“جنود الرب” وحش مموّل لقمع الحريات الفردية

حاصرت جماعة ممن يسمون أنفسهم “جنود الرب” مقهى في العاصمة اللبنانية بيروت، بذريعة وجود أفراد كوير داخله.

ووقع الاعتداء ليلة الأربعاء 23 آب/ أغسطس، متزامنًا مع وجود عرض لفناني الجرّ “دراغ كوين”.

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by شريكة ولكن – Sharika wa Laken (@sharikawalaken)

 

الاعتداء انعكاس للتحريض

انتشر المقطع المصوّر ليلة الاعتداء، والذي يظهر جماعة من “جنود الرب” يلتفّون حول المقهى محاولين اقتحامه، مرددين عبارات التهديد للأفراد الذين اختبأوا داخل المقهى لساعات دون تدخّل القوى الأمنية.

وحدث هذا الانتهاك بعد شهر من التحريض المكثّف تجاه الأفراد الكوير، افتتحه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أثناء كلمة ألقاها في مناسبة دينية.

ودعا خلالها لقتل المثليات/ين علنًا قائلًا “أما اللواط فمن المرة الأولى يُقتل، خلاصه في الدنيا والآخرة أن يُقام عليه الحد”.

ولحق به عدد كبير من السياسيين، وزعماء الأحزاب، وأصحاب النفوذ والمنابر. بالإضافة إلى حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي كان هدفها بثّ خطاب الكراهية تجاه الأفراد غير المعياريين كجزء من الحرب على الحريات العامة.

ومما لا شك فيه أن استهداف المقهى هو هجوم مباشر يستهدف فئة بعينها. ولكنّه يحمل في خلفيته استهدافًا أوسع يطال الحريات كافة. ورغبة بتكريس القمع وتثبيت نفوذ السلطتين الدينية والسياسية، وتأكيد قدرتهما على إرهاب الشارع وإخافته.

على الجانب نفسه، تحتاج هاتين السلطتين إلى “ذراع” همجيّ ينفّذ إرهابهما، ويأخذ دور الفاعل في الواجهة، وهذا هو بالضبط الدور الذي توجّب على “جنود الرب” تأديته.

من هم “جنود الرب”؟ ومن يدعمهم؟

وعلى الرغم من عنفه وإرهابه، إلا أنه لم يكن ظهورهم الأول، فقد كان تسجيل أول انتهاك ارتكبوه في العام 2019.

حينما عارضوا إقامة حفل موسيقي لفرقة “مشروع ليلى”، بذريعة الميول الجنسية لأعضاء الفرقة.

ومن ثمَّ، عاودوا الظهور بشكل أعنف عبر مقطع مصوّر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي اللبنانية خلال شهر حزيران/يونيو، يظهرهم وهم يحطّمون إعلانًا معلّقًا على جانب الطريق لزهور تحمل ألوان قوس قزح.

وصحب الفيديو تهديدات ووعيدًا لمن أسموهم بـ “المروجين للمثلية الجنسية”، في “أرض الرب”، والتي تعدّ بالنسبة لهم منطقة الأشرفية في بيروت.

وهي المنطقة التي ينشط فيها هؤلاء، برعاية من الاحزاب السياسية اليمينية المتطرّفة. والتي أخدت على عاتقها سحق الفئات المهمشة أكثر فأكثر. وإغراق البلاد في تقسيمات طائفية وسلاح عشوائي مسلّط على الأفراد اللواتي/ الذين يسعين/ون للعيش بحرية وسلام.

ومن جهة أخرى، لم يكن نفوذ “جنود الرب” ليتنامى لولا الدعم المادي الذي قدّمه، ويقدّمه صاحب بنك سوسيتيه جنرال، ورجل الأعمال الرأسمالي أنطوان صحناوي.

فالذريعة التي يرددها هؤلاء الهمج هي أنهم هنا “لحماية ارض الرب”. ولكنّها الأرض نفسها التي لا يزال يحكمها ثلة من اللصوص والفاسدين الذي فجّروا بيروت على رؤوس ساكنيها.

وهي نفسها الأرض التي تنتهك حقوق النساء والفتيات، واللاجئات/ين، والعاملات/ين المهاجرات/ين، والكوير.

وفيما لم يكن الاعتداء على المقهى الليلي هو الأول، ولن يكون الأخير. وطالما أن الأجهزة الأمنية عاجزة عن حماية الأفراد المنوط بها حمايتهن/هم، في ظلّ ارتهانها للمنظومة الحاكمة ورأس مالها.

فلا يمكن اعتبار “جنود الرب” مجرّد جماعة متعصّبة. بل هم جماعة تنفّذ ما بقي من أجندة وضعتها منظومة أبوية لاستهداف غير المعياريين اللواتي/ الذين يهددن/ون وجودها ومصالحها.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد