ناشطة سعودية تواجه حكماً بالإعدام وسط صمت عالمي فاضح

21 نوفمبر 2018. هو موعد جلسة المحاكمة الثالثة للناشطة الحقوقية السعودية إسراء الغمغام، التي تواجه حكماً بالإعدام.

على الرغم من أن نشاطها حقوقي غير عنيف، إلا أن النيابة العامة طالبت في جلسات سابقة، بإعدام الغمغام وزوجها موسى الهاشم، و4 نشطاء آخرين. هذه المجموعة تحاكم، بعد ثلاث سنوات من الاعتقال، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، التي تتولى قضايا “الإرهاب”، باتهامات مرتبطة بمشاركتهم في احتجاجات تطالب بـ”حقوق الشيعة” في محافظة الشرقية.

النيابة العامة طالبت في جلسات سابقة، بإعدام الغمغام وزوجها موسى الهاشم

من هي إسراء الغمغام

ولدت إسراء الغمغام عام 1990. تنحدر من منطقة القطيف، الواقعة شرق المملكة. وهي منطقة شهدت أنشطة وتحركات شعبية، وتظاهرات احتجاجية، منذ شباط/فبراير 2011.

وسط هذا الحراك، الذي سمّي “حراك القطيف”، تشكّل وعي الشابة إسراء، فأصبحت فاعلة في هذه التحركات. شاركت في الأنشطة والتظاهرات، وقامت بنشر صور ومقاطع فيديو عنها على وسائل التواصل الاجتماعي.

في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2015، اقتحم “زوار الفجر” منزل إسراء وزوجها، واقتادوهما إلى وجهة لم تكن معروفة في البداية.

الباحثة المقيمة في مركز حقوق الإنسان و العدالة العالمية/كلية القانون/جامعة نيويورك، د. هالة الدوسري، تؤكد، في حديث لموقع “شريكة ولكن”، أن “اعتقال إسراء جاء على خلفية مشاركتها في التظاهرات السلمية للمواطنين الشيعة لمنع التمييز ضدهم”.

هل يؤدي النشاط الحقوقي إلى الإعدام؟

يؤكد الحقوقيون أنه في المملكة نعم، قد تؤدي المشاركة في احتجاج إلى الإعدام. يستند هؤلاء على وقائع وليس تقديرات، لتبرير تخوفهم من مطلب النيابة العامة الأخير، الذي يجعل الغمغام أول ناشطة امرأة، قد تواجه الإعدام بسبب عملها الحقوقي.

والنيابة في طلبها الإعدام، استندت إلى “مبدأ التعزير في الشريعة”، وهو يعني أن للقاضي حرية التصرف في تسمية الجريمة وحكمها. يحدث ذلك في ظل غياب قانون عقوبات مكتوب، أو تعليمات واضحة. ما يعني، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، أنه “يمكن للقضاة والمدعين العامين في السعودية أن يخترعوا جنايات وأن يجرّموا مجموعة واسعة من الأفعال تحت فئات شاملة”.

سبب هذا القلق على حياة إسراء، فسّرته الدوسري بوجود “سوابق للقضاء السعودي، إذ تم إصدار أحكام بالإعدام من قبل على قصّر و نشطاء شيعة، لمشاركتهم في التظاهر، وهو ممنوع في المملكة”.

فالمحكمة الجزائية المتخصصة، التي أنشئت عام 2008 لتنظر في قضايا “الإرهاب”، حكمت عام 2014، بإعدام 8 نشطاء شيعة، منهم رجل الدين البارز الشيخ نمر النمر، بسبب دورهم في التظاهرات في المنطقة الشرقية. ثم على 14 آخرين عام 2016 للمشاركة في الاحتجاجات.

حملة ممنهجة على المدافعات عن حقوق الإنسان

هذه السابقة الخطيرة، في حال حكم على إسراء بالإعدام، تهدّد حياة الناشطات الأخريات اللواتي يقبعن حالياً في السجن منذ حملة الاعتقالات الواسعة في أيار/مايو الماضي.

تقول الدوسري، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، إن “الاعتقالات، ذات الطبيعة الممنهجة و الواسعة، بدأت منذ تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد العام الماضي. إذ تم اعتقال عدد كبير من الدعاة و المفكرين و الكتاب والإعلاميين في أيلول/سبتمبر، تحت غطاء الانتماء للإخوان المسلمين. ثم نفذت بعدها حملة اعتقال في تشرين الثاني/نوفمبر لمسؤولين في الدولة ورجال أعمال و أمراء، تحت غطاء مكافحة الإرهاب. لتأتي حملة اعتقالات ناشطات حقوق المرأة، تحت غطاء العمالة لدول أجنبية بداية من أيار/مايو العام الحالي”.

تم اعتقال عدد كبير من الدعاة و المفكرين و الكتاب والإعلاميين في أيلول/سبتمبر، تحت غطاء الانتماء للإخوان المسلمين

حين استلم منصبه، أكد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أنه سيجري إصلاحات، وسيعطي المرأة السعودية حقوقاً أكثر. لكن الحق في قيادة السيارة ليس إلا جزءاً بسيطاً من المحظورات التي تعيق حياة النساء في المملكة. عام 2018، حين أجاز النظام للسعوديات القيادة، اعتقل الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان.

المفارقة تبدو واضحة حين نعرف أن المعتقلات، كن أول من حاربن وناضلن من أجل هذا الحق، ودفعن في المقابل أثماناً باهظة. سمر بدوي، نسيمة السادة، لجين الهذلول، هاتون الفاسي، إيمان النفجان وغيرهن كثيرات يقبعن في زنازين النظام اليوم بانتظار محاكمتهن.

لم يكتف النظام باعتقالهن. أشارت الدوسري إلى أن هناك “حملة ممنهجة في إعلام الدولة لتشويه الناشطات بأسمائهن و نشر صورهن مرفقة بعلامة الخيانة. و ذلك قبل التحقيق معهن أو محاكمتهن”.

وفي ظل تعتيم تام على ظروف اعتقالهن، تحدثت الدوسري عن “وضع الناشطات و النشطاء المعتقلين في حبس انفرادي لشهور عدة، ولم يسمح لهن بالتواصل مع ذويهن سوى مرة شهرياً، وذلك بعد عدة شهور. و لم يتح لهن حتى الآن الحصول على تمثيل قانوني خلال التحقيقات أو الاعتقال”.

واعتبرت الدوسري أن “هذه الحملات تستهدف إسكات الأصوات المستقلة داخل البلد، وذلك دعماً لحملة البروباغندا الإعلامية التي تديرها السلطة”.

ماذا بعد الاعتقال؟

“لا يمكن توقع تبعات الاعتقال نظراً لشراسة النظام الحالي في استهداف أي صوت مستقل. أيضا لعدم وجود قوة شعبية أو دولية تحاسب السلطة على استغلال القوة أو الإفراط في استخدام العنف”.

تقود النساء في السعودية معركة شرسة للحصول على المساواة والحق في حرية الرأي والتعبير، وحرية المرأة في تقرير مصيرها. وتحارب الدولة هذا النشاط بكل ما أوتيت من قوة  لتحتل المملكة المركز الخامس كأخطر مكان يمكن للمرأة أن تتواجد فيه، بحسب تقرير عام 2018، لمنظمة تومسون رويترز.

الكاتبة: منى حمدان

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد