تعزيز لحقوق الكويريات/ين في البلاد”.
ولم تعلن وزارة الداخلية ولا قوى الأمن الداخلي عن إجراء تحقيق في هذه الأحداث.
أما في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، فلمّح وزير الداخلية المتواطئ بسّام المولوي إلى أن “المسيرة كانت غير مرخصة”.
وادعى أن “قوى الأمن، إلى جانب القوى العسكرية، تعاملت مع الوضع بحسب ما تقتضيه الضرورة”.
كذلك زعم أن “عدم ترخيص المسيرة لا يعفي السلطات من التزامها بحماية المشاركات/ين في الاحتجاج”.
إن الامتناع عن التحقيق في هذا الاعتداء من شأنه أن يبعث برسالة تسامحٍ مع الهجوم ويشجّع المعتدين مستقبلًا على مهاجمة آخرين بسبب تعبيرهم عن هويتهم ومعتقداتهم، أو ما يفترضه المعتدون عنها. https://t.co/eC4pjLo462
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) October 3, 2023
ماذا حدث يوم 30 أيلول/سبتمبر؟
وصل عشرات المعتدين إلى نقطة التجمع الذي دعت إليه أكثر من 24 منظّمة مجتمع مدني في وسط بيروت.
ثمّ وأثناء انتظارهم لبدء المسيرة، افتعلوا مشاجرات مع المتظاهرات/ين استمرّت لما يزيد عن ساعة.
حاولت قوى الأمن الداخلي من دون جدوى إنشاء منطقة عازلة بين المعتدين وضحاياهن/م، لكنها لم تفعل شيئًا آخر يذكر لوقف الهجوم.
وقرب نهاية الاعتداء، أدخلت قوى الأمن الداخلي مجموعة من الناشطات النسويات والصحافيات إلى آلية تابعة لها بغرض حمايتهن، بعد ساعتين من محاولة الهرب والإفلات من قبضة المعتدين.
لكن المعتدين واصلوا ملاحقة ورشق الآلية. وتمكنت الناشطات والصحافيات في وقت لاحق من الفرار، رغم أنه ما كان عليهن تحمل معاناة هذا الهجوم في المقام الأول.
وأظهرت مقاطع مصورة اعتداء 3 عناصر من قوى الأمن الداخلي بالضرب على متظاهرٍ كان يحاول حثهم على وقف المعتدين.
كذلك بيّنتهم وهم يضايقون الصحافيات/ين لفظيًا وجسديًا ويأمرونهن/م بالتوقف عن تصوير الهجمات.
بالإضافة إلى محاولاتهم الهزيلة لفصل المعتدين عن المتظاهرات/ين دون جدوى.
وكان العديد من المحتجات/ين الذين تعرضن/وا للاعتداء والضرب أبلغن/وا العفو الدولية بنيّة تقديم شكاوى. مع التعبير عن تردّدهن/م بسبب المخاطر التي قد يتعرضن/ون لها بسبب ذلك.
وضمن شهادته للمنظمة، كشف متظاهرٌ تعرّض للضرب المبرح عن رفضه تقديم شكوى كونه يخشى أن يتم استهدافه لاحقًا، خاصةً بعدما انتشرت صورته على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال: “أخشى أن يؤدي تقديم شكوى إلى استفزاز الجماعات المتطرفة بينما نعيش في دولة فاشلة”.
تصاعد الخطاب المناهض للحريات!
منذ أكثر من عام، كثّف القادة السياسيون والدينيون حملاتهم ضد مجتمع الكوير في لبنان.
ففي حزيران/يونيو من العام الماضي، حظر وزير الداخلية بسام المولوي كافة التجمعات خلال شهر الفخر، معتبرًا أنها “تهدف إلى الترويج للشذوذ الجنسي”.
ومؤخرًا، دعا زعيم حزب الله، حسن نصرالله، إلى قتل أفراد مجتمع الكوير. بينما سعى وزير الثقافة محمد المرتضى بشكل حثيث إلى منع عرض فيلم “باربي” على أساس أنه “ينافي القيم والأخلاق”. بعد دعواتٍ متتالية له تهدف إلى معاداة الكويريات/ين.
وكان المرتضى طالب المؤسسات الإعلامية باستخدام مصطلح “الشذوذ الجنسي” لوصف المثلية. كما حظر وزير التربية عباس الحلبي لعبة السلّم والحية في المدارس لأنّها تحمل ألوان علم قوس قزح”.
في شهر آب/أغسطس المنصرم، هاجمت مجموعة “جنود الرب“، وهي جماعة مسيحية يمينية متطرّفة تابعة للمصرفي اللبناني أنطون الصحناوي، حانة “مدام أوم” المعروفة بترحيبها بالأفراد الكوير.
حينها، قام بلطجية “جنود الرب” بضرب المتواجدات/ين في المكان، وتخريب الأخير عبر تدمير الأثاث.
كما توعدت صاحبة الحانة بمزيد من أعمال العنف في حال استمرارها فيما اعتبره المعتدون “الترويج للمثلية الجنسية”.
وأبلغت صاحبة الحانة العفو الدولية أن “قوى الأمن لم تسع إلى إيقاف الهجوم أو اعتقال أيٍّ من المعتدين. وحتى لحظة إعداد التقرير، لم تتم المساءلة في الاعتداء.
في ختام تقريرها، ذكّرت المنظمة الدولية بأن “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه لبنان عام 1972، يكفل لكل شخص الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات من دون تمييز”.