شبكة “أريج” تكشف عن آليات الاستهداف الممنهج للصحافة في غزة

نشرت مؤسسة أريج وشركاؤها، مشروعًا استقصائيًا، تتبع ظروف القتل الممنهج والاعتقالات والانتهاكات التي طالت الصحافيات/ين الفلسطينيات/ين في غزة.

المشروع الذي أخذ إعداده 4 أشهر حمل عنوان “مشروع غزة”، وساهم في العمل عليه 50 صحافي/ة يمثلن/ون 13 مؤسسة.

وإلى جانب رصد المشروع للانتهاكات والجرائم التي طالت الصحافيات/ين في غزة، وثّق أيضًا تدمير مقرات مؤسسات إعلامية، ورَصد المخاطر المستمرة على عمل الصحافيات/ين في الضفة الغربية المحتلة.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Arij Net Work (@arijnetwork)

خوذة ودرع في مواجهة الصواريخ

يتناول ملف “مشروع غزة” 6 تحقيقات تضمنت قضايا الاغتيال والانتهاكات وتدمير المباني والجرائم الممنهجة ضد الصحافيات/ات في غزة. أعدّتها كل من هدى عثمان، فراس الطويل، وفرج جلاد.

في تحقيقٍ حمل عنوان “ماذا تفعل خوذة ودرع في مواجهة الصواريخ!”، سلّطت أريج وشركاؤها الضوء على جعل غزة مقبرة جماعية تباد في صمت، واستهداف كل من يحاول أن ينقل الصورة الحقيقية للإبادة، والتي يقوم الاحتلال بجهد كبير من خلال حلفائه لتبريرها، مثل الادعاء أن قصف الصحافيات/ين رغم ارتدائهن/م لسترات الصحافة يعود لعملهن/م مع حماس.

كل هذه الجرائم التي شهدتها غزة، أسفرت عن أرقام قياسية وغير مسبوقة على مختلف المستويات. حيث سجل التحقيق أن “أقل الأرقام الموثقة تعد قياسية”، منها ما أحصته نقابة الصحافيات/ين الفلسطينيات/ين بأن الاحتلال قد “قتل 140 صحافي/ة وعامل/ة في مجال الإعلام، منذ بدء الحرب حتى تاريخ نشر التحقيق”.

وتعد هذه الفترة حسب لجنة حماية الصحافيين/ات الدولية CPJ الأكثر دموية بالنسبة للصحافيات/ين في العالم.

كما فاق عدد الصحافيات/ين اللواتي/الذين قتلن/وا على يد جيش الاحتلال الصهيوني حسب التحقيق جميع الصحافيين/ات الذين/ اللواتي “قتلن/وا أثناء الحرب العالمية الثانية؛ البالغ عددهم/ن 69 صحافي/ة خلال 6 سنوات، أو بـ 63 صحفي/ة قتلن/وا خلال 14 عامًا في حرب فيتنام”.

وحسب قائمة لجنة حماية الصحافيين/ات، “فإن 12 صحفي/ة فلسطيني/ة كن/ كانوا من بين القتلى. وقُتلت الغالبية العظمى من الصحافيين/ات (89 صحفي/ة) في غارات جوية. وبحسب تحليل البيانات، فقد قُتل/ت 56 صحفي/ة أثناء وجودهم/ن في منازلهم/ن، بينهم/ن 49 قُتلوا/ن مع أفراد من عائلاتهم/ن. فيما قُتل 16 صحفي/ن أثناء العمل”.

وبحسب تحليل شركاء شبكة “أريج” في منظمة “فوربيدن ستوريز”، “قصص محظورة”، “فإن 17 صحفي/ة وعامل/ة في مجال الإعلام قُتلوا/ن أو جُرحوا/ن أثناء ارتدائهم/ن سترات صحفية في غزة، أو الضفة الغربية أو جنوب لبنان. في حين قُتل أو جُرح 20 آخرون بطائرات مُسيّرة في غزة”.

الاحتلال يحول سترات الصحافة إلى إشارة خطر

رصد التحقيق شهادات لعدة صحافيين/ات في قطاع غزة حول تحويل الاحتلال الصهيوني الصحافة إلى خطر متحرك، حيث أصبح/ت الصحافيون/ات عرضة للقصف والاستهداف الممنهج.

