المتحرش حيدر الحسيني في قبضة القوة الأمنية

توقيف بعد سنوات من الاحتيال والاستغلال

بعد سنواتٍ من استغلاله للحاجة المعيشية والوظيفية، ورغم الشهادات الكثيرة التي كشفت أساليب الاحتيال والاستغلال التي انتهجها على مدى أكثر من خمس سنوات، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بلاغًا عمّمت فيه صورة المدعو حيدر الحسيني (مواليد 1981)، بعد توقيفه بجرائم احتيال.

وقد أوقفت مفرزة الضاحية الجنوبية القضائية المتحرّش المهووس، المتهم بسلسلة طويلة من قضايا الاحتيال، والنصب، وانتحال صفة صحافي، إضافةً إلى الابتزاز الجنسي.

بلاغ قوى الأمن الداخلي: هل وقعت/ي ضحيّته؟

جاء في نص البلاغ:

“انتشر مؤخرًا عبر وسائل الإعلام تسجيل يُظهر أحد الأشخاص وهو يوهم ضحاياه بقدرته على تأمين وظائف لهم ضمن منظمات دولية، مقابل تحويل مبالغ مالية تتراوح بين 60 و300 دولار أميركي عبر مراكز تحويل الأموال. وكان يعدهم بالحصول على عمل براتب شهري يبلغ 800 دولار خلال مهلة أقصاها يومان، ثم يعمد إلى حظرهم بعد استلام المبلغ”.

ونتيجة المتابعة والتحريات المكثّفة، تمكّنت مفرزة الضاحية الجنوبية القضائية في وحدة الشرطة القضائية من توقيفه، ويدعى: ح. ح. (مواليد عام 1981، لبناني).

وتابع البيان: “بالتحقيق معه، اعترف بقيامه بعمليات احتيالية منذ نحو عامين، وانتحاله صفة موظف رسمي في وزارة المالية. وخلال مداهمة مكان إقامته، ضُبطت عدة هواتف خلوية كان يستخدمها للتواصل مع ضحاياه، بالإضافة إلى جهاز حاسوب يُعدّ من خلاله مستندات مزورة توهمهم/ن بأنها صادرة عن منظمات دولية. كما عُثر ضمن الحاسوب على مقاطع مصوّرة ذات طابع فاضح، تعود لإحدى الضحايا، قام بتصويرها دون علمها أو موافقتها”.

وأضاف: “لذلك، وبناءً على إشارة القضاء المختصّ، تُعمّم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي صورته، وتطلب من الذين وقعن/وا ضحيّة أعماله، الحضور إلى مركز المفرزة المذكورة الكائن في محلّة الاوزاعي، ثكنة الشهيد مصطفى علي حسن، أو الاتّصال على الرقم: 451162-01 تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونيّة اللّازمة”.

وظائف وهمية مقابل المال والجنس

وفق البلاغ، يحتفظ المعتدي حيدر الحسيني بمقاطع مصوّرة تعود لإحدى الناجيات، جرى تصويرها من دون علمها أو موافقتها.

واقعٌ ما كان ليحدث لو أن الشهادات المتكررة حول استغلاله الجنسي للنساء، قد أُخذت على محمل الجد.

 فإعلاناته المفضوحة، التي لطالما كانت محط شكٍ وريبة، والشهادة الشجاعة للصحافية اللبنانية رانيا حمزة حول اشتراطه “الخبرة الجنسية” لقبول التوظيف، وفضائح التزوير السابق التي ارتكبها، كلها لم تكن أسباب كافية لتحرك القوى الأمن الداخلي وتوقيفه.

تاريخ حافل بالانتهاكات

عام ٢٠٢٢ وثقت الصحافية اللبنانية رانيا حمزة محاولاته استدراجها واستغلال موقعه الوهمي للتباهي ببطولات جنسية “مقززة”، على حد وصفها، ما تجاهلته القوى الأمنية حينها.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Rania Hamzeh (@rania.hamzehh)

وفي العام نفسه، وصفته ناجية أخرى بالـ”نصاب الذي يدّعي أنه يملك مكتب توظيف”، مستغربة من كونه “مازال حرًّا رغم أن كثرين/كثيرات وقعن/وا ضحيةً له”.

كما تحدث/ت ناشطون/ات لبنانيون/ات، عام 2021، عن توقيف الصحافي حيدر الحسيني في مطار بيروت أثناء مغادرته إلى تركيا، بناءً على شكوى رجل الأعمال سيرج الحويك.

وتداول/ت ناشطون/ات عبر تويتر أن “الأمن العام اللبناني أوقف الحسيني في مطار بيروت، وحقق معه بعشرات الشكاوى القضائية بالنصب والاحتيال والاستغلال الجنسي للنساء”، بحسب مصادر صحفية لبنانية.

علاوةً على ذلك، سبق أن فُضح “الإعلامي” المذكور في قضية تزوير بطاقات صحفية لاستخدامها في التجوال خلال فترة الحجر الصحي عام 2020.

كما وثّقت ناشطات، مثل سارة شيخ علي، إعلانات توظيف وهمية كان ينشرها عبر شركات وهمية مثل “ستار كور”، مقابل مبالغ مالية ووعود كاذبة. ورغم الشكاوى المتكررة، كان ينجو من المحاسبة ليستأنف نشاطاته الاحتيالية.

لفترةٍ طويلة، ومن دون أي تحرّك أمني فعلي رغم الشهادات المتكررة، كان حيدر الحسيني يستغلّ ضحاياه ويوهمهن بقدرته على تأمين فرص عمل صحافية، متلطّيًا خلف صفة “امتلاك مواقع إخبارية”، ليمارس من خلالها جرائم الاستغلال والتحرش الجنسي بحق زميلات وطالبات جامعيات في مجال الإعلام.

ورغم الدعوات الحقوقية المتكرّرة للأجهزة الأمنية والسلطات القضائية إلى التحرّك الفوري واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، بقي الحسيني طليقًا، وسط صمتٍ مريب وتجاهلٍ فاضح.

مسؤولية مضاعفة على الدولة

توقيف الحسيني اليوم يمثّل خطوة متأخرة في مسار طويل من التغاضي والتساهل. فسنوات من الشهادات العلنية، والتحذيرات الصحفية والحقوقية، لم تدفع الأجهزة المعنية إلى التحرك الجدي. وهو ما يثير أسئلة حول شبكة الحماية التي سهّلت له استغلال النساء والشباب دون رادع.

اليوم، وبعد توقيفه، يفتح هذا الملف الباب واسعًا أمام ضرورة محاسبة كل من سهّل له جرائمه وتجاهل أصوات الناجيات، وضرورة الاستماع إلى ضحاياه اللواتي طال صبرهنّ في انتظار العدالة.

ويبقى السؤال: هل يشكّل هذا التوقيف نهاية لمسار الإفلات من العقاب، أم مجرّد محطة مؤقتة قبل أن يعود المتهم لاستغلال ثغرات الدولة كما فعل في السابق؟

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد