رحيل الأسيرة المحررة أنهار الديك.. كم مرة قتلها الصهاينة؟
مثلت أنهار الديك (28 عام) المنحدرة من قرية كفر نعمة غرب رام الله، قصص كثير من النساء الفلسطينيات اللواتي عانين من ويلات الاحتلال وقهره.
في اليوم العالمي للنساء 8 آذار/ مارس 2021، اعتُقلت أنهار وهي حامل في الشهر الثالث. وأصبحت بذلك تاسع فلسطينية يعتقلها الصهاينة أثناء حملها، وهو ما شكّل تهديدًا على حياتها خلال عملية الولادة وبعدها.
في المعتقل، خاضت قسريًّا تجربة الحمل والمخاض والولادة تحت سياط العدو، حيث واجهت ظروف أسرٍ قاسية ولا إنسانية مألوفة في سجون الاحتلال الصهيوني.
الحمل في سجون العدو… والخوف من عدم النجاة
أثناء تواجدها في الأسر عاشت أنهار معاناة نفسية شديدة إثر خوفها من أن تضع مولودها في المعتقل. وبحسب تصريح والدة أنهار عائشة الديك، كانت هناك مخاوف حقيقية على حياتها خلال عملية الولادة وما بعدها.
وكانت أنهار تكتب رسائل لإبنتها جوليا تصف لها تلك العذابات، وتعبر عن عدم مقدرتها على التحمل.
تعيش الأسيرات في سجون الاحتلال الصهيوني تحت عذابٍ وقمع شديد من طرف جنود الاحتلال والظروف القاهرة للأسرة.
فوفق شهادات وتقارير، تعرضت وتتعرض معظمهن للتعذيب والاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي. كما أن المحتل لا يوفر أدنى مقومات الحياة في السجن، حيث تحرم الأسيرات من العلاج ومن الغداء اللائق، ويتعرضن للإهانة والأهمال، والحرمان من حقوقهن الاجتماعية والقانونية بما فيها الزيارات العائلية.
وحسب تصريحات سابقة أدلت بها أنهار، فإن الاحتلال الصهيوني حاول قتلها، وعرّضها للعديد من التعذيب والحرمان.
وفي لقاء لها مع وكالة الأناضول، وصفت وحشية الاحتلال مؤكدةً أنها “ضُربت بشكلٍ عنيف على رأسي وظهري وبطني، رغم أني أخبرتهم أنني سيدة حامل، لم يكترثوا لذلك”.
وأضافت “نُقلت إلى معتقل هشارون الإسرائيلي، ووضعت في زنزانة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، لم يراعوا أنني سيدة حامل، أمضيت فيها 30 يوما”.
وأكملت: “طلبت منهم فراشا وغطاءً، كوني سيدة حامل والبرد قارس، دون جدوى، لم يقدم لي الا القليل من الطعام”.
من عذاب المعتقل إلى عذاب اكتئاب مابعد الولادة
بعد 6 أشهر من الأسر، خرجت أنهار الديك بكفالة ووضعت تحت الإقامة الجبرية.
وضعت مولودها الجديد برفقة عائلتها، إلا أن شبح عذابات الأسر ظل يخيم على صحتها النفسية. فدخلت في حالةٍ شديدة من اكتئاب ما بعد الولادة، الذي كان من أسبابه المباشرة ما تعرضت له من تعذيبٍ جسدي ونفسي في المعتقل، وحالة الذعر والخوف التي أصابتها مخافة أن تلد في السجن.
ظلت أنهار تتعالج من الاكتئاب حتى وافتها المنية يوم 10 شباط/ فبراير الجاري، إثر سقوطها من سطح منزلها برام الله.
لم يدوّن الكثير عن معاناة الأسيرات ما بعد خروجهن، وكيف يخيم شبح التعذيب على حيواتهن. فقمع الاحتلال لا ينته بالخروج من السجن، بل تظل الذاكرة تزخر بصور القمع الذي تحفزه الحياة اليومية تحت الاستعمار.
نودع اليوم أنهار الديك التي انضمت لآلاف النساء الفلسطينيات اللواتي كانت حيواتهن، كما شواهد قبورهن، محاكم لهذا الكيان الإرهابي. ومحاكم أيضًا لكل من يتجاهل معاناة النساء الفلسطينيات مع استعمارٍ يستخدم في إجرامه كل الأساليب الأبوية الانتقامية.