النظام التونسي يلاحق الناشطات ضد العنصرية بسلاح السجن
اعتقال الناشطتين سنية الدهماني وشريفة الرياحي
تعرف تونس تزايدًا خطيرًا في القمع السياسي، واستخدام السجن ورقةً للانتقام من الآراء المعارضة لسياسات قيس سعيّد والنظام القائم بتونس. وذلك بعد شن هجماتٍ قمعية تمثلت في الاعتقال والاختطاف والاحتجاز دون محاكمة، بحق العديد من الناشطات/ين السياسيات/ين والحقوقيات/ين، وتحديدًا كل من تنتقد سياسات العنف ضد المهاجرين/ات التي ينتهجها النظام التونسي.
فبعد اعتقال الناشطة المناهضة للعنصرية سعدية مصباح الأسبوع الماضي، قامت السلطات التونسية باعتقال كل من المحامية سنية الدهماني والناشطة الحقوقية شريفة الرياحي.
View this post on Instagram
اختطاف سنية الدهماني والاعتداء على دار المحامي/ة
اقدمت عناصر أمنية تونسية ملثمة بالزي المدني بتاريخ 11 أيار/ مايو الجاري، على مداهمة دار المحامي/ة واختطاف المحامية والإعلامية سنية الدهماني، بطريقةٍ وحشية.
وكانت سنية تعتصم في دار المحامي/ة احتجاجًا على إصدار بطاقة جلب تعسفية بحقها، بعد أن قدمت مداخلة إعلامية علقت فيها على الانتهاكات وحملات التشهير ضد المهاجرين/ات، والجمعيات المعنية بقضايا الهجرة، وانتقدت فيها سياسات قيس سعيد.
وكانت سنية الدهماني قد تلقت الجمعة 10 أيار/مايو، استدعاءً للمثول أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في تونس، دون تحديد أسباب هذا الاستدعاء.
وأكدت الدهماني لوسائل إعلام محلية رفضها المثول أمام القضاء دون معرفة أسباب الاستدعاء، قبل أن يتم اعتقالها بشكلٍ تعسفي في اليوم التالي.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي رجال أمنٍ ملثّمين يدخلون مقرّ دار المحامي/ة، ويدفعون الموجودين/ات من محامين/ات وإعلاميين/ات بطريقةٍ عنيفة.
ونقلت وكالة رويترز أن “قوات الأمن اعتقلت صحفيّين شهدا اختطاف سنية الدهماني، وهما مراد الزغيدي وبرهان بسيّس من إذاعة “آي إف إم” الخاصة.
وقرر قاضي التحقيق 29 بالمحكمة الابتدائية بتونس اصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامية سنية الدهماني، دون تهمة سوى اعتراضها على سياسات النظام التونسي العنصرية ضد المهاجرين/ات.
وأكّد محامي سنية الدهماني سامي بن غازي يوم الإثنين 13 أيار/مايو الجاري بأنّه “لم يتم استنطاق المحامية سنية الدهماني، وأنّ قاضية التحقيق أصدرت بطاقة إيداع بالسجن في حق موكلته دون توفير الحد الأدنى للدفاع والمحاكمة العادلة”.
استنكارات حقوقية واسعة
من ناحيتها، أدانت الهيئة الوطنية للمحامين/ات ما اعتبرته “اقتحامًا لمقر الهيئة واعتداءً سافرًا”، مطالبة بإطلاق سراح المحامية سنية الدهماني فورًا.
واستنكر رئيس فرع الهيئة العروسي زقير “الاعتداء المادّي واللفظي على المحامين/ات والصحافيين/ات”، معلنًا “الدخول في إضراب في محاكم تونس العاصمة بداية من الإثنين 13 أيار/مايو الجاري”.
واعتبرت أحزاب القطب والعمال والتكتل من أجل العمل والحريات والتيار الديمقراطي (معارضة)، أن “اقتحام دار المحامي من قبل البوليس وصمة عار في تاريخ تونس”.
وقالت الأحزاب، في بيانٍ مشترك، صدر يوم الإثنين 13 أيار/مايو الجاري، إنه “لن يُنسى لهذه المنظومة جريمتها هذه، وستحاسب عليها طال الزمن أم قصر”.