في هذا الصدد، قال عشرات الصحفيين/ات، الذين قابلتهم/ن أريج، “إنهم/ن مستهدفون/ات. يخشى كثيرون منهم/ن ارتداء الدرع والخوذة. ليس هذا فحسب، بل أصبح الناس من حولهم/ن يخشون الاقتراب منهم/ن، خوفًا من أن يتمّ استهدافهم/ن أيضًا من قبل الجيش الإسرائيلي. بعضهم/ن لا يتمكن من استئجار منزل أو غرفة، أو الركوب في المواصلات -الصعبة أصلا- للسبب ذاته”.

استخدام التكنولوجيا للقتل

أوضح التحقيق بأن الاحتلال الصهيوني يقوم بقتل الصحافيات/ين في غزة بشكلٍ ممنهج من خلال تحديد هوياتهن/م بتكنولوجيا الطائرات المسيرة.

ونقل التحقيق إفادة خليل ديوان، وهو محامٍ وباحث في استخدام طائرات الدرون بجامعة لندن، والذي أكد أن جيش الاحتلال “يضرب أهدافه بدرجة عالية من المعرفة بهوية من يقتل”. وأضاف “أن الطائرات المُسيّرة تحدد أهدافها بدقة، استنادًا إلى معلومات يتمّ جمعها من الهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبث المباشر، وخاصية تحديد المواقع في حال كانت مفعلة على الهواتف”.

ويتفق 3 خبراء تحدث إليهم/ن معدو التقرير، على “أن الرؤية تكون واضحة بما يكفي، لكي يتمكن مُشغِّل الطائرة المُسيّرة من رؤية السترة الصحفية”.

ونقل تحقيق، حمل عنوان “شارة للموت: كيف تقتل المُسيّرات الإسرائيلية الصحافيين/ات في غزة”، أن طائرات الاحتلال المسيرة قتلت 20 صحافي/ة، منهم/ن سبعة كانوا يرتدون السترات الصحفية.

توثيق المجاعة والتعرض للموت

تضمن ملف “مشروع غزة” تحقيقًا للأخوان باسل ومؤمن خير الدين -وكلاهما صحافيان فلسطينيان- حول حادثة وقعت أثناء تغطيتهما الصحفية، كادت أن تودي بحياتهما. بعد أن كانا يوثقان انتشار المجاعة في شمال غزة، حيث حاصر الاحتلال مايزيد عن 300 ألف شخص يواجهن/ون نقصًا حادًّا في الطعام؛ “ما دفع عائلات كثيرة لجمع وأكل نبتة الخبيزة، التي نجت براعمها من الغارات الجوية على الحقول، فهي آخر وسيلة لديهم/ن للبقاء على قيد الحياة”.

ويوثق التقرير الاستهداف المباشر للأخوين الصحافيين أثناء تصويرهما لفيلم يتناول جمع نبات “الخبيزة” من سكان الشمال لمواجهة التجويع، تعرض الأخوان لاستهداف بصاروخين، نجيا منهما بأعجوبة.

“وعقب هذه الحادثة، اضطرا إلى تقليص تغطيتهما شمال القطاع؛ ليبدأ اتحاد فوربيدن ستوريز (قصص محظورة) وشركاؤه، بمواصلة عملهما، المتمثل في تغطية المجاعة التي تضرب شمال غزة”.

خسائر الصحافيات/ين عمر من الألم

غالباً ما يتم سرد الإحصائيات عن مقتل الصحافيات/ين لكن هناك معلومات أقل عن حجم الخسائر العاطفية والعائلية والمادية التي تكبدوها/تكبدنها وأصبحت ضريبة أخرى لعملهن/م على كشف جرائم الاحتلال الصهيوني.

في تحقيقها تمكّنت أريج من “جمع بيانات من 213 صحافي/ة في قطاع غزة“. وكشف الاستطلاع “أن 72 من أصل 213 مستجيبًا فقدن/وا أفرادًا من عائلاتهم/ن، من بينهم/ن 49 مستجيبًا فقدن/وا أقارب من الدرجة الأولى، في حين أن 11 شخصًا منهم/ن قد فقدن/وا واحدًا أو أكثر من أطفالهم/ن. خمسة صحفايين/ات فقد كل منهم/ن 40 فردًا من عائلته أو أكثر. وبلغ إجمالي عدد أفراد الأسرة (الصغيرة والكبيرة) الذين/ اللواتي فقدهم/ن جميع الصحافيين/ات المستجيبين/ات للاستطلاع، نحو 661 فردًا”.

