وفاة 16 فتاة عاملة غرقًا يكشف عن واقع الاستغلال في مصر
في حادثةٍ مفجعة، توفيت 16 فتاة غرقًا، تتراوح أعمارهن بين 16 و 20 عامًا، ويعملن بالأجرة اليومية في إحدى مزارع محافظة الجيزة، إثر سقوط الحافلة التي تقلهن للعمل أثناء توجهها نحو معدية (عبارة صغيرة) أبو غالب في منشأة القناطر.
وانتشلت قوات الدفاع المدني في مصر جثامين 11 فتاة، فيما فقدت 5 فتيات ونجت 7 منهن وأصيبت اثنتين.
مشاجرة أدت إلى الفاجعة
تعود تفاصيل الفاجعة، وفقًا لموقع “الحرة”، إلى صعود 25 فتاة لحافلة صغيرة (ميكروباص) في طريقهن إلى مكان عملهن بمزرعة في محافظة الجيزة.
وفي بيان النيابة العامة المصرية، فإن التحقيقات توصلت إلى أن “الحادث وقع لحظة وصول المعدية إلى المرسى بالناحية الغربية للرياح، حيث اهتزت -كما هو مألوف- لدى اصطدامها بموقع رسوها تمهيدًا للتوقف. وأثناء توجه الحافلة نحو المعدية تشاجر السائق مع شخص قبل صعودهن/م، ونزل بسرعة من الحافلة وتركها دون الضغط على المكابح، ورجعت الحافلة إلى الخلف. في حين لم يغلق المسؤول عن تشغيل العبارة بابها الحديدي الخلفي الذي يضمن عدم سقوط ما تحمله على سطحها، لتسقط الحافلة من ناحية المقدمة في مياه النيل”.
كما تبيّن من التحقيقات أيضًا “انتهاء رخصة تسيير المعدية منذ شهر آب/أغسطس من العام الماضي”.
وقال موقع قناة “صدى البلد” أنه أثناء توقف الحافلة أعلى العبارة، “خرجت منها 9 فتيات والسائق، وتوقفن/وا على المعدية لحين العبور للبر الثاني بنهر النيل، ثم فوجئن/وا جميعًا بسقوطها وبداخلها 16 فتاة”.
وأضاف شهود العيان، أن “الأهالي تمكنوا من انقاذ 6 فتيات من على متن الحافلة، بينما تم الاستعانة بالصيادين من أهالي المنطقة للبحث عن من غرقن قبل وصول فرق الإنقاذ”.
كما أفادت التحقيقات أن “حمولة الميكروباص كانت أكثر من العدد المسموح”. كما طلبت النيابة “إجراء تحليل مخدرات للسائق بمعرفة الطب الشرعي لبيان تعاطيه مواد مخدرة من عدمه، فضلًا عن التحفظ على السيارة التي انتشلت من المياه وفحصها من قبل خبير بالإدارة العامة للمرور لبيان حالة الفرامل”.
استهتار أم تحرش؟
بحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “المصري اليوم”، فإنه وفي تصريحات السائق أمام النيابة، قال أن “سيارته كانت محملة بـ25 فتاة من عمال اليومية بإحدى شركات تغليف الفواكه بمنطقة أبو غالب منشأة القناطر، قادمات من إحدى قرى مركز أشمون في المنوفية، وكان يعرف أغلبهن جيدًا”.
وأضاف السائق في التحقيقات أنه “وقبل أن ترسى المعدية التي تقل سيارته على الجانب الآخر من النيل، حدثت مشادة بينه وبين سائق “توكتوك” لتعديه بالسب على فتاة من مستقلي الميكروباص بعدما تحرش بها، ما اضطره للاشتباك معه بالأيدي”.
وكشف أن “سائق “التوكتوك” استعان بعددٍ من الشباب الآخرين الذين لم يكتفوا بالتعدي عليه، بل دفعوا الميكروباص بأيديهم عدة مرات، ما أدى إلى سقوطه في المياه وبداخله الركاب”.
وذكر السائق أن “هؤلاء الشباب قاموا بفعلتهم للثأر منه لتدخله ومناصرته للفتاة التي تحرش بها سائق “التوكتوك”، إذ قال له الأخير لاستفزازه وهو يتقدم نحوه مع أصدقائه: “هنوريك.. هم دول البنات اللي بتتحامى فيهم وتدافع عنهم، نوريك نعمل فيهم إيه”، وبعدها كانوا قد دفعوا السيارة بمن فيها في مياه نهر النيل”.
وأفاد السائق أن سقوط الميكروباص في المياه كان قبل الوصول بمسافة بسيطة جدًّا إلى الشاطئ الآخر.
وتابع “لما المعدية خبطت في الجسر قبل ما تتوقف، ساعد هذا في سقوط العربة”، نافيًا ما تردد عن تركه السيارة دون “رفع فرامل اليد”.
View this post on Instagram
عمالة الفتيات… استغلال ومآسي
سلط هذا الحادث الضوء على عمالة القاصرات/ين، والظروف الصعبة التي تعيشها الفتيات في ظل منظومة عمل طبقية واستغلالية، يتلقين فيها أجور زهيدة بينما يعملن لساعات طويلة دون تأمينات صحية أو ظروف آمنة تحديدًا منها يتعلق منها بالنقل والسلامة.
وتتقاضى الفتيات العاملات بالمزارع 120 جنيه (حوالي 2.5 دولار) مقابل العمل من الفجر حتى نهاية اليوم.
هذه الأجرة الزهيدة والاستغلال الوحشي لجهدهن وظروف النقل المأساوية، يعود لعدة أسباب منها أنهن ينحدرن من قرى مهمشة، ويتم استغلال صغر سنهن وظروفهن الطبقية.
حملة… شغلي الآمن أولوية
جدير بالذكر بأن عدد من المنظمات النسوية المصرية من بينها “جنوبية حرة”، كن قد أطلقن حملة “شغلي الآمن أولوية”، لتسليط الضوء على الانتهاكات والاستغلال والاعتداء الجنسي في أماكن العمل.
وطالبن في الحملة بتفعيل الإتفاقية رقم 190 لمنظمة العمل الدولية، الخاصة بالقضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل، وتفعيل الحماية اللازمة للعاملات/ين.