وقالت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية في بيانها، إن البلاد “تعيش على مدى يومين على وقع أعتى درجات جنون السلطة وهذيانها، حيث طالت أيادي البوليس مجددًا أصواتًا حرة نددت بسياسات القمع والاستبداد لتجد نفسها محل تتبعات عدلية في نفس سياق السجن والاعتقالات الذي تؤسس عليه المنظومة توجهاتها ومشروعيتها الواهية”.
وتابعت أن “سلطة الانقلاب ارتأت في سابقةٍ خطيرة تدنيس دار المحامي/ة، واقتحامها لإخراج محامية وإعلامية اعتصمت داخلها احتجاجًا على التتبعات التي صدرت في حقها على خلفية تصريح قدمته في حصة تلفزيونية. ولم تكتف بذلك، بل تمادت لحد الاعتداء على المحامين/ات والمناضلين/ات المساندين/ات للاعتصام داخل دار المحامي وتهشيم جهاز التصوير لصحفيين/ات وجرهم للإيقاف دون أي موجب وفي ممارسة عنيفة كنا قد عهدناها من أجهزة البوليس وما زلنا”.
واعتبرت الأحزاب، في بيانها، أن “هذا الاعتداء على المحاماة قلعة النضال العظيمة هو اعتداء على كل المواطنين/ات وأمنهن/م وحقهن/م في الدفاع وفي المحاكمة العادلة وفي احترام كرامتهن/م البشرية”.
اعتقال شريفة الرياحي خلال إجازة الأمومة
وفي تواصل لسياق القمع الذي أعلنه قيس سعيد ضد كل من تنشط في حقوق المهاجرين/ات، قامت الشرطة التونسية بمداهمة “مركز الهجرة المختلطة في تونس”.
وبعد طرد جميع العاملين/ات في المركز، اعتقلت الشرطة بشكلٍ تعسفي الناشطة الحقوقية شريفة الرياحي، رئيسة منظمة “تونس أرض اللجوء”، وهي أم لرضيعة تبلغ من العمر شهرين، وفي إجازة أمومة للشهر الثاني.
وتعتبر شريفة إحدى أبرز الناشطات اللواتي يعملن لتحسين أوضاع المهاجرين/ات وتحديدًا النساء والحد من الانتهاكات الممنهجة ضدهن/م.
وقد أصدرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، بيانًا الجمعة 10 أيار/مايو الجاري، أكدت فيه أنّ “شريفة الرياحي تقبع منذ يومين في بوشوشة على ذمة التحقيق في تهم لا تزال غامضة، رغم أنها أمّ لطفلين إحداهما رضيعة لم تتجاوز الشهرين من عمرها، ومع ذلك وقع الاحتفاظ بها وهي في عطلة أمومة، دون مراعاة وضعها الصحي ودون اعتبار للمصلحة الفضلى للطفل في مثل هذه الحالات”.
وفي توضيح للسياق العنيف الذي ينتهجه النظام التونسي، تساءلت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إن كانت شريفة الرياحي “تدفع ضريبة انخراطها في العمل الجمعياتي والإنساني؟ لماذا لا يتم التحقيق معها وهي في حالة سراح؟ ما هو الخطر الذي تمثله على أمن البلاد حتى يتم الاحتفاظ بها”.
وقد عبّرت الجمعية في السياق نفسه، عن مساندتها اللا مشروطة لشريفة الرياحي.
وطالبت بإطلاق سراحها “حفظًا لكرامتها وحرمتها الجسدية ودفاعًا عن حق ابنتها في الرضاعة بعيدًا عن ظروف الإيقاف”، مؤكدة على ضرورة احترام حق النساء في أمومتهن والسعي إلى الحفاظ على حقوقهن في جميع الحالات”.
واعتبرت جمعية الديناميكية النسوية أنّ “شريفة الرياحي تعرضت لحملة تشهير واسعة في صفحات مشبوهة على خلفية نشاطها عملها في منظمة تعنى بحقوق اللاجئين/ات والمهاجرين/ات وتم الاحتفاظ بها 5 أيام على ذمة التحقيق”.