كما رصد الاستطلاع الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها الصحافيات/ين في غزة، حيث تعرضت “الغالبية العظمى من الصحافيين/ات المُستطلَعين/ان 98% للنزوح. وحسب النتائج، فإن نصف الصحافيين/ات نزحن/وا خمس مرات أو أكثر، بينما نزح أربعة منهم/ن 20 مرة فأكثر.

وأظهر الاستطلاع أن نصف الصحافيين/ات تقريبًا (101 صحفي/ة) يعيشن/ون في خيام. ودُمرت منازل 183 صحافي/ة 86% بشكلٍ جزئي أو كلي. وفقد 195 منهم/ن معدات يستخدمونها في التغطية الصحفية، وفقد مئة من المُستطلَعين وظائفهم/ن.

استهداف مقرات الإعلام … القضاء على الحلم في غزة

أورد التحقيق أن نقابة الصحافيين/ات الفلسطينيين/ات أحصت تدمير الاحتلال ل 73 مكتبًا ومقرًّا إعلاميَّا -بشكلٍ كلي أو جزئي- في قطاع غزة.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Arij Net Work (@arijnetwork)


ووثّق تحقيق أريج وشركاؤها، كذب الاحتلال في واقعة “قصف مدفعي لمقر وكالة الصحافة الفرنسية بغزة، يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2023”.

كما حصلت أريج على “تسجيل مصور يوثق قصف مكتب ’المجموعة الإعلامية الفلسطينية’ في اليوم نفسه، علمًا بأن المكتبين كان لديهما كاميرات تبث صورًا مباشرة على مدار الساعة”.

كما نشرت المؤسسة تحقيقًا استقصائيًا تناول تدمير مؤسسة “بيت الصحافة” في شباط/فبراير 2024، وهي مؤسسة مدعومة من حكومات النرويج وسويسرا. وأرسل المانحين إحداثيات الموقع إلى جيش الاحتلال.

وقبل تدمير المقر في نهاية كانون الثاني/يناير 2024، أفاد مدير سابق ببيت الصحافة لأريج “أنه شاهد دبابة إسرائيلية وهي تطلق النار مباشرة على المبنى”.

بيت الصحافة يعتبر مؤسسة إعلامية مستقلة عملت خلال عقد من الزمن على تدريب الصحافيات/ين على العمل الصحفي وانتاج التقارير، ولم يتبق أي أثر له بعد التدمير الممنهج الذي ألحقه به الاحتلال وأسفر عن قتل مؤسسيه بلال جاد الله واثنين من رفاقه، والعديد من الصحافيات/ين اللواتي/الذين عملن/وا وتدربوا فيه.

استخدام الرصاص ضد طاقم تلفزيون العربي في الضفة الغربية

كشف تحقيق أريج وشركاؤها عن استهداف طاقم تلفزيون العربي في الضفة الغربية.

ونشر التقرير أدلة دامغة على الاستهداف المتعمد لمراسل القناة عميد شحادة (36 عامًا) والمصور ربيع المنير (42 عامًا) من قبل قوات الاحتلال في طولكرم، بالاعتماد على تحليل شظايا عُثر عليها داخل الكاميرا، وشهود عيان وخبراء، وتحليل أدلة مصورة (نحو 60 مقطع فيديو، بما في ذلك لقطات حصرية).

وتعرض الصحافيان لإطلاق نار من قوات الاحتلال، أعلى تلة متوسطة الانحدار؛ أثناء قيامهما بتغطية صحفية.

وكشف التقرير أنه وعلى “الرغم من هويتهما الصحفية الواضحة -المتمثلة في السترات الصحفية، والخوذات، وحوامل الكاميرا، والكاميرا، والميكروفون- فإن ذلك لم يكن سببًا كافيًا لحمايتهما”.

وأضاف أن قوات الاحتلال أطلقت “ما لا يقل عن ثلاث رصاصات صوب الصحافييْن، أصابت اثنتان منها الكاميرا، التي كانت -وفق شحادة- على بعد نصف متر منه تقريبًا، بينما لم تكن تبعد عن المنير أكثر من 30 سنتيمترًا”.

بالإضافة إلى التحقيقات التي نشرتها أريج وشركاؤها يتضمن المشروع أيضًا “مجموعة تقارير أنجزتها منظمة “فور بدين ستوريز”، سعت إلى استكمال قصص لم يستطع الصحافيون إتمامها لأسباب مختلفة”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد